الرباط ـ عادل سلامه
أشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس الجمعة، بالحي الجامعي "مدينة العرفان" في الرباط على تدشين مشروع توسعة معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، وهي ثالث توسعة يعرفها المعهد منذ إنشائه عام 2015 بفضل الإقبال الكبير الذي عرفه، خصوصا من طرف الدول الأفريقية.
وقال أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي: إن مشروع التوسعة الجديدة يأتي تنفيذا للتعليمات الملكية المتعلقة بزيادة طاقة الاستقبال والتأطير بالمعهد، بغية تمكينه من الاستجابة الجيدة للطلبات المتزايدة المعبر عنها من طرف عدد من الدول الشقيقة والصديقة. وأوضح التوفيق في كلمة ألقاها أمام الملك محمد السادس، خلال حفل التدشين، أن هذا الجناح الثالث المنجز من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية باستثمار إجمالي قدره 165 مليون درهم (16 مليون دولار) سيمتد على مساحة عشرة آلاف مترمربع، حيث يشتمل على جناح بيداغوجي (تربوي) بسعة 640 مقعدا، ومدرج كبير به 1100 مقعد، وجناح للسكن يضم 350 سريرا.
وذكر الوزير التوفيق، أن الأئمة الوافدين من بلدان أجنبية يتابعون تكوينا أساسيا أو تكوينا قصير المدى، مشيرا إلى أن المعهد استقبل طلبة منحدرين من مالي، وغينيا كوناكري، وكوت ديفوار، وتونس، وفرنسا، ونيجيريا، وتشاد، وأضاف موضحا «لحد الآن التحق 712 إماما ومرشدة في التكوين الأساسي ببلدانهم»، مشيرا إلى أن 35 من الغينيين، و33 من الفرنسيين، و107 من النيجيريين، و79 من التشاديين، و37 من التونسيين، استفادوا من دورات التدريب قصير الأمد الخاص بالأئمة العاملين في المساجد.
وأوضح الوزير التوفيق، أن 778 طالبا أجنبيا يتابعون دراستهم حاليا في المعهد، مؤكدا أن مدة التكوين تأخذ بعين الاعتبار مستوى تعليم المرشحين، ولا سيما في ما يتعلق بمستوى إتقانهم للغة العربية، مبرزا أن مدة التكوين عامة بالنسبة للطلبة الأفارقة سنتان، وثلاث سنوات بالنسبة للفرنسيين، وأن المعهد ينظم بتعاون مع المكتب الوطني للتكوين المهني تكوينات اختيارية قصيرة المدى في شعب الكهرباء والخياطة والزراعة والمعلوميات.
وحسب الوزير المغربي، يستقبل المعهد كل سنة 150 طالبا مغربيا، حصلوا على شهادات الإجازة بميزة، ويحفظون القرآن الكريم حفظا كاملا، حيث يتلقون تكوينا يمتد لاثني عشر شهرا، يتيح لهم أن يصبحوا أئمة مرشدين، يواكبون أئمة آخرين في تنفيذ مهامهم. كما تستقبل المؤسسة طالبات بالمستوى الجامعي نفسه، يحفظن جزءا مهما من كتاب الله لتلقي تكوين يمتد للفترة ذاتها، يتابعن خلاله البرنامج نفسه؛ سعيا إلى جعلهن مرشدات بالمساجد وبمختلف المؤسسات الأكاديمية والاجتماعية؛ وذلك بهدف نشر التعاليم الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف والاستجابة أساسا لقضايا المرأة.
من جهة أخرى، أوضح التوفيق أنه وبأمر من الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين والقائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تم إحداث قسم خاص بالمعهد لتكوين الأئمة المرشدين المرشحين للتأطير الديني في صفوف القوات المسلحة الملكية، مبرزا أن عدد طلبة هذا الفوج وصل إلى مائة طالب، وتابع الوزير قائلا إنه بالتنسيق مع القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية تم إعداد مشروع دليل لكافة المؤطرين الدينيين في صفوف هذه القوات، سيعرض قبل النشر على نظر الملك محمد السادس.
وبهذه المناسبة، سلم العاهل المغربي شهادات التخرج لـ18 من خريجي معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات "فوج 2016"، المنحدرين من كوت ديفوار، وفرنسا، وغينيا، ومالي، ونيجيريا، وتشاد والمغرب. وقد أضحى معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، سنة بعد سنة، يفرض نفسه نموذجا ومنشأة مبتكرة ما فتئت تحظى بالإشادة لدى الأوساط الرسمية والشعبية، إن من أجل أبعادها أو الأهداف التي تروم بلوغها.
من جهة أخرى، أشرف العاهل المغربي، عقب أداء صلاة الجمعة أمس في مسجد "الرحمة" في الرباط، على تسليم جائزة محمد السادس للنساء المتفوقات في برنامج محاربة الأمية بالمساجد برسم السنة الدراسية 2016 – 2017، ويتعلق الأمر بكل من العزيزة إبراهيم (الرشيدية)، ونزهة عزوزي (كرسيف)، وعزيزة العلوي (سلا)، ونعيمة آيت علي إبراهيم (عين الشق)، وخديجة الطويل عقانا (طنجة).
وتم إطلاق برنامج محاربة الأمية بالمساجد تنفيذا للتوجيهات الملكية في خطاب 20 أغسطس (آب) 2000، والذي أمر فيه العاهل المغربي بأن «تفتح المساجد لدروس محو الأمية الأبجدية والدينية والوطنية والصحية، وذلكم وفق برنامج محكم مضبوط».
ومكّن هذا البرنامج المساجد من استعادة مكانتها الريادية في مجال التنوير والتوجيه الديني ومحو الأمية، إلى جانب دورها في بناء مجتمع ديمقراطي وحداثي منفتح، قائم على نبذ الإقصاء والتهميش ومحاربة الفقر والجهل. وتمكن البرنامج الوطني لمحو لأمية بالمساجد، الذي تشرف على تنفيذه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، من تسجيل نتائج تجاوزت بكثير الأهداف المسطرة في البداية، ولا سيما على ضوء ارتفاع عدد المساجد التي تشارك فيها، وزيادة عدد المؤطرين، والمنسقين والمستشارين التربويين.
وبلغ عدد المستفيدين من البرنامج برسم سنة 2016 – 2017، نحو 303 آلاف مستفيد، من بينهم 237 ألفا في المستوى الأول و65 ألفا في المستوى الثاني. وعبأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال هذا الموسم، نحو 6862 مسجدا، وكلفت نحو 7470 مؤطرا، و986 منسقا ومستشارا بيداغوجياً و370 مكونا بيداغوجياً من أجل تنفيذ هذا البرنامج.
وبالموازاة مع البرنامج الوطني لمحاربة الأمية في المساجد، تسهر الوزارة على تنفيذ برنامج محاربة الأمية بواسطة التلفزيون والإنترنت، الذي استفاد منه برسم سنة 2016 – 2017 أزيد من 298 ألف شخص. ومن أجل ضمان نجاح هذه البرامج والعمل على استدامة مكتسباتها، تلتزم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمتابعة استراتيجيتها في مجال محاربة الأمية، وتفعيل توصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي المتعلقة بمحاربة الأمية، وذلك وفقا للرؤية الاستراتيجية المتعلقة بإصلاح منظومة التربية والتكوين. كما ستعمل على تطوير وسائل ومناهج التربية والتعليم، من خلال الاستثمار بكيفية أكبر في التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، إلى جانب إعداد دراسة لتقييم برامج محاربة الأمية.