طرابلس ـ فاطمة سعداوي
صعّد رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، من حدة خلافاته مع قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، بإصدار أوامر بتعيين عدد من المسؤولين في مناصب عسكرية، حيث استدعى العقيد فرج البرعصي إلى الخدمة العسكرية مجدداً لمدة عام واحد، وأصدر لاحقاً قراراً إضافياً بترقيته إلى رتبة عميد، كما عيّن السراج، الذي يعتبر نفسه القائد الأعلى للجيش الليبي، اللواء عبد الله عون، وهو قائد عسكري سابق في الجيش قبل سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 مستشاراً عسكرياً للمجلس الرئاسي لحكومته، علما بأن عون كان مرشحاً لتولي الإشراف على الترتيبات الأمنية لحكومة الوفاق المدعومة من بعثة الأمم المتحدة.
وتأتي هذه التعيينات، بينما تستضيف العاصمة المصرية اجتماعات بين مجموعة من الضباط الليبيين للاتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية للبلاد في منظومة واحدة يقودها حفتر. لكن مصدراً قريباً من حفتر، أكّد على أنّ محاولة السراج الظهور بصفة القائد الأعلى للقوات المسلحة من شأنها أن تؤخر حدوث اتفاق في القاهرة خلال خامس اجتماع من نوعه منذ العام الماضي، وأجرى رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا، غسان سلامة، محادثات في بنغازي مع السلطات التي تدير شرق ليبيا، وذلك عقب محادثات أجراها في العاصمة طرابلس مع رئيسي حكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة (السراج وعبد الرحمن السويحلي). وأفيد بأن سلامة بحث مع عميد بلدية بنغازي عبد الرحمن العبار الجهود المبذولة من أجل استقرار الأوضاع في ليبيا.
وفنّد سياسيون وإعلاميون ليبيون فيلماً بثته فضائية الجزيرة الوثائقية عن مدينة درنة (شمال شرقي البلاد)، قالوا إنه “احتوى على أكاذيب”، واتهموها بـ”تزييف الحقائق، وتزوير الوثائق من أجل أجندة سياسية، وإضفاء شرعية على الجماعات الإرهابية”، مشيرين إلى أن الدوحة “تصطف مع الجماعة الإسلامية المقاتلة في خطاب إعلامي متحيز يستهدف وحدة ليبيا”، وعبر عضو مجلس النواب عصام الجهاني، عن غضبه من بث الفيلم، الذي حمل عنوان “الرمال المتحركة... درنة”، وقال إن “الجزيرة بكل قنواتها تتحيز في تغطيتها الإعلامية للشأن الليبي، لصالح أطراف معينة، من بينها جماعة الإخوان المسلمين، وتتعمد تشويه الحقائق، فضلاً عن أنها تضيف لقطات مفبركة لخدمة الهدف الذي تسعى إليه”.
وأضاف الجهاني في حديث إلى “الشرق الأوسط” أن الجزيرة تمارس “التلفيق الإعلامي، وتلعب على وتر الأوضاع في مدينة درنة المحاصرة من الجيش الليبي، خدمة لما يسمى (مجلس شورى مجاهدي درنة)، لافتاً النظر إلى أن الجيش يحاول حل هذه الأزمة بشكل سلمي وبعيداً عن القتال”. وشهدت مدينة درنة معارك واسعة بين عناصر “كتيبة أبو سليم” التابعة لـ”مجلس شورى المجاهدين”، ومسلحي تنظيم “داعش” الذي تلقى سلسلة ضربات فيما بعد، أدَّت إلى طردهم من المدينة بمساعدة المواطنين.
وقال الكاتب الليبي سالم العوكلي إنه شاهد الفيلم الوثائقي “الرمال المتحركة...درنة”، “بدهشة لا توصف”، مشيراً إلى أنه “يحمل قدراً من الكذب تجيده القنوات الإخبارية وليست الوثائقية”. وأضاف العوكلي في تصريح نقلته فضائية “218” أن الفيلم المكون من جزأين يشير في أحد مشاهده إلى أن “أبناء القبائل المحيطة بدرنة وقوات الجيش الليبي تآمروا مع تنظيم (داعش) على سكان درنة وأطفالها ونسائها وشيوخها”، موضحاً أن “الجيش والقبائل المتحالفة معه منع التنظيم من الاستيلاء على مدن برقة (الشرق)، مدينة مدينة، كما فعل في العراق”. وتابع العوكلي موضحاً أن “الفيلم أظهر وجوهاً أعرفها جيداً، كانت تهاجم مراكز الاقتراع في درنة بالقنابل اليدوية، وهي تكبّر وتلعن طواغيت الديمقراطية، تحت مسمى ثوار درنة”، لافتاً إلى أن مخرج الفيلم عرض لنا من جعلهم يخلعون اللباس الأفغاني، ويلبسون الملابس العسكرية أمام الكاميرا ويصبغ عليهم الرتب العسكرية الكبيرة، وكأن تنظيم القاعدة تحول إلى “بنتاغون إسلامي حقيقي”.
ومضى العوكلي يقول إن “تغييب عقول المشاهدين وصل بالقناة إلى الاستعانة بأطر قديمة لأرتال لتنظيم (داعش)، وهي صور التقطت عندما كان التنظيم يسيطر على المنطقة من الفتائح شرق درنة، إلى رأس الهلال غرب درنة”، وكشف عضو مجلس نواب عن مدينة طرابلس، أنّ “فضائية (الجزيرة) تتبع أسلوباً تحريضياً في ليبيا منذ سقوط الأطراف التي كانت تدعمهم”، مبدياً استغرابه من التعريض بالجيش الوطني الليبي، وأضاف النائب، الذي رفض ذكر اسمه، أن “القوات المسلحة الليبية تحارب الجماعات الإرهابية، في حين أن قطر لا تكف عن دعم هذه الكيانات، وبالتالي ليس مستغرباً أن تدس فضائية (الجزيرة) في المعلومات، وتزيف الحقائق”.