الرباط- المغرب اليوم
تخلص دراسة جديدة إلى أن نمط التعليم عن بعد الذي رافق المنظومة التعليمية المغربية خلال جائحة كورونا “زاد من تعرية واقع التعليم بالمغرب، وتعزيز أجواء انعدام الثقة في المدرسة المغربية”.
جاء هذا في كتاب جديد للباحث مصطفى شكري، صادر عن منشورات المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات، بعنوان “المنظومة التربوية المغربية في سنة 2020: التعليم عن بعد في زمن كورونا.. المنجزات والإكراهات والتحديات”.
ويضم هذا المنشور الجديد دراسة تشخيصية لأهم مستجدات “المغرب التعليمي” خلال فترة الجائحة، وما ارتبط بها من فرض للحجر الصحي المنزلي سنة 2020، وما رافقه من إغلاق للمدارس والمؤسسات الجامعية، واعتماد للتعليم عن بعد.
وتحدث هذا العمل عن “التعليم عن بعد”، الذي أنهى التحاق المتعلمين بالصفوف الدراسية النظامية الحضورية، وعن سياق نزوله الذي يعرف “مستويات كبيرة من تدني الثقة في المدرسة المغربية”، وما رافق ذلك في المقابل من ارتفاع الثقة في التعليم الخصوصي بنسبة لا تقل عن 83 في المائة من الآباء.
وذكّر الكتاب بأن الهاجس الموجه لهذا التدبير الاستثنائي كان “ضمان الاستمرارية البيداغوجية وإتمام المقررات الدراسية”، فرافقته، بالتالي، منصات رقمية تم إطلاقها، وتوفير للمادة التعليمية رقميا، واستعمال لوسائل التواصل الاجتماعي قصدَ ضمان “التواصل المدرسي”، وضمان التكوين والتدريب للأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
ورغم استثنائية هذه التدابير، تقول الدراسة إنه “لا يمكن غض النظر عما سيكشفه الواقع (…) من عدم توفر البنية التحتية للاستمرارية البيداغوجية، ومن الإقصاء الحاصل لعدد هائل من الأسر من الولوج بسبب عدم التوفر على حواسيب، ما عُدّ ضربا لتكافؤ الفرص والجودة”.
وسجلت الدراسة أن عددا من الإجراءات والتدابير التي تهم قطاع التعليم كانت “مضطربة ومتأخرة”، وكان فيها “غياب للتواصل والتشارك مع الفرقاء الاجتماعيين”، و”كان بعضها موجها ومؤطرا بهواجس ضمان ما عرفت بالاستمرارية البيداغوجية وإتمام المقررات الدراسية بأي ثمن ودونَ طرح أسئلة الجودة وظروف التنزيل وسياقات التنفيذ وإمكانات الإنجاز”.
وكشف هذا الظرف الاستثنائي، وفق الباحث ذاته، “افتقاد المنظومة التربوية للقدرات التخطيطية والاستشرافية لتدبير التعليم إبان الكوارث والجوائح”، ثم زاد: “الأزمة التي عاشها العالم سنة 2020 لم تغير رؤية الحكومة، إذ نجدها عموما مستمرة في المنحى نفسه على مستوى السياسات العمومية”.
ومع وجود عوائق خارج المنظومة التعليمية ساهمت في عدم نجاح “التعليم عن بعد”، مثل “ضعف الربط الشبكي”، على مستوى التهيئة الرقمية؛ يذكر الكتاب أن كل هذه العوامل أدت إلى “اختلالات وتفاوتات جلية في اكتساب التعلمات ومواكبة التعلم عن بعد، تمثلت في التفاوتات المجالية بين الوسطين الحضري والقروي، والفقر والهشاشة، ومستوى المواكبة الأسرية”.
وفي ختامها، نبهت الدراسة إلى “الفرصة السانحة” التي أتاحتها هذه التجربة في التعلّم غير الحضوري، لـ”اكتشاف الغنى المعرفي والعلمي للمواقع الشبكية، وغرس قيم تقوية جانب الاعتماد على النفس، وتنمية قدرات التعلّم الذاتي لدى الأبناء (…) وتجديد الممارسة التدريسية”، مع تسجيلها أن اعتبار هذه الوسيلة التعليمية “هي الحل” سيكون “وهما يضاف إلى أوهام متعددة عاشتها منظومتنا التربوية”.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
مدارس خاصة مغربية تعتمد التعليم عن بعد لغير الملقحين
وزارة التربية الوطنية تعلن انطلاق التعليم عن بعد على منصة «e-takwine»