طرابلس - فاطمة سعداوي
بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يسابق الزمن لعقد قمة موسعة نهاية الشهر الجاري في العاصمة الفرنسية، تضم كل الفرقاء المحليين والشركاء الدوليين، وفقاً لما أكدته مصادر دبلوماسية فرنسية أمس لـ"الشرق الأوسط فيما دخلت إيطاليا أمس على خط الخلاف الأميركي - الفرنسي المعلن حيال الأزمة في ليبيا،".
وقالت مصادر ليبية وفرنسية مطلعة، إن السلطات الفرنسية تلقت موافقات رسمية من المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، بالإضافة إلى فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، على حضور القمة، التي يفترض أن تعقد في 29 من الشهر الحالي.وأوضحت المصادر أن الهدف من قمة باريس المرتقبة هو الجمع بين الأطراف المؤثرة في الشرق والغرب الليبي، قصد التوصل لاتفاق جديد يقضى باقتسام السلطة.
وقالت فرنسا في برقية دبلوماسية أرسلت إلى عدد من البلدان، من بينها الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وإيطاليا وتركيا والإمارات وقطر، ودول مجاورة لليبيا، إن ماكرون سيعقد الاجتماع "في وقت قريب للغاية" في العاصمة الفرنسية.لكن مصادر ليبية قالت لـ"الشرق الأوسط" إن المشير حفتر سجل تحفظه على الدورين القطري والتركي حيال الأزمة الليبية، وذلك على خلفية اتهامات حفتر لكل من الدوحة وأنقرة بدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا.
وذكرت البرقية الفرنسية أن هدف القمة "التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الليبية، تحت رعاية مبعوث الأمم المتحدة الخاص، حتى نتبنى على وجه السرعة الترتيبات اللازمة لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن هذا العام"، مبرزة أن الاتفاق يتم إعداده مع رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، وبعد مشاورات مع الأطراف الليبية.في المقابل، تحدثت تقارير صحافية إيطالية عن تذمر واستياء لتهميش دور روما في المبادرة الفرنسية، بينما كشف مسؤول ليبي بارز لـ"الشرق الأوسط" النقاب عن أن الاستياء الإيطالي ليس منفصلاً عن التحفظ الأميركي.
وروى المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن الحكومة الإيطالية والإدارة الأميركية ضغطتا العام الماضي على السراج، للقيام بزيارة إلى العاصمة الإيطالية روما، في اليوم التالي من القمة التي عقدها خارج باريس برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع المشير حفتر.
وقد اتفق السراج وحفتر آنذاك على وقف مشروط لإطلاق النار، والعمل نحو إجراء الانتخابات، وذلك خلال محادثات كانت أيضًا تحت رعاية ماكرون، الذي تعرض حينئذ لانتقادات بسبب عدم إجرائه مشاورات مع الأمم المتحدة أو الشركاء.
واعتبر السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبى بيروني، عقب الإحاطة الأخيرة التي قدمها المبعوث الأممي لمجلس الأمن الدولي، أنه "على كل الأطراف في ليبيا والمجتمع الدولي أن يقفوا وراء خطة عمل الأمم المتحدة. لا رسائل أو مبادرات متضاربة. لنتحدث جميعاً بصوت واحد".
في غضون ذلك، قالت مصادر مصرية إن القاهرة كانت على علم مسبق بالترتيبات الفرنسية، مشيرة إلى أن الموقف المصري الرسمي هو دائماً تشجيع أي مبادرات إيجابية، من شأنها حلحلة الوضع الراهن في ليبيا، وإنهاء الأزمة هناك.
وقال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، عقب اجتماعه مع وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، أول من أمس، إن "أغلب المواقف (في ليبيا) تكاد تكون متطابقة مع الأشقاء الجزائريين حول طبيعة الحل وضرورة الذهاب نحوه"، بينما ذكّر مساهل بتبني الجزائر للحوار الشامل "كخيار وحيد للوصول إلى حل سياسي لهذه الأزمة، يضمن سيادة ووحدة ليبيا وانسجام شعبها، ويؤسس لبناء دولة المؤسسات والقانون".واعتبر السراج أن الوضع في ليبيا لم يعد يحتمل مزيدًا من المناورات والمزايدات والمساومات السياسية، وأكد لدى استقباله أمس الخميس كريستيان بوك، سفير ألمانيا، على خيار الانتخابات، وعلى أن تجرى وفق قاعدة دستورية، مشيرًا إلى ضرورة الاتفاق والإعلان عن موعد إجرائها.
كما اعتبر السراج أن نجاح أي مبادرة يتوقف على اتخاذ موقف إقليمي ودولي جماعي وموحد ملزم للجميع، يقطع الطريق أمام أي طرف يحاول العرقلة، مشيرًا إلى أن هناك أطرافًا محلية تستفيد من تناقضات المواقف الإقليمية والدولية، لتسخرها لمصالحها الشخصية الضيقة، لأنها مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه، حسب تعبيره. وجدد السفير الألماني دعم بلاده لحكومة السراج، قبل أن يعلن عن استعداد الشركات الألمانية لاستئناف عملها في ليبيا، لافتاً إلى عزم وزير الاقتصاد الألماني زيارة ليبيا خلال شهر يوليو (تموز) المقبل، بالإضافة إلى رغبة عدد من المؤسسات لعقد منتدى اقتصادي في ليبيا خلال الفترة القريبة المقبلة.