أنقرة - جلال فواز
اتخذ النزاع بين أنقرة و"العمال الكردستاني" منحًى تصعيدياً خطيرًاً، بعدما شنّ عناصر الحزب الهجوم الأكثر دموية على الجيش التركي منذ انهيار وقف النار. وتوعّد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو "القضاء" على "الكردستاني"، فيما اتهمت المعارضة الرئيس رجب طيب أردوغان بـ "تحويل البلاد إلى حمام دم" لغايات انتخابية.
ووَرَدَ في بيان لـ "الكردستاني" أن 31 جندياً تركياً قُتلوا في فخّ نصبوه الأحد، للجيش، تلته اشتباكات في منطقة داغليجة في إقليم هكاري جنوب شرق تركيا، على الحدود مع إيران
والعراق، إذ فجّروا قنبلة تزن 400 كيلوغرام أثناء مرور موكب عسكري. وأشار "الكردستاني" إلى أن من بين القتلى ضابطاً برتبة مقدّم، فضلا عن جرح ستة جنود.
لكن الجيش التركي أعلن مقتل 16 من جنوده وجرح ستة، وشنّ غارات جوية استهدفت 23 هدفاً لـ"الكردستاني" جنوب شرق تركيا، متعهداً بتنفيذ عمليات عسكرية مستمرة "بلا هوادة".
وخرج آلاف من المواطنين إلى الشوارع في المحافظات التركية، احتجاجاً على عمليات "الكردستاني" ومطالبين الحكومة برد قوي، فيما تجدّدت تساؤلات عن جاهزية الجيش وقدراته على مواجهة المسلحين، ومصدر الكميات الضخمة للمتفجرات التي يستخدمونها أخيراً في هجماتهم التي تخترق مدرعات مصفحة، إضافة إلى تراجع دور جهاز الاستخبارات في كشف العمليات قبل وقوعها، أو جمع معلومات عن تحركات مسلحي "الكردستاني" داخل تركيا.
وتعهد داود أوغلو "بالقضاء على المتطرفين في الجبال"، وزاد بعد لقائه قيادة الجيش: "مهما تطلّب الأمر، يجب القضاء عليهم. جبال هذا البلد وسهوله ومدنه، لن تُترك للمتشددين. حزننا عميق وخطر".
وعقد داود أوغلو اجتماعاً طارئاً مع قادة الجيش والاستخبارات والوزراء في أنقرة بعد الهجوم، ولمّح أردوغان إلى إمكان تنفيذ عمليات عسكرية برية في شمال العراق ضد مسلحي "الكردستاني"، إذ بيّن "ستكون هناك طريقة مختلفة وجديدة في التعامل معهم، وسيدفعون ثمن أفعالهم غالياً". وأعرب عن "صدمة شديدة" بعد "هجوم غادر يفطر قلوبنا، من تنظيم متطرف
انفصالي"، متوعداً بـ "ردّ استثنائي وحاسم".
وتحدث الرئيس التركي عن مقتل ألفين من مسلحي الحزب، منذ إعلانه "حرباً
على التطرف" في 22 تموز/ يوليو المنصرم. وأفاد مصدر عسكري بأن الجيش والاستخبارات خططا لاعتقال جميل باييك، قائد الجناح العسكري لـ "الكردستاني" في جبال قنديل شمال العراق، إذ أرسل الجيش وحدة "كوماندوز" لتوقيفه، بعد كشف مكان اختبائه، لكن باييك ترك الموقع قبل ساعات من العملية. ورجّح المصدر تكرار المحاولة لاحقاً،
معتبراً أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي أي" قد تكون "أفشت المخطط وسهّلت هروب باييك".
وأثار أردوغان جدلاً بقوله، في إشارة إلى حزب "العدالة والتنمية" الحاكم: "لو أن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة أفضت إلى نيل حزبٍ 400 مقعد، أو غالبية تكفي لتعديل الدستور كما تمنيت سابقاً، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن من قتل وتطرف".
واعتبرت صحف موالية أن أردوغان يقصد أن تركيا أضاعت فرصة لتعديل الدستور، في شكل يضمن تسوية القضية الكردية وإقامة نظام رئاسي قوي يشرف على الحلّ، فيما اتهمت صحف المعارضة الرئيس بابتزاز الناخب التركي وتحميله مسؤولية
عودة التطر ، إذ لم يصوّت للحزب الحاكم.
واتهم أردوغان وسائل الإعلام التابعة لجماعة فتح الله غولن ومجموعة "دوغان" الإعلامية، بنشر مقالات مسيئة إليه، مؤكداً أنه سيلاحق المجموعتين قضائياً. وبعد تصريح الرئيس التركي، توجّه 200 شخص إلى مقرّ مجموعة "دوغان" في إسطنبول، والذي يضمّ صحيفة "حرييت"، وحطموا واجهته الزجاجية وحاولوا اقتحام المبنى والاعتداء على العاملين فيه.