خريبكة ــ المغرب اليوم
تتميز مدينة أبي الجعد في إقليم خريبكة، التي تأسست في مطلع القرن السادس عشر ميلادي، بطابعها المعماري الأصيل والمتميز بالأقواس التي تزين مداخل منازلها القديمة، والتي جعلت المقيم العام الفرنسي إبان الاستعمار يأمر بتشييد واجهة من الأقواس أصبحت رمزًا من رموز المدينة وتراثا لجهة بني ملال خنيفرة ككل.
وظهرت العديد من التصدّعات خلال شهر حزيران /يونيو 2015، في بعض الأقواس في مدخل أحد الأحياء العتيقة وسط المدينة سرعان ما انتقلت للأقواس المجاورة في الجهتين، مما دفع بالسلطات بحضور مهندس من العمالة وممثل إحدى الشركات التي قامت سابقا بأعمال صيانة داخل أحياء المدينة القديمة، إلى الإسراع بوضع دعائم حديدية للحد من التشققات ومنع انهيار الأقواس.
وعقدت عمالة إقليم خريبكة عدة اجتماعات لتدارس هذا المشكل الخطير الذي يهدد المعالم التراثية لإحدى أقدم مدن الجهة، ليتم تكليف مكتب دراسات لتحديد الأسباب والسبل المتاحة لإنقاذ أقواس أبي الجعد، ويعتبر أبرز تم اكتشافه أثناء ترصيف أحد الأزقة، مجموعة من الأمور كانت طي الكتمان وتم التستر عليها، عندما أحدث ثقب في الأرض كشف عن وجود طابق تحت أرضي يضم أقواسا تحت محلات تجارية، هذا الأمر تم التكتم عليه بردم الحفرة فقط وترك محلات عائمة فوق طبقة رقيقة لم يكن أصحابها على علم أن تحتهم طابق آخر، ووجود طوابق تحت أرضية تم كشفه بعد حادث تصدع الأقواس، ليتم فيما بعد الإعلان أن بعض المحلات المجاورة للأقواس قائمة فوق سقف طابق تحت أرضي وأصحابها لا يعلمون بذلك، هي محلات قديمة كان أغلبها عبارة عن ورشات عمل لليهود الذين عاشوا مدة طويلة بأبي الجعد واحترفوا مهنا أبرزها الخياطة، وهو أمر ينبغي التعامل معه على أنه اكتشاف من شأنه أن يغني الرصيد التاريخي والتراثي للمدينة عوض طمسه، ليشكل فيما بعد خطرا على أجزاء مهمة من المدينة.
ولازالت الدعائم الحديدية، بعد سنة ونصف من الانتظار، تحمل الأقواس ولا أثر للأشغال أو لنتائج الدراسات، وسط قلق للمجتمع المدني الذي يأمل أن يتم التعامل مع أقواس المدينة على أنها تراث وينبغي ترميمها وفق شروط خاصة وتقنيات تحفظ القيمة التاريخية لها.