تونس - المغرب اليوم
اندلعت احتجاجات غاضبة في بلدة جلمة التابعة لمحافظة سيدي بوزيد وسط تونس، حيث توفي شاب بعد أن أضرم النار في جسده، وذلك للتنديد بحالة الفقر واليأس والتهميش التي تعاني منها المنطقة. ونهاية الأسبوع الماضي، أقدم الشاب عبدالوهاب الحبلاني (25 عامًا) على وضع حدّ لحياته بعدما أضرم النار في جسمه، احتجاجاً على البطالة والفقر وغياب مورد رزق لعائلته، في حادثة تلتها احتجاجات غاضبة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة في المنطقة وغياب التنمية وارتفاع نسب البطالة بين الشباب. واعتبر المحتجون أن السلطات فشلت في تحسين المستوى المعيشي للسكان وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وكان الحبلاني يعمل بشكل غير منتظم وكان يطالب بتحسين وضعه الاجتماعي في جلمة المحاذية، لمدينة سيدي بوزيد، مسقط رأس البوعزيزي، حيث تعاني الولاية من استمرار التهميش بعد تسع سنوات من الثورة، التي تفجرت من هناك على الفقر والبطالة والفساد. وشهدت البلدة ليلة الثلاثاء حالة من الغليان والاحتقان، تحوّلت إلى مواجهات عنيفة بين الأهالي ورجال الشرطة، إذ خرج عدد من المحتجيّن وقاموا بإغلاق الشوارع وإحراق الإطارات المطاطية، بينما أطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم. وتشير التوقعات إلى توسع الاحتجاجات نحو مناطق قريبة.وقال بلال الحرزلي أحد سكان جلمة:"الوضع صعب هنا. الشرطة تستعرض عضلاتها وتطلق الغاز المسيل للدموع في كل مكان"، وأضاف "المشهد يعيد إلى الأذهان أيام الثورة. الناس غاضبون بسبب قلة التنمية والإجابة الأمنية القوية". وقوبلت هذه الاحتجاجات والوضع المتوّتر، بصمت من السلطات، بينما تحدّثت مصادر من المنطقة عن اعتقالات طالت عشرات من المحتجين وإصابات في صفوف آخرين.
وفي هذا السياق، قال النائب بالبرلمان عن جهة سيدي بوزيد، بدرالدين قمودي، إن الاحتجاجات التي لا تزال متواصلة، قوبلت "بردّة فعل عنيفة" من قبل الشرطة، التي اعتقلت عشرات المحتجين، وداهمت المنازل والمحلات التجارية والمقاهي وقامت بتخريب محتوياتها، كما تحدّث عن وقوع إصابات نتيجة الاستعمال المكثّف والعشوائي للغاز المسيل للدموع. وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان حادثة محمد البوعزيزي، حين أحرق نفسه في الـ17 من ديسمبر/كانون الأول 2010 في محافظة سيدي بوزيد، احتجاجاً على مصادرة الشرطة بضاعته، وهي الواقعة التي أدت إلى انتفاضة شعبية انتهت بالإطاحة بنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011. وبعد أكثر من 9 سنوات، يشتكي الأهالي من الأوضاع نفسها، رغم وعود الطبقة السياسية باختلاف توجهاتها بالتغيير نحو الأفضل، وتعهدات السلطات العليا في تونس، بدور أكبر للدولة في المناطق الداخلية المهمّشة.
ويقول القمودي الذي ينتمي لحزب "حركة الشعب" في هذا السياق، إن حادثة حرق الشاب عبد الوهاب الحبلاني لنفسه "تعرّي الواقع التنموي الهشّ بمحافظة سيدي بوزيد عامة وببلدة جلمة بصفة خاصة، حيث تزداد الأوضاع تعفنّاً في جميع المجالات، حيث تعرف البطالة أرقاماً قياسية لدى الشباب الحائز على شهادات علمية، الذين لا يزالون بانتظار تنفيذ الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ عام 2011 وعودها لهم بالتشغيل". وأشار القمودي، إلى غياب التنمية في المنطقة وتعطلّ إنجاز المشاريع التي تمّ التعهد بها، فضلاً عن افتقادها للخدمات الأساسية على غرار الصحة، وهو القطاع الذي يعاني من أبسط وسائل العمل كنقص التجهيزات والكوادر الطبّية، وكذلك قطاع التربية، الذي يشتكي من مشاكل متنوعة أهمّها انهيار مباني المؤسسات التربوية وغياب المعدّات اللازمة للتدريس.
وتفاعلاً مع ما تشهده مدينة جلمة من تحركات احتجاجية، عبّر الاتحاد المحلي للشغل بسيدي بوزيد، في بيان نشره الاثنين، عن قلقه بشأن الأحداث وحالة الاحتقان التي تعيش على وقعها المنطقة، وحمّل المسؤولية الكاملة للحكومات المتعاقبة في عدم الإحاطة بالشباب واعتمادها لنهج تنموي "فاشل لا يراعي تطلعاتهم ويكرس التفاوت بين الجهات والفئات". وأكد الاتحاد دعمه "للحراك السلمي والمدني الهادف إلى ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، وأدان "استعمال العنف كوسيلة لحل التوتر الاجتماعي، وما سينجر عنه من تداعيات خطيرة تهدد الحريات الفردية والعامة". كما حذّر في البيان نفسه، ''من تلفيق التهم للمحتجين المهمشين والتحضير لمحاكماتهم الصورية دون مراعاة ظروفهم الاجتماعية المزرية التي تجبرهم على التظاهر والاحتجاج من أجل المطالبة بالعيش الكريم".
قد يهمك ايضا :
احتجاجات ومواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن في بلدة تونسية لليلة الثالثة
الأمم المتحدة ترفض المقارنة بين “بوعزيزي تونس” و”فكري المغرب”