عواصم ـ وفا
أبرزت الصحف العربية الصادرة اليوم السبت، العدوان الإسرائيلي الدموي المتصاعد بحق شعبنا في قطاع غزة، سواء من خلال التغطيات أو الكلمات الافتتاحية أو مقالات كتاب الأعمدة.
وفي هذا السياق، شدد الكاتب اللبناني سركيس نعوم في مقال نشره في جريدة 'النهار' تحت عنوان 'إسرائيل لن تنتصر في غزّة'، على استحالة أن تحقق دولة الاحتلال انتصارا على المقاومة في غزة، مهما بلغ حجم التصعيد والقتل والدمار.
وأوضح أن ما فعلته إسرائيل عمليا خلال جرائمها المتواصلة في القطاع هو قتل ما لا يقل عن 1500 شهيد، وجرح الآلاف وتدمير المنزل والبنية التحتية، مضيفا: لكن ذلك كله على بشاعته وعلى الألم والغضب اللذين يثيرهما في نفوس الفلسطينيين والعرب والمسلمين والشعوب التي تؤمن بحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، لن يحقق لإسرائيل أو لشعبها الجانح نحو اليمين الانتصار لا على شعب غزة ولا على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية. كما أنه لن يصيب فلسطينيّي الشتات باليأس.
وأضاف: والسبب الرئيسي لذلك هو أن إسرائيل لا تقاتل تنظيماً بل هي تقاتل شعباً فلسطينياً لا يستطيع إلا أن يتماهى مع الجهة الرسمية أو الحزبية التي تدّعي إسرائيل أنها تستهدفها بسبب الخطر الذي تشكِّله عليها سواء بواسطة الصواريخ أو بواسطة الأنفاق التي تستعملها للقيام بعمليات داخل الأراضي الإسرائيلية، والدافع إلى ذلك هو معرفة الشعب الفلسطيني الموزّع بين الداخل الإسرائيلي (1948) والداخل العربي والشتات أنه هو المستهدف من إسرائيل ومن زمان، ذلك أن التنظيمات التي تحاربها لدرء الخطر عن نفسها ليست إلا ذريعة.
وشدد الكاتب نعوم على أن الهدف الحقيقي من العدوان الحالي هو كسر إرادة شعب فلسطين وتهويد ما تبقى من أرضه ودفعه نحو الهجرة بالتدريج.
وقال: والانتصار في حرب كهذه مستحيل إلا إذا قرّر مسؤولو إسرائيل إبادة شعب غزة الفلسطيني. وهذا أمر لا يمكن أن يقبله أو يتقبّله العالم رغم الانحياز الدائم لكباره وعظمائه إليها في كل اعتداءاتها على الفلسطينيين والعرب. علما أن ما يجري منذ أوائل تموز الماضي في غزة يكاد يقترب من الإبادة.
من جانبه، قال الكاتب المصري البارز وحيد عبد المجيد في عموده (اجتهادات) المنشور بصحيفة 'الأهرام' المصرية: ما أكثرها المشاهد التي تعبر عن بطولة المقاومة الفلسطينية في مواجهة 'العدوان الصهيوني الإرهابي' على قطاع غزة وأكثر منها تلك التي تؤكد مدى همجية العدو الاستراتيجي للعرب جميعهم، بل للإنسانية كلها، غير أن مشهد مجرمي الحرب الثلاثة الكبار في مؤتمرهم الصحفي مساء أول أيام العيد الشهيد، كان هو الأكثر تعبيرا عن البطولة التي سيسجلها التاريخ للمقاومة.
وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه ورئيس أركانه وقفوا يتلعثمون ويجمعون بالكاد كلمة من هنا وأخرى من هناك، وهم يتحدثون عن أيام صعبة، كان المشهد ناطقا بفشل المعتدين وخيبتهم وتخبطهم في مواجهة مقاومين قليلي العدد والعدة، فليس فقط صمودا اسطوريا ذلك الذى حققه المقاومون في قطاع غزة من مختلف الفصائل، وممن لا ينتمون إلى فصيل، ولكنه أيضا إنجاز قتالي باهر لم يتوقعه أحد صديقا كان أم عدوا.
وأكد الكاتب أن هذا الانجاز لن يسجل في تاريخ النضالات الظافرة لقوى المقاومة ضد الاستعمار بكافة أشكاله فقط، ولكنه سيحتل أيضا مكانا متقدما ومميزا في سجل الحروب غير المتماثلة.
وتابع: أن وجه الإعجاز في هذا الإنجاز هو أن من حققوه محاصرون منذ 7 سنوات في أكبر سجن عرفه التاريخ، ومع ذلك نجحوا في تطوير أسلحة جديدة تدخل في إطار ما يطلق عليه 'عتاد الفقراء'، وفى تهريب أخرى أكثر تقدما نسبيا مثل صاروخ جراد الذى يزيد طوله على سبعة كيلو مترات رغم صرامة الحصار المفروض عليهم.
وأردف عبد المجيد: إن هذا إعجاز حقيقي لا يصح أن يكون أي خلاف مع أي من فصائل المقاومة التي حققته مبررا لإنكار قدرتها على تحدى ما كان يعتبر أقوى رابع 'جيش' في العالم وإذلال قواته التي ثبت أنها ليست أكثر من عصابات بلطجة تستغل ضعف أعدائها لتصب عليهم عشرات آلاف الأطنان من المتفجرات.
ووجه الكاتب التحية لأبطال المقاومة وبسالتهم، وللشعب الفلسطيني الشجاع الذي لولا صموده وتضحياته وصبره الجميل لما تمكن هؤلاء الأبطال من تحقيق معجزتهم.
من جانبها، ركزت الصحف الإماراتية الصادرة صباح اليوم في افتتاحياتها على الأوضاع التي يعيشها أبناء شعبنا جراء العدوان الذي يمارسه جيش الاحتلال الاسرائيلي بحق المدنيين العزل في قطاع غزة.
فمن جانبها وتحت عنوان 'فشل الهدنة والبحث عن النصر' قالت صحيفة ' البيان ' إن جهودا دولية نجحت في إعلان هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة في قطاع غزة لكنها لم تصمد سوى ساعات قليلة ليخرقها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف عنيف وغارات متتالية ليسقط خلال أقل من 3 ساعات أكثر من 70 شهيدا فلسطينيا.
وأضافت أنه يبدو أن هذا الجنون الإسرائيلي جاء إثر فقدان الاحتلال شكل النصر في حال ثبتت التهدئة خاصة بعد إعلان اختطاف ضابط إسرائيلي في عملية نوعية للمقاومة شرق رفح قتل خلالها عدد من الجنود الإسرائيليين.
وأشارت ' البيان ' إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كانا قد أصدرا بيانا موحدا دعا إلى تهدئة لمدة 72 ساعة والالتزام بوقف إطلاق النار وقبلت بها إسرائيل وكذلك المقاومة الفلسطينية في غزة إلا أنه بعد أقل من ساعتين من سريان الهدنة جن جنون جيش الاحتلال الاسرائيلي فيما يبدو بعد اكتشافه اختفاء ضابط إسرائيلي خلال عملية نوعية شرق رفح لتتهم إسرائيل 'حماس' بتنفيذ العملية بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ.
وأكدت الصحيفة أنه من الواضح أن إسرائيل بحاجة للتهدئة لأنها في مأزق داخلي حيث تزايدت الضغوط على الحكومة شعبيا بعد فقدان الجيش عددا كبيرا من جنوده والرعب الدائم الذي يعيشه سكان إسرائيل إلا أن حكومة الاحتلال تريد الخروج بأي انتصار ..كما أن الفلسطينيين بحاجة ماسة إلى هذه الهدنة إنسانيا لكن المقاومة نجحت في انتزاع نصر عسكري على إسرائيل في اللحظات الأخيرة قبيل بدء سريان الهدنة ما يرجح أن الهدنة هي فقط من أجل الوصول إلى تفاهمات متعددة بين الفلسطينيين أنفسهم وبين الوسطاء ..وكذلك بين المحاور وتفاهمات دولية حتى يمكن في النهاية الوصول إلى تهدئات يتم التفاوض خلالها مع دولة الاحتلال من أجل الوصول إلى هدنة طويلة أو دائمة ستكون صفقة سياسية وأمنية وعسكرية وليس فقط وقف إطلاق النار.
ودعت ' البيان ' الفلسطينيين إلى التوافق على أن لا يأخذ ذلك وقتا طويلا من أجل الحفاظ على الدم الفلسطيني الطاهر'.
وبدورها، قالت صحيفة ' الخليج ' في افتتاحيتها تحت عنوان 'نزع الشرعية عن إسرائيل' إنها ' فقط إسرائيل التي تمارس الإرهاب والعدوان والاحتلال والتطهير العرقي وترتكب المذابح وعمليات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وتنتهك حقوق الإنسان والشرعية الدولية وتنتهج العنصرية بجميع أشكالها سلوكا يوميا ضد الشعب الفلسطيني بصورة تتجاوز سلوك أعتى الأنظمة العنصرية البائدة مثل النازية والفاشية'.
وأضافت أن دولة بهذه المواصفات 'دولة مارقة' بكل المقاييس تشكل وصمة عار على جبين الإنسانية وعلى الحضارة الإنسانية بكل ما تمثله من قيم، بل إن وجود هذه 'الدولة' يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة وممارساتها تشكل خروجا على الأسس والمبادئ التي قامت عليها المنظمة الدولية .
وشددت على أن 'الدول العربية مطالبة الآن بالخروج من حالة الخمول والتخاذل والمداراة والاستكانة إلى حالة الفعل بإطلاق حملة دبلوماسية واسعة باتجاه كل دول العالم والمنظمات الإقليمية والقارية لتجريم إسرائيل وخلع الشرعية عنها وطردها من الأمم المتحدة.'
وقالت الصحيفة إنه آن الأوان لخطوة في هذا الاتجاه باستخدام ما لدى الدول العربية من وسائل ضغط سياسية واقتصادية وبما لها من علاقات وصداقات .. مشيرة إلى أن هذه الخطوة أصبحت عملا واجبا وضروريا نظرا لما باتت تشكله إسرائيل من خطر على أمن وسلامة المنطقة والعالم خصوصا أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل وترفض الانضمام إلى وكالة الطاقة النووية والالتزام بتفتيش منشآتها النووية أو الانضمام إلى جهود تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من الأسلحة النووية ما يفضح نواياها العدوانية وإبقاء هذه الأسلحة سيفا مسلطا على رقاب شعوب المنطقة وعامل تهديد دائم لأمنها وتهديدا لوجودها.
وشددت صحيفة ' الخليج ' على أن ما ترتكبه إسرائيل حاليا ضد قطاع غزة من حرب إبادة راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء عدا التدمير الهائل في المنازل والمنشآت والمدارس والمستشفيات يجب أن يشكل دافعا للدول العربية للخروج إلى العالم الذي بدأ يعي حقيقة إسرائيل من خلال التظاهرات التي تشهدها معظم عواصم أوروبا وآسيا وأفريقيا بل وداخل الولايات المتحدة حتى إن دولا أمريكية لاتينية ذهبت أبعد من الدول العربية في ردود فعلها على العدوان واعتبرت إسرائيل دولة إرهابية.. واعتبرتها فرصة يجب أن تستغلها الدول العربية لوضع 'إسرائيل' في المكان الذي تستحقه كدولة مارقة خارجة على القانون الدولي والشرعية الدولية خصوصا أنها ترفض منذ قيامها تنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية وتستخف بها وبمضمونها.
وتساءلت الصحيفة في ختام افتتاحيتها 'أليس هذا وحده يكفي لتحرك عربي .. وبخطوة جدية يؤكد فيها العرب أنهم جزء من الصراع مع هذا الكيان المارق المتوحش.