الكردان-المغرب اليوم
أجمع أكثر من مصدر مطلع أن أكبر مشروع فلاحي في شمالي أفريقيا في منطقة الكردان في تارودانت، كان قد دشنه الملك محمد السادس يتجه للفشل، بعد أن أقدمت شركة "امانسوس" متحملة مشروع سقي الضيعات الفلاحية في المنطقة على فسخ أكثر من 100 عقد مع الفلاحين المساهمين في المشروع، كما أن مسؤولي الشركة ذاتها عملوا على قطع تزويد مياه السقي عن حوالي 97 ضيعة فلاحية بسبب عدم قدرة الفلاحين على أداء فواتير الماء التي تراكمت عليهم جراء 4 موسم فلاحية وصفت بالكارثية، منها ما هو مرتبط بالمناخ والآخر بالأسواق.
وما زاد من خطورة الموقف، أن إدارة شركة "أمانسوس"، اتخذت إجراء فسخ العقد أو قطع مياه السقي عن الضيعات الفلاحية في وقت استثنائي تشهد فيه منطقة الكردان موجة حرارة تفوق 46 درجة، وهو ما سيعجل في غياب مياه السقي عن ضياع العديد من هكتارات الحوامض.
وعقدت لجنة التتبع التي تضم يوسف جبهة بصفته رئيس جمعية المستقبل لمستعملي مياه السقي لأغراض زراعية بسبت الكردان، ومحمد بو دلال بصفته رئيس جمعية مصدري ومنتجي الحوامض فرع سوس وممثل شركة أمان سوس، اجتماعًا مستعجلًا في شهر حزيران (يونيو) الماضي تحت إشراف وزارة "الفلاحة"، خلص إلى رفع طلب للشركة من أجل تفعيل اتفاق جدولة الديون المتراكمة على فلاحي الكردان، غير أن الشركة لم تفعل الاتفاق وبدأت في سحب العدادات وفسخ عقد الاشتراك بطريقة مفادها الاتجاه نحو تنفيذ الإعدام على الفلاحين ومشروعهم الذي حلموا به لسنوات طوال لإنقاذ ضيعاتهم الفلاحية من الزوال.
وعبر عدد من فلاحي الكردان أن تدخلًا ملكيًا ساميًا هو الكفيل لإنقاذ ضيعاتهم والمشروع من الضياع.
وكشفت مصادر أنه في الوقت الذي يعيش الفلاح الكرداني الموت البطيء وهو يرى بأم عينه أن كل ما أفنى شبابه وكرس حياته يضيع بين يديه ولا من يحرك ساكن، بعد العشرات من الاجتماعات والمراسلات، يجد هؤلاء الفلاحون بالمقابل أن الحكومة الحالية وعبر قرار وزاري قد أعفت مجموعة من الفلاحين المنتمين للأحواض السقوية التي تسيرها المراكز الفلاحية التابعة للوزارة الوصية على القطاع من كل ديونهم، في حين تركت فلاحي الكردان تحت مقصلة شركة "أمانسوس".
وذكرت مصادر مطلعة، أن الوضع الكارثي الذي تعيشه منطقة الكردان، يُضاف إليه مشكلة أخرى تتعلق بتسويق مياه سقي الأراضي المزروعة، إذ أقرته الشركة المعنية بتديبر مياه السقي، بعد فرض تعريفة خيالية تقدر بـ 1.70 درهم، وتعتبر أغلى تسعيرة على الصعيد الوطني، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج ومن خلاله إضعاف تنافسية المنتوجات الفلاحية لمنطقة الكردان مقارنة مع باقي مناطق المغرب، التي تعرف اعتماد تسعيرة أقل مرتين من التسعيرة المعتمدة من طرف "أمانسوس" حاملة المشروع.
وتعد منطقة الكردان منطقة فلاحية بامتياز، تمثل ما يناهز 20 في المائة من المساحات المزروعة في المغرب، وتتميز أيضا بإنتاج الحوامض، إذ تمثل المساحة المزروعة منه أكثر من 10 في المائة من المساحة في المغرب، إلا أن معضلة توالي أعوام الجفاف وندرة المياه أدى إلى إعلان المنطقة منطقة منكوبة، ما أدى إلى هجرة الفلاحين والسكان على حدٍ سواء.