بغداد - نهال قباني
أيدت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قرار البرلمان بشأن إجراء فرز يدوي للأصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي، لكنها رفضت إلغاء تصويت النازحين والمغتربين، لتنهي جدلًا متزايدًا بين الأطراف السياسية منذ إعلان النتائج.
وكان البرلمان العراقي عدّل قانون الانتخابات في جلسة استثنائية، بسبب ما أثير بعد النتائج من شكوك بـ"تزوير واسع النطاق"، نتيجة اعتماد أجهزة العد والفرز الإلكتروني.
ونص التعديل على إجراء فرز يدوي للأصوات وإلغاء نتائج تصويت لجان النازحين والعراقيين في الخارج. وقدمت مفوضية الانتخابات طعناً في التعديل، بتت فيه المحكمة العليا.
وقال رئيس المحكمة مدحت المحمود في مؤتمر صحافي، إن "جلسة مجلس النواب لتعديل قانون الانتخابات قانونية، بما تجيزه المادة 60 أولًا وثانيًا من الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب الذي مارس صلاحيته وفقاً للدستور". وأضاف أن "صلاحية مجلس النواب وأعضائه التي قررها الدستور تبقى قائمة حتى انتهاء دورته الانتخابية في 30 يونيو/حزيران الجاري"، مشيرًا إلى أن "المحكمة الاتحادية ترد الطعون في تعديل قانون الانتخابات وتعتبره دستوريًا".
وأوضح أن المحكمة قررت "بعد دراسة مواد هذا القانون بصيغته الأخيرة ووقائع جلسة مجلس النواب التي شرع فيها" أن "إعادة فرز وعد نتائج الانتخابات يدويًا مطابق للدستور من أجل تطمين الناخبين، وأن توجه مجلس النواب إجراء تنظيمي لتطمين الناخب". وغير أن المحمود أشار إلى أن المحكمة اعتبرت "استثناء نتائج الأقليات (الكوتا) من الإلغاء مخالفًا للدستور"، وأن "إلغاء نتائج انتخابات الخارج وتصويت النازحين يمثل هدراً لأصوات الناخبين"، مؤكدًا رفضها "إلغاء نتائج الخارج والنازحين والتصويت الخاص في إقليم كردستان".
ولفت إلى "عدم دستورية المادة الثالثة من تعديل قانون الانتخابات وإلغائها"، مشيرًا إلى أن "المحكمة الاتحادية تقرر عدم المساس بأصوات المقترعين التي تحصلت بشكلسليم ولم ترد بها شكاوى". وأيدت المحكمة "انتداب قضاة لتولي مهمة مفوضية الانتخابات". وقال الخبير الدستوري جمال الأسدي إن "المحكمة الاتحادية أقرت وفقاً لما صدر عنها مبادئ دستورية جديدة في الفقه الدستوري، بينها أن من حق مجلس النواب تشريع القوانين في الجلسة الاستثنائية، كما يحق له تغيير قوانين الانتخابات بعد إجرائها وقبل إعلان النتائج، وكذلك دستورية عدم إرسال القوانين إلى رئيس الجمهورية"
وأضاف أن "من بين ما أكدته المحكمة إلغاء نص المادة الثالثة من التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب، الذي ألغى نتائج الخارج والحركة السكانية لأربع محافظات وانتخابات التصويت الخاص لإقليم كردستان، اعتماداً على النصوص الدستورية في المادتين 14 و20 من منطلق أن العراقيين متساوون أمام القانون من دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو الدين، وأن للمواطنين حق المشاركة في الشؤون العامة بما فيها الانتخاب والتصويت".
وأعلن وزير الهجرة والمهجرين، القيادي في "حركة التغيير" الكردية جاسم الجاف، تأييده لقرار المحكمة الاتحادية. وقال لـ"الشرق الأوسط" إن "القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية جاء منصفاً ومطابقاً للدستور، وأكد من جديد حياد المحكمة العليا وعدالة القضاء العراقي". وعما إذا كان سيترتب على ذلك تغيير في المقاعد التي حصلت عليها كتلته، قال الجاف إن "من المتوقع أن تزيد مقاعدنا نحو 3 إلى 4 مقاعد، وربما هناك مفاجآت أخرى في الطريق".
واعتبر نائب رئيس "الجبهة التركمانية" النائب عن محافظة كركوك حسن توران قرار المحكمة الاتحادية "انتصارًا لإرادة الشعب العراقي بأطيافه كافة، لأنه رفض التزوير الحاصل في انتخابات مجلس النواب، بالأخص في محافظة كركوك التي انطلقت منها الثورة الشعبية لفضح المزورين".
ورحبت كتل سياسية بما صدر عن المحكمة الاتحادية، أبرزها "ائتلاف الوطنية" بزعامة إياد علاوي و"النصر" بزعامة حيدر العبادي و"القرار" بزعامة أسامة النجيفي. واعتبر علاوي أن القرار "وجه ضربة قاصمة لإرادات التزوير والفساد"، فيما دعا النجيفي في بيان إلى "إحكام السيطرة على مناطق خزن الصناديق الانتخابية كافة، تمهيدًا لعمليات التدقيق لإنصاف إرادة الشعب وإعادة الثقة بالعملية السياسية، وحرصًا على حماية حقوق القوى السياسية الشرعية من التلاعب أو التزوير، فضلاً عن اتخاذ إجراءات قانونية سريعة ضد المتلاعبين والمزوّرين". وعبر عن أمله في "أن يكون قرار المحكمة الاتحادية العليا لبنة أساسية في بناء الثقة بالعملية الانتخابية، وبوابة للمضي نحو المستقبل بخطى واثقة".