باريس ـ مارينا منصف
يستقبل الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون، الاثنين، في قصر فرساي، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اختبار دبلوماسي جديد سيشكل فرصة لمناقشة ملفات خلافية بين باريس وموسكو، أبرزها سورية وأوكرانيا، ومحاولة تجاوز حذر متبادل.ويأتي هذا اللقاء بمناسبة افتتاح معرض عن الزيارة التاريخية التي قام بها القيصر بطرس الأكبر لفرنسا في 1717، قبل ثلاثمائة عام تمامًا والتي دشنت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فيما كشفت مصادر الإليزيه أن الهدف هو "التشديد على الصلات القديمة والعميقة بين البلدين عبر زيارة مشتركة للمعرض".
وفي رسالة التهنئة التي وجهها إلى نظيره الفرنسي غداة انتخابه في السابع من مايو/ أيار، حض بوتين ماكرون على "تجاوز الحذر المتبادل"، لكن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، كريستوف كاستانيه، نبّه إلى أن “إجراء حوار لا يعني الانحياز” على خلفية خلافات كثيرة في الأعوام الأخيرة في مقدمها ملفا أوكرانيا وسورية.
ودعا ماكرون خلال حملته إلى “الحوار” و”الحزم” حيال موسكو، مؤكدًا أنه “ليس من أولئك المنبهرين بفلاديمير بوتين”، ومشددًا على أنه لا يشاطره “القيم” نفسها، في حين أوضح الكرملين أن الرئيس الفرنسي الجديد وجه هذه الدعوة بنية “التعارف وإقامة علاقة عمل” حين أجرى الرئيس الروسي اتصالًا هاتفيًا به للمرة الأولى في 18 أيارأ أما جدول أعمال اللقاء فيشمل العلاقات الفرنسية - الروسية وبحث مستقبل الاتحاد الأوروبي ومكافحة الإرهاب والأزمات الإقليمية من أوكرانيا إلى ليبيا مرورًا بسورية وكوريا الشمالية.
وقالت مصادر الكرملين إن “فرنسا من ضمن الدول التي تتبنى موقفًا حازمًا جدًا من نظام بشار الأسد”، متوقعة نقاشًا “صريحًا ومهمًا جدا” حول هذه القضية، وفي اتصال هاتفي أول، تبادل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الفرنسي جان ايف لودريان الآراء، “خصوصا حول تسوية الأزمات في ليبيا والعراق وأوكرانيا” وفق بيان للخارجية الروسية الجمعة، كذلك، سيحاول الرئيسان تدوير الزوايا بعد الحملة الرئاسية الفرنسية التي تخللها استقبال الكرملين في مارس /آذار، لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان التي خسرت أمام ماكرون في الدورة الثانية، إضافة إلى القرصنة المعلوماتية التي تعرّضت لها الحركة السياسية للمرشح الوسطي ونسبت إلى جهات روسية. سيعقدان أولا الاثنين اجتماعا ثنائيا، قبل غداء عمل في حضور وفديهما ومؤتمر صحافي مشترك، ثم يزوران المعرض.
وقبل عودته إلى موسكو، سيزور بوتين منفردًا المركز الروحي والثقافي الأرثوذكسي الجديد في قلب باريس، والذي كان مقررًا أن يفتتحه في أكتوبر/تشرين الأول 2016، لكن التصعيد في الخطاب بين باريس وموسكو جرّاء هجوم النظام السوري وحليفه الروسي على الشطر الشرقي من مدينة حلب في شمال سورية دفع بوتين إلى إلغاء زيارته.
ومنذ زيارته الأخيرة لباريس قبل خمسة أعوام، عاد الرئيس الروسي مرارَا إلى فرنسا ولكن في إطار اجتماعات متعددة الطرف كان آخرها مؤتمر باريس حول المناخ في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وسيكون الاجتماع في قصر فرساي الأول بين إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي، بعدما التقى معظم القادة الغربيين وفي مقدمهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال قمة الحلف الأطلسي الخميس في بروكسل، وخلال قمة مجموعة السبع في صقلية الجمعة والسبت.
وقال كريستوف كاستانيه إن هذه اللقاءات ارتدت “أهمية إضافية، وخصوصًا أنه كان يُنظر إلى هذا الشاب (ماكرون، 39 عامًا) بوصفه ليس أهلًا ليكون رئيسًا للجمهورية، وغير قادر على تجسيد فرنسا والدفاع عنها، وأضاف أن “الخطوات الأولى لأي رئيس تنطوي على رمزية في ذاتها، والفشل فيها سينعكس سلبًا على السنوات الخمس من الولاية".
وعشية الاجتماع، طالبت عائلات أوكرانيين مسجونين لأسباب “سياسية” الرئيس الفرنسي بإثارة قضيتهم أمام بوتين وطلب الإفراج عنهم.