الجزائر – ربيعة خريس
يعيش الهيكل المعارض للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والمعروف في الساحة الإعلامية والسياسية في الجزائر، بهيئة التشاور والمتابعة، التي تضم أكبر الأحزاب السياسية المعارضة، على وقع صراع كبير. وقسمت وثيقة "مزافران"، التي انبثقت عن أول اجتماع جمع شمل أطياف المعارضة الجزائرية، بعد 20 عامًا من اجتماع "سانت ايجيديو"، الذي انعقد عام 1995 وسمي " باتفاق روما "، ويطلق عليه "اتفاق المصالحة"، قيادات المعارضة المنضوية تحت لواء هيئة التشاور.
ويرى تيار المشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها في الرابع من مايو / آيار المقبل، ممثلا في حركة مجتمع السلم والنهضة وجبهة العدالة والتنمية والتجمع، من أجل الثقافة والديمقراطية، أن وثيقة "مزافران"، ليس فيها ما يدعو إلى المقاطعة، بينما يواصل التيار الذي أعلن عن مقاطعة التشريعيات المقبلة على توجيه الاتهامات لغريمه في الهيئة، ويرى أن الانتخابات البرلمانية المقبلة، أماطت اللثام عن المعارضة الحقيقة والموسمية.
واصطفت الأحزاب الإسلامية التي أعلنت عن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إلى جانب منتقدي دعاة المقاطعة، فبعد التشكيلات السياسية المحسوبة على السلطة في الجزائر ووزارة الاتصال، التي منعت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة من فتح فضاءاتها للمقاطعين للتعبير عن خيارهم، وجهت أحزاب وشخصيات إسلامية سهامها نحوها، بحجة أن المقاطعة تساهم في عملية تزوير الانتخابات المقبلة.
ووجه مرشح الاتحاد الإسلامي، في محافظة الجزائر العاصمة، الذي يضم ثلاثة تشكيلات إسلامية هي كل من حركة الإصلاح وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية، حسن لعريبي، انتقادات لاذعة للمقاطعين، واعتبر في بيان له، أن خطوتهم تبين مدى ضعف المتهم على تحقيق نتائج إيجابية خلال الانتخابات المقبلة. وخاطبهم المتحدث بلغة صريحة وواضحة، قائلًا إن مهمتهم ترتكز على التشويش، بايعاز من قوى خفية حاقدة لها نفوذ وكلمة نافذة لدى أصحاب القرار.
وتابع لعريبي قائلًا "للمقاطع وجود شعبي وصلة بالمجتمع، ولكنه قاطع للمبررات التي اقتنع بها، أما المقطوع فلا صلة له بالمجتمع ولا بالتراث، فهو كائن غريب يريد أن يحدث كينونة جديدة في بيئة غير بيئته كالشيوعيين وغلاة العلمانيين، وهم الذين دسهم المخطط الصهيوديغولي في النظام والمجتمع منذ الثورة، وكان لهم القول الفصل بعد 19 مارس / آذار 1962 ".
و قدم القيادي البارز في جبهة العدالة والتنمية جملة من المبررات، التي تعتمدها هذه الفئة في حجتها للمقاطعة، وأوضح، أن المقاطعين فقد رأوا من خلال العهود السابقة بعد المجلس الانتقالي من 1997 إلى 2017 أن البرلمان أوجدته السلطة فقط لتمرير مشاريعها "الظالمة" للمجتمع والمصادقة عليها بمنطق الأغلبية، وإيهام الرأي العام الدولي أن المعارضة لا ارتباط لها بالشعب وأنها هي صاحبة الأغلبية، وذلك بممارسة التزوير في كل استحقاق، إلى جانب تمرير القوانين الطاعنة، في كيان الأمة وشرفها كقانون الأسرة، والمصادقة عليها بالأغلبية المنبثقة عن التزوير.
واتهم رئيس حزب الجيل الجديد، سفيان جيلالي الذي أعلن عن مقاطعة الانتخابات المقبلة، رفقة رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، بالانقلاب على المعارضة وبيعها في السوق النحاسية، وأعلن عن استحالة مواصلة العمل السياسي مع المعارضين الذين أعلنوا عن مشاركتهم".
ورد عبد الرزاق مقري على اتهامات هذا الأخير، قائلًا إن تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، لم تلزم أيّ طرف باتخاذ موقف معين من الانتخابات، وكان الاتفاق مسبقا بين الجميع على ترك حرية المشاركة والمقاطعة لكل مكونات الهيئة". وجدّد رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري تمسكه بأرضية مزافران، ومضمونها، والذي قال إنها وثيقة ستبقى صالحة لما بعد الاستحقاقات المقبلة، في رسالة للمشككين في نزاهة أعضاء تكتل المعارضة، ومروجي فكرة أن هيئة التشاور والمتابعة انتهت صلاحيتها، مؤكدًا أن أعضاءها على وفاق وكلمة واحدة.
وكشف ذات المتحدث أن أوفياء مزافران طووا بصفة نهائية صفحة هيئة التشاور والمتابعة وأن من قرروا ترك تكتل المعارضة، لا ينتهجون سياسية البكاء على الأطلال بعد أن أماطت التشريعيات المقبلة اللثام عن المعارضة الحقيقية والموسمية، منها وقرروا الاستمرار في النضال بعيدا عن هيئة التشاور والمتابعة.