كيوامبا ـ د.ب.أ
لدى موزمبيق القليل لتقدمه للسياح الأجانب فى طريق السفر بالقطار، ولكن الخط بين كيوامبا ونامبولا فى شمال البلاد يعوض هذه الندرة بما يحتويه من مناظر بديعة على طول المسافة التى تبلغ 350 كيلومترا. ويغادر القطار فى وقت مبكر من الصباح، حيث تنطلق صفارة القيام فى تمام الخامسة والنصف صباحا فى كيوامبا وهى بلدة متربة تقع بين المحيط الهندى وبحيرة مالاوى. وبينما يجب على المحليين الوقوف فى صف طويل أمام مبنى المحطة ذى اللون الأزرق والأبيض، يتجه السياح الأجانب على الفور لصعود القطار. ويحذر مرشدو السياحة من السفر بوسائل النقل العام، مشيرين إلى تردى حالة الطرق وانقطاع الكهرباء وأماكن الإقامة المريعة. هذه المعلومات دقيقة تماما. لقد شهد القطار نفسه أياما أفضل، فالمقاعد الجلدية اللامعة بالية وممزقة ولكنها على الأقل ناعمة الملمس، حيث تشرق الشمس مع بداية الرحلة، ويتبدد ضباب الفجر باطراد بينما تسطع الشمس عبر الأشجار على طول الخط. ويتوهج تل مسطح القمة بلون وردى من على بعد. ويتوقف القطار عند كوخين من الطين قابعين تحت شجرة استوائية شاهقة الارتفاع وهى المحطة الأولى بين محطات كثيرة على مدار الـ12 ساعة المقبلة. ويتكرر مشهد لا يتغير عند كل محطة منها. إذ يهرع الباعة الجائلون الذين يحملون سلات المانجو والطماطم والموز على رؤوسهم. ويمسك آخرون بدواجن حية ويرفعونها إلى نوافذ القطار المفتوحة فى النسخة الموزمبيقية الريفية من المتاجر الكبيرة. ويمضى القطار إلى الأمام بثبات، متيحا التمتع بمنظر رائع للحشائش ذهبية اللون وحقول الذرة والأشجار الاستوائية والأكواخ المصنوعة من الطين ذات الأسقف المصنوعة من القش تحت أشجار المانجو المنتشرة. وتظهر فى الأفق سلسلة من المنحدرات الصخرية ذات اللون الأزرق الباهت. وفى عربة المطعم، يستمتع المسافرون من الرجال بتناول أول كأس جعة لهم فى اليوم فى الساعة التاسعة صباحا، بينما تصدح موسيقى البوب الأفريقية من مكبر صوت موضوع بجوار الحانة خلف شبكة حديدية. وتوجد عربات الدرجة الثالثة خلف عربة المطعم، حيث يتكدس الركاب ويقف الكثيرون فى الطرقات. ورغم النمو الاقتصادى السريع والعمالة البرتغالية المهاجرة التى تتدفق إلى مستعمرتهم السابقة، فان موزمبيق لا تزال دولة فقيرة. ويعد الشمال أكثر تخلفا من الجنوب بدرجة كبيرة حيث يأتى أهل الجنوب لقضاء إجازاتهم على الشواطئ الاستوائية ويجلبون معهم عملتهم الراند. ويعتقد الكثيرون أن حكومة فريليمو الاشتراكية فى مابوتو حجبت الكثير من الاستثمارات عن الأقاليم الشمالية التى كانت يوما تؤيد متمردى رينامو خلال حرب أهلية طويلة. قد تكون تلك الحرب انتهت قبل 21 عاما ولكن السلام مازال هشا. وقبل الغروب يصل القطار إلى نامبولا وهى المركز الاقتصادى الرئيسى لشمال موزمبيق والتى تضم متحفا للأجناس البشرية يستحق تماما الزيارة. كما توجد كاتدرائية تعرف عند المحليين بـ" جينا لولوبريجيدا " بسبب قبتها الدائرية. ولكن بالنسبة لكثير من الركاب تعد نامبولا مجرد نقطة انطلاق فى طريقهم بالحافلة إلى الشواطئ فى الجنوب أو جزيرة موزمبيق، التى كانت يوما مركزا اداريا لشرق أفريقيا إبان الاحتلال البرتغالى وأدرجت منذ عام 1991 على قائمة مواقع التراث الثقافى العالمى.