الرياض - سعيد الغامدي
رحبت السعودية والإمارات والبحرين بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أكد خلالها ضرورة أن توقف دولة قطر تمويل جماعات التطرف، قائلًا إن "لدى قطر تاريخًا في تمويل الإرهاب على مستوى عالٍ جدًا".
وفي أنقرة استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، السبت، وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وبحث معه تطورات الخلاف مع قطر، وأعلن وزير الخاريجة التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البحريني أن أردوغان دعا إلى حل الخلاف مع قطر قبل نهاية شهر رمضان، مضيفًا أن تركيا ستواصل جهودها الرامية لحل الخلاف، كما أن القاعدة العسكرية التركية في قطر هدفها أمن منطقة الخليج لا أمن دولة بعينها.
ونقلت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ"، السبت، عن وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، أن "ثمة خطرًا من أن يقود هذا الخلاف (مع قطر) إلى حرب"، مضيفًا أنه لا تزال هناك فرصة لنزع فتيل التوتر، مؤكدًا أن المحادثات التي أجراها في الأيام الماضية مع نظرائه من السعودية وقطر وتركيا وكذلك اتصالين هاتفيين مع وزيري خارجية إيران والكويت أكدت مخاوفه، متابعًا "بعد محادثاتي هذا الأسبوع أعلم مدى خطورة الموقف لكنني أعتقد أن هناك فرصًا جيدة أيضًا لإحراز تقدم".
ولمّحت موسكو خلال اسقبال وزير خارجيتها سيرغي لافروف نظيره القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إلى استعدادها بذل جهود وساطة لتسوية الأزمة "إذا وافقت البلدان المعنية"، مشددًا على "قلق بالغ" بسبب تفاقم الوضع في المنطقة، مصرحًا أن «روسيا لا يمكن أن تسر لتدهور العلاقات بين شركائها".
ومن جانبها، أفادت السعودية على لسان مصدر مسؤول، إن محاربة الإرهاب والتطرف لم تعد خيارًا بمقدار ما هي التزام يتطلب تحركًا حازمًا وسريعًا، لقطع كل مصادر تمويله من أي جهة كانت، وبما ينسجم مع قرارات القمة العربية- الإسلامية- الأميركية.
وأعلن سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف مانع العتيبة، ترحيب بلاده بتصريحات الرئيس الأميركي في مواجهة دعم دولة قطر "المزعج" للتطرف، مضيفًا أنه ينبغي على الدوحة أن تراجع سياساتها الإقليمية بعد أن تقر بالمخاوف التي تتعلق بدعمها المقلق للإرهاب.
وأكدت البحرين أن موقف الرئيس ترامب الحازم يعكس إصرارًا شديدًا على مواصلة مكافحة كل صور التطرف، وضمان التكاتف الدولي للقضاء على تلك الظاهرة الخطرة، مشددة على ضرورة التزام قطر بتصحيح سياساتها والانخراط بشفافية في جهود مكافحة التطرف، لتتمكن دول المنطقة من معالجة الأخطار التي تهددها ومواجهة جميع الكيانات "الإرهابية" والقضاء على كل من يدعمها، ويحاول زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها.
فيما بدأت دول خليجية اتخاذ إجراءات قانونية عقب إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر قائمة لأشخاص وتنظيمات تدعم التطرف ضمت 59 شخصًا، و12 كيانًا مرتبطة بدولة قطر، حيث كشفت البحرين عن إجراءات ضد أي جمعية مرتبطة بالتنظيمات المدعومة من قطر.
وأوضح وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف البحريني، خالد بن علي آل خليفة، "أن الوزارة ستقوم بمساءلة كل من يقوم بتوظيف الدين لمصلحة أي ارتباطات أو ولاءات تنظيمية لدولة أو جهة خارجية تستهدف سيادة الدول ووحدتها واستقرارها، سواء كان من طريق الجمعيات السياسية أو جمع المال للأغراض الدينية أو الخطاب الديني".
وفي الكويت، استدعى جهاز أمن الدولة الكويتيين الثلاثة، الذين وردت أسماؤهم ضمن القائمة، وقالت صحيفة "القبس" الكويتية إن الأجهزة الأمنية وضعت حجاج العجمي وحاكم المطيري وحامد العلي تحت الرقابة المشددة منذ فترة، كما منعتهم من السفر، مشيرة إلى أن جهاز أمن الدولة بصدد استدعائهم مجددًا لسماع أقوالهم، كما سيتم استدعاء أشخاص آخرين على صلة بهم.
ولفتت الصحيفة إلى أن السلطات الأمنية الكويتية ستطلب من نظيرتها في السعودية ودول أخرى آخر المعلومات والبيانات بشأن خلايا نائمة تم رصدها أخيرًا في المنطقة، بغية التحرك لتنفيذ عمليات تخريبية.
وفي موسكو، أجرى الوزيران سيرغي لافروف ومحمد بن عبدالرحمن آل ثاني، جلسة محادثات مغلقة، لم يعقبها كما جرت العادة مؤتمر صحافي، لكن لافروف استهلها بالإشارة إلى أن بلاده "لا تتدخل في شؤون البلدان الأخرى لكنها تشعر بقلق بالغ بسبب تدهور علاقات بلدان خليجية وعربية مع قطر".
ودعا الوزير الروسي إلى تسوية الأزمة عبر الحوار، معتبرًا أن "الطريق إلى تسوية الوضع بشأن قطر يمر عبر الحوار المباشر"، وفي تجديد لتلميحات سابقة من جانب موسكو باحتمال لعب دور وساطة، أبرز أن بلاده "تواصل اتصالاتها بمعظم أطراف الأزمة الخليجية، وأنها مستعدة لاتخاذ خطوات إضافية لدعم جهود التسوية"، لكنه استدرك: "سنحاول عمل كل ما في وسعنا، في حال موافقة الأطراف المعنية واهتمامها بذلك".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شدد في اتصال هاتفي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، على أن بلاده تؤيد بشدة معالجة الأزمات بالوسائل السياسية والدبلوماسية ومن خلال الحوار.
وعلى جانب آخر، أعرب الوزير القطري عن أمله في "تطور علاقات التعاون والحوار البناء بشأن القضايا الإقليمية بين روسيا وقطر"، متقدمًا بالشكر من المؤسسات الروسية التي عرضت خدماتها في ظل الإجراءات التي فرضت عليها، مبينًا أن بلاده تسعى دائمًا إلى حل الخلافات بالحوار، معتبرًا أن مجلس التعاون الخليجي "هو الإطار الأنسب لذلك"، وأن الدوحة ترحب بجهود الوساطة التي تقوم بها الكويت لتجاوز الأزمة.
في المقابل، دافع محمد آل ثاني عن توجه قطر لتعزيز العلاقات مع إيران، قائلًا في مقابلة مع قناة "أر تي" الروسية إن التجارة مع إيران "ليست جريمة"، مشددًا على أن الدوحة "تُثمن جهود إيران بفتحها ممرات جوية بيننا، وتجهيزها ثلاثة موانئ من أجل نقل السلع، مع أننا لسنا في حاجة إليها الآن، إلا أننا سنستخدمها في حال اقتضت مصلحة الشعب القطري ذلك"، مؤكدًا على "استغراب قطر" بسبب تبني واشنطن مواقف فيها إدانة لقطر رغم أن "لدينا تاريخًا حافلًا من التعاون في محاربة الإرهاب"، متوقعًا أن "شراكتنا مع الولايات المتحدة قادرة على تجاوز المشاكل".