القاهرة ـ وكالات
في كثير من بلادنا العربية تطاردك أكوام القمامة في كل مكان تذهب إليه، وفي مجتمعات عربية أخرى خاصة تلك التي تعاني الفوضى السلوكية بعد إطاحة أنظمتها السياسية تجد كل أشكال تلوث البيئة، حيث يفعل كل إنسان خاصة هؤلاء الذين لم يتربوا على السلوك الحضاري ما يحلو لهم دون رقابة أو مراجعة من ضمير أو أخلاق . . والمحصلة النهائية لذلك محزنة ومؤسفة ومخجلة، ذلك أن بلادنا العربية أصبحت للأسف أكثر بلاد العالم تلوثا، وإهدارا لقيم الجمال، وتشويها لما حبانا الله به من بيئة تتوافر لها كل أشكال الإبداع الإلهي . خسائر هذا التلوث الذي يصنعه الإنسان العربي بيديه لا تقف عند إفساد الشكل الجمالي الذي يريح النفس ويجدد النشاط، ويدفع إلى العمل والإنتاج، بل تعدى ذلك إلى أمراض خطيرة تضر الإنسان والحيوان والنبات والجماد، فضلا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة الناجمة عن التلوث ويكفي أن نعلم أنه تم إنفاق عشرات الملايين على رفع القمامة والمخلفات من الشوارع الرئيسة في عدد من المدن الكبرى في مصر على مدى ثلاثة أيام فقط، ثم عادت لأبشع مما كانت عليه بعد أسبوع واحد، كما تؤكد التقارير الاقتصادية أن التلوث الشائع في عالمنا العربي والإسلامي بكل أشكاله وصوره أصبح مشكلة اقتصادية تلحق بخزائن الدول العربية خسائر فادحة وتحرم الإنسان العربي من خيرات وثروات وموارد طبيعية هو في أمس الحاجة إليها، وقد تعددت في الآونة الأخيرة الدراسات الاقتصادية التي ترصد مشكلة التلوث وتلقي الضوء على تداعياتها الاقتصادية، وتطالب بوقف نزف الأموال والموارد البشرية والطبيعية التي تهدر بسبب عدم الوعي البيئي والتخلي عن منظومة الحماية الإسلامية للحفاظ على البيئة التي وهبنا الخالق إياها نظيفة ومفيدة ومنتجة . طرحنا مشكلة التلوث بكل مظاهرها القبيحة وتداعياتها الخطيرة للمناقشة في محاولة للتعرف إلى وسائل المواجهة الحقيقية بعيدا عن المسكنات والحملات الوقتية . . فماذا قال علماء ومفكرو الإسلام والمعنيون بالبيئة عن هذه المشكلة وتداعياتها وكيفية التصدي لها؟ في البداية يحدثنا الداعية المصري الشهير، الدكتور عمرو خالد، عن صناعة التلوث في بلادنا العربية، ويقول: للأسف كل ما يحيط بنا من مظاهر تلوث فهو من صنع أيدينا، فنحن في كثير من البلاد العربية نتبارى في العدوان على مجاري المياه والطرق العامة والهواء والنبات وغير ذلك من عناصر البيئة التي أنعم الله علينا بها . ويضيف: الإفساد اليومي لكل ما يحيط بنا من عناصر للبيئة هو من صنع أيدينا، فلم يعد ماؤنا عذبًا كما رزقنا به خالقنا، حيث لوثناه بكل أشكال التلوث الصناعي والزراعي وغير ذلك من الملوثات، ولم يعد هواؤنا نقيًا كما كان في الماضي بعد أن أفسدناه بالمبيدات وعوادم السيارات والحرائق التي نشعلها في كل مكان، ولم تعد أشجارنا مثمرة ثمارا تشبعنا، وتحسن من أحوالنا الصحية، وتغنينا عن النظر والتطلع إلى ثمار الآخرين، ولم تعد طيورنا تغرد بعد أن سيطر عليها الحزن والأسى والاكتئاب مما صنعته أيدي الإنسان من فساد وإفساد . . وهكذا ينتقل حال البيئة في كثير من مجتمعاتنا العربية من سيئ إلى أسوأ بفعل أيدينا وسوء تعاملنا معها، والجحود بما أنعم الله به علينا من نعم، والإساءة لما حبانا به من طبيعة خلابة كانت قبل أن تمتد أيادينا إليها بالإفساد “تسر الناظرين” . هذا الإفساد المتزايد للبيئة في بلادنا العربية هو من وجهة نظر الداعية الشهير برهان قوي على انهيار القيم والأخلاقيات الإسلامية، فقد ربانا الإسلام على احترام البيئة بكل عناصرها من ماء وهواء ونبات وحيوان وجماد، والعطاء الإسلامي في ذلك عطاء متميز تنفرد به شريعة الإسلام عن غيرها من الشرائع السماوية والأنظمة الوضعية . ويقول: الإسلام جعل حماية البيئة من التلوث واجبا دينيا، فلا يجوز لمسلم مؤمن بالله وحريص على تعاليم وقيم وأخلاقيات دينه أن يتخلى عنه . . من هنا يحذر د .عمرو خالد من التعامل الفوضوي مع البيئة وعناصرها من ماء وهواء وأشجار وجماد وغير ذلك، ويؤكد أن الشريعة الإسلامية قررت عقوبات رادعة لكل من يسيء التعامل مع البيئة ويلحق الضرر بها .