الدار البيضاء - جميلة عمر
نظم نادي قضاة المغرب، ومؤسسة هانس سايدل الألمانية، مساء السبت الماضي في الرباط، ندوة صحافية حول موضوع "المداخل التشريعية لاستقلال السلطة القضائية".
ويبدو أن الجليد لم يذُب بين نادي القضاة ووزارة العدْل والحرّيات، إذ أعطيت الكلمة لعبدالإله لحكيم بناني الكلمة للكاتب العام، الذي أعطى خلال مداخلته مثالًا متمثلًا في قضية توقيف المحكمة العليا الإسبانية قاضيًا إسبانيًا لمدة عام، بسبب ضعف مردوديته، لكوْنه حَكم في 107 ملفاتٍ فقط خلال عام ولم يصل إلى المعدّل المحدد بـ451 ملفًا.
وهو التدخل الذي أغضب رئيس نادي قضاة المغرب، عبداللطيف الشنتوف، والذي علق على الكاتب العام لوزارة العدل والحريات بأن المجلس الأعلى للقضاء في المغرب لا يستطيع أنْ يُوقفَ أيّ قاضٍ مغربيّ ولو حكمَ في 60 قضيّة فقط في العام، لسبب بسيط، وهو أنّ قُضاة المغرب دائنون للدولة في مجال الأحكام بألْف حُكْم أو أكثر بشأنِ ظروف عمل القُضاة داخلَ المحاكم، في ظلّ كثرة الملفّات التي يُعالجونها، وهو العامل الذي يرَى القضاة أنه "يؤثّر على جوْدة عملهم".
وأضاف رئيس نادي قضاة المغرب أن قضاة المحاكم المغربيّة تجاوزوا، بسبب قلّة الموارد البشرية في المحاكم، معدّل الإنتاج العالمي من الأحكام القضائية، وتابع موجّهًا خطابه للكاتب العامّ لوزارة العدل والحريات: نطلب فقط توفير ظروف ملائمة للعمل والوسائل المادية، وسيكون القضاة في المستوى.
غيْرَ أنّ الكاتبَ العامّ لوزارة العدل والحريات، وإنْ أقرّ بوجود قضاة يُعالجون أكثر من 3000 قضية في العام، إلا أنه ردّ على الشنتوف بالقول إنّ هناك قضاةً آخرين لا يتعدّى معدّل القضايا التي يعالجونها 200 قضية في العام، ليعاود الثاني توجيه كلامه، قائلًا: "ربما يتعلّقُ الأمرُ بحالات استثنائية والاستثناء لا يُقاسُ عليه".
من جهة أخرى، تطرق الكاتب العام لوزارة العدل إلى المشاكل التي يعاني منها القضاء المغربي، والتي لخصها في الخصاص في القضاة والموظفين العاملين في المحاكم، وأنه منذ العام 2008 بذلت الدولة مجهودًا خاصًا لتوفير الموارد البشرية الكافية للسلطة القضائية، سواء الموظفين أو الملحقين القضائيين.
وبحسب الأرقام التي قدّمها بناني، فإن عدد المناصب المالية للموظفين لم يكن يتعدّى العام 2007 أربعة مناصب، ليرتفع العدد إلى 502 منصبًا العام 2007، ثم إلى 1069 العام 2009، وانخفض العام 2010 إلى 673، قبل أنْ يعود إلى الارتفاع العام 2011 ويصل إلى 1468 منصب، ثمّ انخفض العدد العامين 2012 و2013، وعاد ليرتفع العام 2014 إلى 872 منصبًا ماليًا، مضيفًا: هذه مناصبُ مالية وضعتها الدولة رهنَ إشارة العدالة، وهذا معناه أنها سحبتها من قطاعات حكومية أخرى، لعلّها الصحّة أو التعليم أو قطاعات حكومية أخرى، ووضعتها رهن إشارة العدالة؛ لأنه قيل إنّ مشاكل العدالة تكمن في الخصاص في الموارد البشرية، بحسب الكاتبُ العامّ لوزارة العدل والحريات.
وبالنسبة إلى الملحقين القضائيين، أوضح بناني أنّ نسبة زيادة عدد القضاة الذين تمّ توظيفهم منذ العام 2007 وحتى الآن ربما بلغتْ نسبة عدد القضاة الذين تمّ تعيينهم منذ عقود خلتْ، وأن معدّل الملحقين القضائيين قبل العام 2007 لم يكن يتجاوز 100 ملحق قضائي، لينتقل إلى 136 العام 2007، وفي العام 2008 تمّ تعميم 1144 ملحق قضائي على محاكم المملكة، ليرتفع عدد الملحقين القضائيين إلى 393 العام 2009، وعادَ لينخفض إلى 300 العام 2010، ثم ارتفع إلى 231 ملحقًا قضائيًا العام 2011، في حين وصل عدد الملحقين القضائيين الذين تمّ تعيينهم العام 2012 إلى 246.
وأضاف بناني مخاطبًا الحضور: لعلكم تتساءلون أيْن ذهبَ كلّ هؤلاء القضاة السؤال البديهي والمعادلة المنطقية تقتضي أنه في الوقت الذي وفرت فيه الدولة كل هذا الزخم البشري من المفروض أن تظهر انعكاساته على أداء المحاكم، وللإجابة على السؤال قدّم أرقامًا بشأن عدد القضايا المحكومة في مجموع المحاكم الابتدائية المغربية، إذ انخفضَ العدد من مليونين و220 ألف قضية العام 2009، إلى مليونين و 52 ألفًا العام 2010، وانخفض عدد القضايا المحكومة العام 2011 إلى مليون و847 ألف ثم إلى مليون و791 ألفًا العام 2012.
إلى ذلك، أعلن الكاتب العامّ لوزارة العدل والحريات أن الوزارةَ عمدتْ إلى وضع معايير على أساسها سيتمّ تقييم أداء المحاكم؛ لرصْد الاعتمادات المالية اللازمة لها، ومنها ضمان الأداء الجيد والفعّال للمحكمة، وضمان حقّ الأشخاص في الولوج إلى القضاء العادل والمنصف، وضمان سيْر مرفق العدالة بشكل عام.