مدريد ـ لينا العاصي
بموجب القوانين المعمول بها في برلمان كاتالونيا يجب إجراء جولة تصويت ثانية في غضون يومين لانتخاب رئيس للإقليم، في حال لم ينجح أحد في الحصول على الأغلبية المطلوبة، إذ فشلت الأحزاب الانفصالية، التي تشكل أغلبية أعضاء المجلس، في الاتفاق فيما بينها على شخص يمثلها، بعد أن رفض الفصيل السياسي الأكثر تشددًا بينها دعم المرشح الوحيد المقترح في تصويت الثقة الذي جرى الخميس.
ونال الناطق الرسمي السابق باسم الحكومة خورخي تورول 64 صوتًا لصالحه، مقابل 65 ضده، ما سيؤدي إلى إطالة أمد المأزق السياسي في الإقليم، ولا يضمن تورول، المرشح الوحيد، فوزه في الجولة الثانية المقررة السبت، حيث يجب عليه نيل غالبية بسيطة في البرلمان المكون من 135 عضوًا، وامتنع 4 نواب من حزب الوحدة الشعبية اليميني الانفصالي المتطرف عن التصويت، بعد أن رفض تورول استعمال كلمة "استقلال" في خطابه أمام البرلمان، و طالبه الحزب بالتزام أكبر بقضية الانفصال كشرط لكسب دعمه.
ودعا تورول إلى إجراء حوار مع الحكومة المركزية في مدريد، وقال كما نقلت عنه وكالة "رويترز": نطلب الجلوس إلى الطاولة نفسها لحل المشكلات السياسية التي تواجهنا. كما أنه من غير المحسوم إن كان تورول سيتمكن من حضور جولة التصويت الثانية، لأن عليه المثول مع زعماء انفصاليين آخرين أمام قاض من المحكمة العليا الإسبانية. وكان برلمان الإقليم قد أجل في بداية الشهر الحالي جلسة تشكيل حكومة جديدة إلى أجل غير مسمى، وكان روجر تورينت، رئيس البرلمان، هو من اتخذ القرار، بعد أن رفض قاض في المحكمة العليا طلبًا من الانفصالي جوردي سانشيز، الذي رشح نفسه آنذاك لرئاسة الإقليم، لإطلاق سراحه مؤقتًا من حبسه الاحتياطي في مدريد، وعزا القاضي هذا الرفض إلى وجود خطر تكرار الجريمة الانفصالية.
وثبت قاضي المحكمة العليا الإسبانية، بابلو يارينا، الجمعة، الملاحقات ضد 13 استقلاليًا كاتالونياً، بينهم الرئيس السابق للإقليم كارليس بوتشيمون، وقال إنه سيحاكم القادة الانفصاليين بتهمة التمرد، وهي جريمة عقوبتها السجن لمدة تصل إلى 25 عامًا، وذلك بسبب دورهم في مسعى لاستقلال الإقليم العام الماضي، وقال القاضي في حكمه إن 25 سياسيًا انفصاليًا في المجمل سيحاكمون بتهم التمرد والاختلاس والعصيان. وطلب القاضي أيضًا من أعضاء حكومة الإقليم السابقة إعادة أموال قدرت بـ2.59 مليون دولار استخدمت في إجراء استفتاء على الاستقلال في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي اعتبرته مدريد غير قانوني.
واتهم وبوتشيمون بتنظيم الاستفتاء حول حق تقرير المصير في الأول من أكتوبر/ تشرين أول، على الرغم من حظره. وبين الملاحقين بتهمة التمرد أيضًا المرشح الحالي لرئاسة كاتالونيا خورخي تورول، الذي استدعي للمثول أمام القاضي الجمعة. أما القيادية الانفصالية مارتا روفيرا، فقد تجاهلت استدعاء المحكمة، وأعلنت في بيان نقلت عنه الصحافة الفرنسية أنها اختارت "طريق المنفى". وروفيرا، مثل القادة الانفصاليين الآخرين، متهمة بالتمرد والعصيان واختلاس أموال. وقد استدعاها القاضي يارينا لإبلاغها شخصيًا بالاتهامات، وكان يمكن أن توقف.
وقالت في بيانها الذي نشره حزبها في موعد مثولها أمام القاضي إنها تشعر بأن حريتها في التعبير تخضع لرقابة المحاكم التي تقوم بترهيبها وتطيق معايير سياسية، ولم توضح وجهتها، وروفيرا هي سابع قيادية انفصالية تغادر إسبانيا. وقد لبى 5 قياديين آخرين دعوة المحكمة العليا، كما ذكرت الصحافة الفرنسية. ولم يحدد القاضي موعد المحاكمة.
ولم يستبعد بوتشيمون إجراء انتخابات جديدة في كاتالونيا، في حال لم ينصب مرشح الانفصاليين لرئاسة الإقليم بصورة طبيعية. وصرّح بوتشيمون، في مقابلة سابقة مع صحيفة «ال بونت افوي» البلجيكية بأن إجراء انتخابات جديدة ليس مأساة على الإطلاق، على الرغم من أنها ليست أولوية، ولا أحد من بيننا يريدها.
ويوجد بوتشيمون، الذي أقالته مدريد بعد إعلان استقلال كاتالونيا في 27 أكتوبر/ تشرين أول 2017، في بروكسل، وهو مهدد بالتوقيف إذا عاد إلى إسبانيا. وقد سحب بوتشيمون ترشحه لمنصب الرئيس الإقليمي لصالح سانشيز الذي منع هو الآخر من الترشيح.وأكد بوتشيمون: إذا كان علينا إعادة تنظيم الانتخابات، سيكون ذلك بسبب انعدام مسؤولية الدولة، التي لم تقبل بنتائج الانتخابات التي أعطت الأكثرية النيابية المطلقة للانفصاليين في البرلمان الكاتالوني. وطلبت الحكومة الإسبانية برئاسة ماريانو راخوي من النواب عدم تعيين مرشح يلاحقه القضاء. ويحظر القانون إجراء الانتخابات في حال غياب المرشح لرئاسة الإقليم، وهذا ما كانت المحكمة الدستورية الإسبانية أكدته في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، بخصوص ترشيح بوتشيمون.