طهران ـ مهدي موسوي
تداول ناشطون عبر شبكات التواصل الاجتماعي صورة عن آخر عمل يدوي أتمَّه الداعية السني الكردي شهرام أحمدي الذي أعدم الثلاثاء الماضي مع 24 من زملائه (جماعيا)، وهو عبارة عن منصة إعدام ومشنقة، تدولها ناشطون بشكل واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وتركزت نشاطات شهرام وزملائه حول إقامة الصفوف الدينية وتعليم القرآن والسنة والعمل الإعلامي والدعائي من خلال إنتاج الأناشيد الدينية والأقراص المدمجة وتوزيع الكتب والكراسات الدينية حول مذهب أهل السنة لمواجهة الماكينة الإعلامية لنظام الملالي في طهران، التي تبث خطاب الكراهية والطائفية ضد أهل السنة هناك، بحسب منظمات حقوقية إيرانية. ونشرت وكالات حقوقية رسائل سابقة من السجن لشهرام أحمدي نفى فيها التهم الموجهة إليه في جلسات المحكمة، قائلا إنه مجرد ناشط ديني يلقي الدروس الدينية وفقًا لتعاليم الإسلام، حسب مذهب أهل السنة والجماعة وبشكل سلمي وعلني".
وفي رسالته الأخيرة التي سجلها شهرام أحمدي بالفيديو على هاتف نقال وسربها نشطاء حقوق الإنسان إلى خارج السجن، تحدث فيها الداعية الشاب عن السنوات الثماني التي قضاها في مختلف السجون والمعتقلات ومسلسل التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرض له منذ اعتقاله بتهمة الحرابة. ورفض أحمدي في هذا الفيديو قيامه بأية أعمال عنف، وقال إنه يتحدى السلطات أن تأتي بأولياء دم المقتول أو المقتولين على يده، حينها يقبل بالحكم الصادر ضده، مؤكدا أن السلطات لا تستطيع أن تثبت أنه مارس العنف، بل كان يمارس الدعوة بعيدا عن #السلاح، على حد قوله.
وقال شهرام "بعد مرور أكثر من 40 شهرا على اعتقالي تمت محاكمتي في جلسة لم تطل إلا بضع دقائق، دون السماح لي بالدفاع عن نفسي أو لمحامي الدفاع أن يقوم بذلك، وفي عام 2012 نفذوا حكم الإعدام في شقيقي الذي كان تحت الـ18 لدى اعتقاله، فنحن كنا نتمنى أن نحاكم في محكمة عادلة طبقا لقوانين النظام نفسه، وبعد محاكمتي في تشرين الأول/ أكتوبر 2012 صدر حكم الإعدام في أيار/ مايو 2013". متابعا في أن "القاضي محمد مقيسة كان طيلة فترة المحاكمة يهين المقدسات والرموز السنية، ويشتم الأكراد وكان يقول لي أنت تواجه 3 اتهامات، الأولى أنك كردي، والثانية أنك سني، والثالثة أنك ضد النظام، وأي من هذه التهم تكفي لإصدار حكم الإعدام بحقك".
وأكد عدد من محامي الدفاع عن هؤلاء المعدومين في تصريحات لهم لوسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان خلال اليومين الماضيين، أن أغلب موكليهم لم يحملوا أي سلاح ولم يقوموا بأية أعمال عنف، بل إن الاستخبارات لفقت التهم لهم وربطتهم بتنظيمات سلفية متطرفة". موضحين أنهم لم يمنحوا الحق في الاطلاع الكامل على الملفات ومجرى التحقيق، كما لم يكن لديهم الوقت الكافي في المحكمة للدفاع عن موكليهم، فضلا عن طعنهم بشرعية المحكمة، وأنها تفتقر إلى أدنى معايير المحاكمة القانونية العادلة، وكان واضحا تدخل الاستخبارات في مجرى التحقيق والمحاكمة وأحكام الإعدام كانت معدة سلفا".
ورفض العديد من هؤلاء المعدومين في رسائل سربوها من السجن إلى المنظمات الحقوقية الدولية عضويتهم في أي تنظيم سياسي أو مسلح، وأكدوا أن نشاطاتهم كانت تركز على تعاليم مذهب أهل السنة والجماعة بشكل سلمي وعلني وعدم مناصرتهم أية تيارات متطرفة من أي جهة كانت. ونشرت وزارة الاستخبارات الإيرانية بيانا قالت فيه إن السلطات أعدمت هذه المجموعة بتهم "عمليات إرهابية مسلحة" لكنها لم تحدد نوعية التهم وأسماء المتهمين وعددهم وتفاصيل اعتقالهم ومحاكمتهم. وقال بيان الوزارة الغامض إن المعدومين من ضمن 102 شخص من أعضاء تنظيم "التوحيد والجهاد"، اعتقلتهم السلطات خلال السنوات الماضية وحكمت على العشرات منهم بالإعدام وقتلت بعضهم وحكمت على الآخرين بالسجن. وبث التلفزيون الإيراني أفلامًا عن اعترافات مؤسسي التنظيم كاوة شريفي وكاوة ويسي واثنين آخرين من زملائهم يدلون باعترافات ضد أنفسهم بارتكاب أعمال مسلحة واغتيالات ويكفرون السنة والشيعة، لكن المتهمين نفوا في رسائل صوتية ومكتوبة من السجن تلك الاعترافات وقالوا إن "الاستخبارات أجبرتهم على الإدلاء بها من خلال التعذيب حد الموت".
وأدانت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي هذه الإعدامات وشككت في شفافية ونزاهة القضاء الإيراني، وحذرت منظمات دولية من مغبة إعدام 18 ناشطا سنيا آخرين نقلتهم السلطات إلى أماكن مجهولة