طرابلس ـ فاطمة سعداوي
بدا في العاصمة المصرية القاهرة أن ثمة اتفاقًا وشيكًا، للمرة الأولى منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، على إعادة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية في كيان يقوده المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، في المرحلة الجديدة.
ويضم هذا الكيان، كما يُفترض، العسكريين المحسوبين على حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، الذي استبق زيارة وشيكة سيقوم بها الأحد، إلى القاهرة، بالإعلان عن تشكيل غرفة مشتركة مع إيطاليا لمكافحة المهربين والاتجار بالبشر.
وبينما يعتزم السراج الاجتماع مع مسؤولي اللجنة المصرية المعنية بالأزمة الليبية، في أحدث زيارة له إلى القاهرة التي زارها الأسبوع الماضي المشير حفتر، قال مسؤول عسكري ليبي رفيع المستوى، إن الاجتماع الرابع لوفد الجيش الليبي المعني بعملية تنظيم المؤسسة العسكرية، الذي استضافته العاصمة المصرية على مدى الأيام الثلاثة الماضية «توصل إلى تفاهم رسمي بشأن تعيين المشير حفتر قائدًا عامًا للجيش الوطني».
وسئل المسؤول الذي شارك في الاجتماع، ورفض كشف هويته، عما إذا كان ضباط الجيش الموالون لحكومة السراج في طرابلس أقروا بتعيين حفتر قائدًا عامًا للجيش في حال توحيده، فأجاب: «طبعًا حدث اتفاق»، لكنه رفض الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.
وقالت مصادر مصرية، في المقابل، إن ضباط الجيش الذين يمثلون كافة المناطق الليبية اتفقوا على إبعاد السياسة عن مسألة عمل الجيش وقيادته، مؤكدة أن ثمة تفاهمًا على ترؤس حفتر للمؤسسة العسكرية الليبية في المرحلة الجديدة، وكشف مسؤول مصري بارز: «لدينا هنا تطور إيجابي. عملية توحيد الجيش تتم على قدم وساق. اجتماعات القاهرة نجحت في إقناع الجميع بأن الخطر الداهم الذي تتعرض له ليبيا، وما يشكله التطرف فيها من خطر على دول جوارها الجغرافي، يدفع إلى وجود جيش قوي ومحترف قادر على حماية الأراضي وحفظ الأمن»، مضيفًا: «بقيت تفاصيل صغيرة، سيتم الانتهاء منها في وقت لاحق، المهم أن لدينا للمرة الأولى اتفاق مبادئ حاكمة لعملية توحيد الجيش الليبي».
وبمقتضى الاتفاق سيتم دمج وزارة الدفاع الليبية في مجلس عسكري للجيش يقوده حفتر، الذي يتعين عليه وفق مصادر مصرية وليبية، أن يتعاون بشكل كامل مع حكومة السراج ويعترف بشرعيتها.
وذكر الجيش الوطني الليبي في بيان أصدره، السبت، إن وفده عمل على استكمال الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة الليبية، وذلك بتضمين التعديلات المطلوبة، واتفق على أن يكون الاجتماع المقبل لوضع الإجراءات والتدابير الخاصة بآلية تنفيذ تنظيم هيكلة المؤسسة العسكرية. كما أكد الوفد على «مجموعة مبادئ وثوابت وطنية، على رأسها وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها وسلامتها، والتأكيد على حرمة الدم الليبي، وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة دون الانجرار أو الوقوع في فخ الخلافات الجهوية والمناطقية».
ووفق البيان، فقد اتفق الحضور على أهمية دعم ومساندة المسار العسكري والأمني، بالتوازي مع المسار السياسي، باعتباره حجر الزاوية والعمود الفقري لاستقرار الدولة الليبية، مع مطالبة المجتمع الدولي بدعم جهود هذا المسار «دون تدخل أو فرض منهج انتقائي»، مؤكدين على إيجابية الاجتماعات التي تجرى برعاية القاهرة.
من جهة أخرى، كشف السراج في بيان، السبت، عن توصله إلى اتفاق مع إيطاليا لتشكيل غرفة مشتركة لمعالجة قضايا التهريب والهجرة غير الشرعية، وذلك لدى لقائه وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي في طرابلس، لافتًا إلى أنه تم مناقشة تفاصيل عمليات التنسيق والخطوات العملية التنفيذية لمواجهة شبكات التهريب والاتجار بالبشر، ومن المقرر أن تتكون الغرفة التي ستركز بشكل أكبر على ملاحقة هذه الشبكات، سواء في ليبيا أو أفريقيا وأوروبا، من ممثلين عن خفر السواحل وجهاز الهجرة غير الشرعية والنائب العام وجهاز المخابرات في ليبيا ونظرائهم الإيطاليين.
في المقابل، وعلى الرغم من أن وزير الداخلية الإيطالي أشاد بنجاحات خفر السواحل الليبي في عمليات إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط، وملاحقة عصابات التهريب، حيث بلغ عدد من تم إنقاذهم من قبل خفر السواحل خلال هذا العام 80 ألف مهاجر، إلا أن السراج دعا إلى تعاون أكبر، خصوصًا في تأمين حدود ليبيا الجنوبية التي يتدفق عبرها هؤلاء المهاجرون غير الشرعيين الذين قال إن أعدادهم خارج مراكز الإيواء تظل كبيرة، وأوضح الوزير الإيطالي اقتناع دول وسط أوروبا بالمساهمة في هذه العملية، مشيرًا إلى أنها ستقدم الأسبوع المقبل 35 مليون يورو دعمًا لها.
من جهته، بيّن غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أنه لا يزال «يأمل» في توافق طرفي النزاع في ليبيا على إخراج البلد من الفوضى والأزمة السياسية والاقتصادية الخطرة المستمرة فيه، مؤكدًا سلامة غداة لقائه في الرباط، الجمعة، وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن الرؤية الخاصة للوصول لمخرج واضح للأزمة الليبية تتطلب عملية سياسية تفضي إلى إحداث مؤسسات دستورية، موضحًا أن هذا المخرج يتطلب بالضرورة وضع دستور جديد وتحقيق المصالحة الوطنية، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وشدد سلامة على أنه ما زال يأمل في توافق على تعديل اتفاق الصخيرات الموقع نهاية 2015 برعاية الأمم المتحدة، بحضور ممثلي الأطراف المعنية بهذا النزاع بهدف التوصل لحل سلمي للأزمة السياسية في ليبيا.