تونس حياة الغانمي
أدخل وزير العدل التونسي غازي الجريبي تغييرات جذرية على عدد من المؤسسات السجنية حيث استبعد واستبدل 35 منصبًا قياديا داخل الوحدات السجنية والهياكل التابعة لها. وحسب المعطيات المتوفرة فإن الوزير اتخذ هذا القرار للقضاء بحق القيادات السجنية الموالية للاحزاب والتي ثبت ولاؤها السياسي لها وخدمتها لاجنداتها. وقد شهدت 14 وحدة سجينة تابعة للإدارة العامة للسجون والاصلاح تغييرات هامة ..حيث تمت إقالة عدد من مدراء السجون على غرار سجن المسعدين ..وقد أشرف وزير العدل عن هذه التغيرات حيث تمت دراسة ملفات المسؤولين المقالين او الذين تم اسناد مناصب جديدة لهم منذ فترة زمنية.
وانطلقت موجة الاقالات قبل الاعلان عن التغييرات الرسمية داخل الادارة العامة للسجون وكانت البداية مع مدير سجن برج العامري الذي قام بتجاوزات على غرار منح مدير وحدات السجون المقال والمتواجد في السجن بتهم الحصول على رشوة من رجل الاعمال خالد القبي غرفة الطبيب وتجهيزها واستعمال سيارة الاسعاف لجلب أمتعة القيادي الأمني المسجون. وعرفت المؤسسة السجنية ما بين سنوات 2011 و2014 تجاوزات خطيرة تسببت في استقطاب عشرات المساجين المتهمين والصادرة بشأنهم أحكام في قضايا حق عام لدائرة الارهاب حيث تم فتح باب السجون أمام دعاة متطرفين وشيوخ متورطين في الارهاب .وقد تم السماح لعدد من رؤساء الجمعيات الإسلامية و بعض الدعاة بالدخول إلى عدد من السجون.و حيث أنه سمح للداعية المثير للجدل عادل العلمي رئيس جمعية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالدخول الى سجن المرناقية و برج الرومي والناظور لتقديم دروس دينية.كما سمح للداعية البشير بن حسن لتقديم دروس توعوية في ظاهرها.وسمحت ايضا لسعيدة العكرمي رئيس جمعية المساجيين السياسيين و زوجة وزير العدل السابق التابع لحركة النهضة الاسلامية نور الدين البحيري و إيمان الطريقي رئيسة جمعية حرية و إنصاف بالدخول إلى السجن و لقاء عدد من المساجين .و أكدت النقابة العامة للسجون على دعمها لمشاركة المجتمع المدني في برامج الإصلاح للمنظومة السجينة غير أنها نددت بكل تدخل يقع خارج البرامج التي أعدتها إدارة الإصلاح داخل الوزارة.
وقد انتشر خبر تكليف الجمعية الوسطية للتوعية والاصلاح المعروفة باسمها القديم جمعية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي يراسها عادل العلمي باعطاء دروس دينية للمساجين بداء بنزلاء سجن المرناقية وبرج الرومي وصولا الى كل السجون التونسية.وقد باشر الشيخ عادل العلمي مهمته في تلقين السجناء دروس دينية صحبة 8 شيوخ اخرين .ولئن بدت هذه البادرة التي اتتها الجمعية الوسطية محمودة وحائزة على استحسان عدد من المتابعين والملاحظين،الا ان الامر الذي فجر قنبلة واعتبر بمثابة الصدمة بالنسبة الى الجميع هو الحديث عن وجود شبهات حول تلك الدروس وحول الدور الذي تلعبه الجمعية مع المساجين.
وتؤكد مصادر خاصة ان الهدف من وراء تلك الدروس التي كان يقدمها العلمي بمعية شيوخ اخرين في الوحدات السجنية هو استقطاب المساجين.اذ وحسب المصدر ذاته فان العلمي يعرض على المساجين العفو مقابل انضمامهم الى الحركات الجهادية ومقابل قبولهم المشاركة في تكوين ميليشيات لنصرة التيارات السلفية ودعم التيارات السياسية.وقال مصدرنا الخاص ان عادل العلمي يمارس مع المساجين سياسة الاحتواء والتطويق وذلك بجلب المساجين اليه من خلال الدروس التي يقدمها ومن ثمة تقديم مقترحه الخاص بالعفو مقابل قبولهم (اي المساجين) بعرضه المتمثل في تكوين ميليشيات داعمة للتيار السلفي وداعمة خاصة لتيار سياسي معين.وقال مصدرنا ان التركيز كان اكثره على اصحاب الاحكام الطويلة باعتبار ان املهم في التخلص من حكم السجن المقدر بسنوات عديدة قد يجعلهم يقبلون العرض لنيل العفو.ولان تلك المعلومات ترتقي الى مستوى غاية في الخطورة اتصلنا بوزارة العدل للتثبت من حقيقة ما يقال،فافادنا مصدر مسؤول تابع لها ان وزارة العدل وقعت الاتفاقية مع وزارة الشؤون الدينية وليس مع اي شيخ او شخص.وقال ان دور وزارة العدل يقف عند تسهيل مهمة دخول المدرسين او الشيوخ الذين تحددهم وزارة الشؤون الدينية الى الوحدات السجنية وان الوزارة تلتزم بهذا الامر ولا شيء غيره. واضاف المصدر ان العفو التشريعي العام يخضع الى شروط معينة يحددها رئيس الجمهورية وتضبط في شانه قائمات ومواصفات معينة.
من جهتها افادت رئيسة النقابات الاساسية للسجون والاصلاح الفة العياري "المغرب اليوم" ان ملف السجون اخطر مما هو متوقع.فالاعوان يتعرضون يوميا الى الاعتداءات وخاصة اللفظية منها من طرف المساجين الذين تمردوا ولم يردعهم احد.بل ان عددا من المسؤولين يحرضونهم على التمرد ويمنعون الاعوان من التدخل قانونيا ضد كل من يتعدى عليهم من المساجين.وقد تسبب هذا الامر في ضغط نفسي كبير على الاعوان."وبالاضافة الى مسالة التمرد على القانون وعدم ردع المخالفين .
وقد اوضحت انه ومنذ عهد بن علي يتم تقديم دروس توعوية دينية للمساجين،لكن في ذلك الوقت كانت المواضيع التي يتحدث فيها الوعاظ محددة ومضبوطة.اما اليوم فان الدعاة اصبحوا يتدخلون في الشان الداخلي للسجون ويفتون بمن ينال العفو ومن لا من المساجين.كما ان الدروس التي تقدم للمساجين غير محددة وقد تخرج عن اطار التوعية الدينية.وقد اكدت رئيسة النقابات على مطالبتهم بتحديد من يصدر التعليمات ومن يتخذ القرارات الخاصة بالوحدات السجنية.وقالت في هذا الخصوص.."نطالب رسميا بتحديد من يعطي التعليمات،فالمنظومة السجنية لم يتم الى حد الان النظر في اصلاحها ومع ذلك تتخذ القرارات في غضون دقائق.ثم ان القانون في النظام الامني ينص على ان مديري الوحدات السجنية لا يتلقون التعليمات الا من المدير العام لادارة السجون والاصلاح وهذا الاخير لا ياتمر الا بامر وزير العدل.لكن تطبيقيا نجد ان جميع المستشارين في وزارة العدل يعطون التعليمات لمديري السجون ويتدخلون في خصوصيات عملهم.وقد ادى تطفل مستشاري وزير العدل في خصوصيات العمل داخل الوحدات السجنية الى فوضى عارمة والى حدوث تجاوزات خطيرة."
كما تحدثت الفة العياري عن المنح والخطط الوظيفية التي طالبت بمراجعتها باعتبار انها منحت على اساس الموالاة لا بناء على الاستحقاق والكفاءة. وقالت عن الموضوع:" ان المنح التي نطالب بها وتحسين الوضعيات التي ننادي بعا ايضا ليست هبة من احد ولا هي فضل ننتظر ان يمن به علينا اي شخص.فمن حق عون السجون الذي يحرم من حياته الخاصة ومن عائلته ومن حريته ويقبل العيش في فضاء مغلق مثله مثل السجين ان ينال منحة لقاء ذلك وان تتحسن وضعيته وان يحميه القانون ويدافع عنه."
وقد سبق ان وجهت الفة العياري نداء إستغاثة الى وزير العدل تطلب مقابلته للكشف عن ملفات فساد وقائمة بأشخاص وقعت تزكيتهم على أساس الموالاة إضافة إلى ملفات حول مشروع إصلاح المنظومة السجنية.وأكدت أن هناك العديد من الإخلالات والتجاوزات داخل المؤسسات السجنية يجب عرضها على وزير العدل.