الرباط - المغرب اليوم
مع إعلان التحالف الثلاثي ” الاحرار.البام .الاستقلال” وضعت حكومة أخنوش أسس اشتغالها بمنطق ماكرو إقتصادي بدون حزب الاتحاد الاشتراكي للمرحلة بين 2021 و2026 قد يصل إلى مرحلة تمتد ربما الى حدود عام 2031.كما وضع الخطاب الملكي في البرلمان، الخطوط العريضة للاشتغال، بعد تعيين رئيس وأعضاء في لجنة النموذج التنموي ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سابقا و بروفايلات تقنية وعلمية وتعيين رجل أعمال ناجح على رأس هذه الحكومة يؤكد حاجات وتحديات المرحلة.
– رهانات حكومة أخنوش
جاءت حكومة أخنوش في مرحلة بدأ المغرب يخرج تدريجيا من تداعيات وباء كورونا، يقابله وجود تحدي اقتصادي أساسه رفع نسبة النمو الى نسبة معقولة، ومطالب بتأمين الأمن الغذائي والمائي والطاقي لتعزيز السيادة الوطنية بمدلولها الدقيق، أي توظيف الثروات الطاقية والمائية والغذائية لتحسين الموقع السياسي والتفاوضي الدولي حول السيادة الوطنية وتصفية آثار الاستعمار خصوصا تجاه المستعمرين الكلاسيكيين للمغرب.
ADVERTISING
المقدرات الكبيرة لمشروع الطاقات المتجددة والذي استثمر فيه الملك جهدا كبيرا سيكون طريقا ملكيا بين المغرب والمملكة المتحدة، ويحتاج متابعة ومواكبة خاصة من الجهاز التنفيذي على مستوى وزارة التحول الطاقي التي تم إحداثها في الهندسة الحكومية الجديدة وإسنادها لخبيرة في التخصص.
كما أن الأمن المائي والغذائي سيكون ورشا كبيرا وسيوظف لخدمة السيادة الوطنية عبر بوابة تأهيل الزراعات في مناطق الصحراء و تحويل مياه البحر إلى مياه سقي وشرب، وعبر تنويع الشركاء والزبناء الدوليين في هذا الموضوع.
كما شكل التعاون الاقتصادي بين المغرب واسرائيل وخبراتها في المجال، سيكون حاسما لربح هذا الرهان البنيوي والاقتصادي وسيكون تنفيذا تقنيا لاتفاقات المغرب السياسية والتي أفضت مبكرا إلى اعتراف أمريكي كامل بسيادة المملكة المغربية على الصحراء.
وبدون شك هناك وعي لرئيس الحكومة وأصدقائه من كبار رجال الأعمال، واستنادا إلى خبراتهم المتراكمة في تدبير كبريات المقاولات، بأن تغيير الموديل الاقتصادي الكلاسيكي إلى موديل دينامي يرتكز على الأداء والفعالية وإلى التسويق الرقمي هو ضرورة اقتصادية منتجة وأن هذا هو الوقت المناسب لبداية تطبيقه.
هذا رهان مشروع وربما التسويغ الاقتصادي الكينزي الذي يستند إليه، والذي يجعل من الأزمات الاقتصادية فرصة لتعديل نظم الإنتاج وقوانين التجارة وكيفيات السوق، تسويغ مناسب للمرحلة، وقد يكون فعليا فرصة حقيقية للانتقال إلى اقتصاد دينامي تنافسي وربحي موفر للثروة ولفرص الشغل.
– التعليم في صلب الاولويات
يشكل التعليم أهم إنشغال حكومة أخنوش، وسيكون هذا القطاع مدعو من أي وقت مضى الى ضرورة التحول في منهجيته لتطوير الكفايات والمهارات بشكل يسهم مباشرة في تقوية اقتصاد المعرفة المنتج للثروات والابداع.
وفي نفس السياق، بدأ الوزير ” التكنوقراط” في حكومة أخنوش، شكيب بنموسى، في العمل في مخطط الاصلاح، وذلك باحداث ثانويات للتكوين الرياضي وثانويات للفنون الجميلة، وسيرتكز التعليم الأولي على تعليم المهارات في تجاوز للبيداغوجيا المعيبة لتعليم الكفايات عبر التلقين والحفظ، كما أن الاخير عقد اجتماعات مع التمثيليات النقابية من أجل تصور مشترك.
– الثقافة وتثمين الموروث
من المؤكد أن وزير الثقافة ، سيقوم بجهد كبير بالاستثمار في التراث اللامادي بهدف تحويله إلى ثروات مباشرة.
– تحديات حكومة التحالف الثلاثي
في المستوى الأول لن تكون هناك مشكلات او انشقاقات في حكومة أخنوش ، فالرعاية الملكية دائمة ومستمرة وبالتالي سيتم في الغالب تحقيق أهداف السيادة الوطنية وسيحقق المغرب مزيدا من التحرر الاقتصادي ثم السياسي ثم الثقافي في علاقة بمستعمريه السابقين، وسنكون خطونا خطوة عملاقية في اتجاه بناء “الدولة الوطنية”، ولعل الخطاب الملكي في ذكرى المسيرة الخضراء حمل إشارات قوية بهذا الخصوص.في المستوى الثاني والموكول حصريا للحكومة لن يكون الأمر سهلا رغم جهود الحكومة، وذلك للأسباب التالية:
ستجد فلسفة الاقتصاد الدينامي والمجتمع الدينامي، نفسها في مواجهة ذهنية الانتاج وذهنية الجماعة.اذ المعلوم أن فلسفة تنجح في مجتمع الفرد المتحرر من كل اشكال الولاءات للجماعة والمقدم على المبادرة والمنافسة وعلى الاستهلاك، والمؤكد أن المجتمع المغربي ونمط انتاجه واستهلاكه ونوع الرابط الاجتماعي وأنواع الولاء فيه هي تقليدية جدا وغير مستعدة غالبا لهذا النوع من التغيير والدينامية، وستكون مجازفة غير مضمونة النتائج.
سنعيش بدون شك أشكالا متواترة من المقاومة الذهنية أولا في أماكن العمل والانتاج وثانيا في مستوى استهلاك القيم، ويبدو في هذا الباب أن الاجتهادات التي قدمها خبراء في لجنة النموذج التنموي كانت نظرية وغير مشتبكة بحقيقة المجتمع المغربي وستكون عائقا كبيرا امام تنزيل طموح التنمية عبر مشاريع الحكومة.
ستتعرض الحكومة لمزيد من المقاومة من ممثلي العمال والأجراء وموظفي الدولة لأن نظام الأداء عن المردودية عوضا عن الأجر سيتم رفضه وسيجر موجة رفض غاضبة وواسعة لأنه سيمس التوازن الوظيفي والتوازن الأسري، ولن يكون حال الحكومة الحالية أحسن من الحكومة السابقة.
صحيح ستستفيد هذه الحكومة من حزب الاستقلال والتجمع في الحكومة وستكون المركزيات النقابية قريبة من مشاريع الحكومة، وقد تستفيد من الغطاء السياسي لحزب الاصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا،وقد تستفيد (الحكومة) كذلك من ضعف نقابات اليسار وتراجع قدرتها على التعبئة،
ولكن، وهذا مؤكد ما تم معاينته بعد 100 يوم من التنصيب الحكومي، ستتعرض الحكومة لكثير من المقاومة، من ضمنها استمرار أزمة الزيادات في المواد الغذائية وغلاء المعيشة و عدم تحرك الاجور وازمة جواز التلقيح.
– كيف تصرفت حكومة أخنوش ؟
من خلال مجريات الأحداث نجح رئيس الحكومة الى حد ما في ضبط سلطة الإعلام، كما نجحت الخبرة القانونية لقائد البام في تخفيف الاحتجاج المؤسساتي والشعبي بشكل متوسط، كما ساهمت الخبرة التحليلية والتركيبية لقائد الاستقلال في توفير الفتاوى التقنية لحكومة أخنوش.
– مسؤولية أحزاب اليسار في المعارضة
من المؤكد أن أحزاب اليسار المتواجدة في المعارضة وعلى رأسهم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مطلوب منها ان تلعب دورا أساسيا جدا في ملء الشق الثاني في الفضاء العمومي والتعبير الحقيقي عنه لإنجاح المرحلة.و مراقبة و تقويم فلسفة المرحلة (النموذج التنموي والبرنامج الحكومي) والتي تتكفل الحكومة بتنفيذها. مع حفظ وحماية المشروع المجتمعي والسياسي الاحتياطي وإعداده للمرحلة 2026- 2031.
كما مطالبة باستقراء توجهات الرأي العام في مواجهة خطط الحكومة وفهمها وإعداد تعبير مناسب عنها بشك يهيئه نفسيا وانتخابيا للمرحلة المقبلة.مجموعة من أحزاب اليسار ومن ضمنها الاتحاد الاشتراكي مقبلة على مؤتمراتها، وهو ما يسير في اتجاه أن تتوفر المعارضة البرلمانية والسياسية والاقتصادية والثقافية لخبرات و طاقات جديدة كفؤة و متشربة لفكرة ولفلسفة اليسار .
قد يهمك ايضا:
عمر بلافريج يتشبث باتهاماته بحق المهدي بنسعيد
"الأصالة والمعاصرة" يعلن إنهاء انتخاب المجلس الوطني لشبيبة الحزب