دبي _ وام
بينما كان رفاق ألبرتو مانغويل، القارئ الشغوف الذي رأى الكون مكتبة، يحلمون بمآثر بطولية، كان حلمه هو أن يصبح أمين مكتبة، ورغم أنه لم يصل إلى ذلك بالمعنى الوظيفي، إلا أنه حقق حلمه بشكل مغاير، إذ احتلت الكتب كل البيوت التي قطنها تقريبًا: في المنزل الأول ببوينس آيرس، ثم في لندن وباريس، وأخيرًا تورنتو.
للمبدع الأرجنتيني الكندي ألبرتو مانغويل (1948)، حكاية طويلة مع القراءة، بدأت كمستمتع وهو لم يبلغ العامين، كما روى، حينما كانت مربيته تمدّ يدها لتجلب قصة من أحد الرفوف حتى ينام الطفل، وبعد سنوات تعلم الصبي القراءة وهام بها، وحرص القارئ النهم على اقتناء الكتب حتى صار لديه منها أكثر من 30 ألفًا، جمعها على مدى عقود، وفاضت رفوف الغرف بما تحمله من مجلدات، حتى احتلت مساحة في مطبخ المنزل.
المكتبة في منزل مانغويل لم تكن مجرد زينة، أو رفوف وجاهة مصطعنة، إذ تحولت إلى ما يشبه وطن الكاتب، وعالمه الأثير، تمتلك نهاره وليله (من بين مؤلفاته المكتبة في الليل)، وحتى أحلامه تكون ساحتها المكتبة، كما سرد في "يوميات القراءة": "ليلة أمس حلمت وأنا أمشي في غرفة المكتبة، وكانت مكتظة بالناس، أغلبهم كتاب كنت أعرفهم وهم الآن ميتون. غمرتني البهجة بمرأى دينيس ليفرتوف وذهبت إليها لأقبلها، لكنها أدارت وجهها عني وهي تبتسم، ثم بدأت بسحب كتب من رفوف مكتبتي قاذفًا إياها في الهواء بمرح كنت خائفًا من أن تؤذي أحدًا".