الدار البيضاء - جميلة عمر
شدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي ينعقد تحت شعار "نفس ديمقراطي جديد"، مساء الجمعة، في بوزنقية، على أن المؤتمر الوطني العاشر للحزب يعتبر محطة "متميزة" لتقييم ومساءلة أربعة أعوام من الممارسة التنظيمية والسياسية
وقال بنعبد الله، إن المؤتمر يعد "محطة مميزة لتأمل الذات، وللتقييم، ولمساءلة أربعة أعوام من الممارسة التنظيمية والسياسية، من خلال مقاربة النقد والنقد الذاتي البناءين لأدائنا الحزبي"، مضيفًا أن اللقاء اليوم في هذه المحطة يأتي أيضًا "من أجل استشراف جماعي لصيغ نضالية جديدة تضمن تجذر الحزب في المجتمع، وتطوير أساليب عمله من أجل المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي التقدمي العادل".
واعتبر بنعبدالله، أن اختيار شعار المؤتمر جاء "بعد تفكير ملي، كعنوان لمرحلة، واستشراف لغد أفضل، واعتراف بالمكاسب، والتزام بمواصلة التطلع والعمل من أجل معانقة عهد جديد لحصد مزيد من الإنجازات"، مشيرًا إلى أنه تم اختياره أيضًا كنداء قوي وصادق من أجل ضخ دماء طرية ونفس جديد في المسار الوطني نحو الديمقراطية والحداثة والتقدم.
وأبرز الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن المغرب قطع أشواطًا مهمة على درب البناء الديمقراطي وتأسيس دعائم دولة القانون والمؤسسات، وعلى صعيد الحقوق والحريات، وتحقيق مكتسبات في المجال الاقتصادي، والشروع في عصرنة الاقتصاد، فضلًا عن تسجيل عدد من المكتسبات على الصعيد الاجتماعي، وتقدم ملحوظ في اتجاه تأمين المساواة بين الجنسين، مشيرًا إلى أن "الحزب حينما ينظر إلى هذه المكتسبات، بعيون موضوعية وبناءة، تجعله لا يغفل رصد الصعوبات والنقائص والإخفاقات التي واجهها ويواجهها المشروع الإصلاحي".
وأضاف بنعبدالله أن حرص "حزبنا على إثارة النقائص، دون تضخيمها، ولا جعلها تحجب المكتسبات المحصل عليها، بفعل جهد وطني جماعي هائل، إنما يتم بأفق تجاوزها، تمتينًا للنسيج الوطني، وتقوية للانسجام الاجتماعي ودعمًا للاستقرار بمفهومه العام"، واعتبر أن "تجاوز اختلالات الممارسة السياسية والحقل الحزبي والمؤسساتي لن يكون له معنى دون الانكباب الجدي على معالجة مسألة النموذج التنموي الذي اعتمدته البلاد لعقود، بالنظر لما أبان عنه من محدودية، وإن كان فيه عدد من مقومات النجاح الباعثة على الاعتزاز "، مشددًا على ضرورة تثمين مكاسبه والانطلاق منها لجعله "نموذجًا يأخذ بعين الاعتبار التوازنات الماكرو اقتصادية، دون تضخيم أو مبالغة، وبلا تفريط أو استهانة بالتوازنات الاجتماعية، ويعتبر النفقات العمومية الاجتماعية في التعليم والصحة والشباب وغيرها استثمارًا منتجًا، وليس مجرد أعباء مالية على الميزانية العامة".
وسجل بنعبدالله، أن الحزب يعتقد أن هذا النموذج التنموي الجديد لن يحقق النجاح المتوخى إذا لم يرتكز على مداخل ورافعات رئيسة من قبيل تجاوز دوامة إصلاح الإصلاح لمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، وإعطاء نفس جديد أقوى لمسار التقدم الإرادي في ما يتعلق بالمساواة والارتقاء بحقوق النساء، وتعزيز السلم الاجتماعي، وإدماج البعد الإيكولوجي، وتفعيل الجهوية المتقدمة، وإعطاء دفعة جريئة لإصلاح الإدارة والقضاء، فضلًا عن الاستثمار في الشباب وإدماج مغاربة العالم.
من جهة أخرى، وبعد أن شدد بنعبدالله، على أن مشاركة الحزب في الحكومة السابقة جاءت من أجل مواصلة الإصلاح في كنف الاستقرار على أسس برنامجية محددة، أبرز أن المشاركة المتواصلة اليوم في الحكومة الحالية "إنما غايتها الأساس الإسهام في الدفع بالإصلاحات الكبرى إلى أبعد مدى".
وبِشأن قضية الوحدة الترابية للمملكة، أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أنها تظل في صدارة الاهتمام وفي مقدمة الأولويات، باعتبارها قضية مصيرية تحظى بإجماع وطني راسخ، مشددًا على "ضرورة تعزيز هذا الإجماع بصيانة الجبهة الداخلية وتمتينها، لا سيما من خلال نفس جديد يتبلور في كنفه نموذج خلاق يمزج بين البعدين الديمقراطي والتنموي، وأيضًا بالإشراك الفعلي لمختلف القوى السياسية والنقابية والمدنية في تدبير ملف هذه القضية المركزية، الذي يستلزم تضافر جهود كل القوى الحية، والتحلي الجماعي بمزيد من اليقظة والحذر وتعبئة الإمكانات اللازمة من أجل التصدي لمناورات واستفزازات أعداء الوحدة الترابية".
وأوضح بنعبدالله، الدعم التام للحزب للمقاربة الديبلوماسية المنفتحة التي تنهجها المملكة، بقيادة ملكية ناجعة، أدت إلى تسجيل نجاحات عديدة في القارة الأفريقية، تنضاف إلى النجاح الديبلوماسي الكبير الذي حققه المغرب منذ عام 2007 عندما عرض مقترح الحكم الذاتي الموسع في كنف السيادة المغربية.
ويتضمن جدول أعمال المؤتمر المصادقة على مشروعي وثيقتي الأطروحة السياسية والقانون الأساسي اللتين اعتمدتهما اللجنة المركزية، فضلًا عن انتخاب أمين عام للحزب.