القاهرة - ندى أبو شادي
إذا كنت ممن يضعون المزارات الغريبة والمثيرة ضمن برامجهم السياحية، فعليك أن تضع ضمن برنامجك غابات الهند، تحديداً محمية أشجار المنغروف الاستوائية، عوض أن تقتصر على تاج محل وراجستان أو جولات غوا وكارلا، وما شابهها من المناطق السياحية. ونظراً لتزايد الاهتمام بالسياحة التي تتضمن نشاطات جديدة ووجهات غريبة، يجري حالياً تنظيم رحلات نهرية كل شهر على متن قوارب تتوفر كل إمكانية المبيت فيها. من أهم مناطق الجذب في هذا المجال غابة سونداربانس، التي تتنفس هواءً نقياً بفضل أشجارها الوارفة، ويعيش فيها نحو 400 نمر.
فهي تعد أكبر تجمع للنمور في العالم. لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذه المخلوقات المهيبة ليست أليفة، بل تأكل لحوم البشر على عكس غيرها في أماكن أخرى. لهذا ليس غريباً أنه يتعين على السياح الحصول على تصريح لدخول محمية «سونداربانس تايغر رسيرف» للنمور، والتقيد ببعض الشروط التي تضمن سلامتهم. هناك أيضاً تماسيح الماء المالح التي تسكن سونداربانس، وهي معروفة بكونها الأكبر وأكثر الثدييات وحشية على الأرض شأن تماسيح النيل.
ألا ينطوي ذلك على قدر كبير من الإثارة، ويجعلك تشعر بالقشعريرة؟ إذا كان هذا هو المطلوب، فعليك برحلة في نهر سونداربانس، وتأكد أنها من الرحلات التي ستبقى في الذاكرة طيلة حياتك. ستستكشف فيها التنوع البيولوجي لمحمية «سونداربانس تايغر» الطبيعية، وستسير وسط غابة المنغروف الاستوائية، لترى القرويين وهم يقشرون الذرة، ويجمعون العسل، ويصيدون الأسماك، وغيرها من الحرف السائدة في المنطقة، التي تعد جزءاً من حياة القرية.
وإذا كنت محظوظاً ستشاهد بعض التماسيح تتمدد تحت الشمس في كسل لذيذ. يمكنك أيضاً زيارة بعض الجزر النهرية لمشاهدة مختلف الكائنات الحية بغابات أشجار المنغروف بكل ما فيها من طيور وحيوانات. جمال المكان وتفرده يكمن أيضاً في أنه من المزارات النادرة التي تجد فيها نموراً وأبراجاً عالية للمراقبة تطل على الغابة بدلاً من الملاهي الليلية، وهذا وحده سيجعلك تلتحم مع العالم الطبيعي بشكل غير تقليدي.
قبل أن تبدأ الرحلة، لا بأس من فهم طبيعة المكان، لا سيما طبيعة غابة سونداربانس، التي تقع في أقصى دلتا خليج البنغال. فهي غابة من المستنقعات تتخللها ممرات مائية وخلجان وقنوات، علماً بأن مشاهدة النمور ترتبط بتوقيت المد والجزر، حيث يحدث هنا حالتا مد وجزر كل يوم، ويتغير شكلها بصفة يومية.
وتضم المنطقة أكبر خليج في العالم يضم غابة منغروف على مساحة 10.200 كم تمتد بين دولتي الهند وبنغلاديش، وقد أُدرجت على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي. وتبحر رحلات «سونداربانس كروز» النهرية في الخليج الواسع الذي تكون نتيجة لالتحام ثلاثة أنهار شهيرة هي بادما وبرامبوترا وومغنا.
وتتميز المنطقة المحيطة عموماً بغناها بالأنهار المتعرجة وأشجار المنغروف الكثيفة التي يصعب اختراقها، والتي اشتقت الغابة اسمها منها.
- كلكاتا هي أقرب مطار وبوابة للمحمية. ويمكن الوصول إلى «كانينغ تاون»، مقر «محمية سونداربانس» عبر الطريق البرية أو بالقطار من مدينة كلكاتا. كما يمكن ركوب سيارة تصل بك إلى رصيف القوارب في مناطق سنخالي ودمخالي وجودخالي إذا كانت النية القيام برحلة نهرية. ورغم عدم صعوبة القيام برحلة بمفردك، فمن الأفضل القيام برحلة جماعية للاستفادة من خبرة المنظمين الذين سيتولون الكثير من المهمات، منها إصدار التصاريح وحجز المراكب وحجز أماكن الإقامة والأكل.
تفاصيل الرحلة: بعد أقل من 15 دقيقة من بدء الرحلة النهرية، وعندما يقترب القارب من قلب غابة سونداربانس، يفهم السائح سبب اعتبارها أكبر دلتا وغابة لأشجار المنغروف في العالم، لأنك ستلاحظ اتساع النهر في بعض الأماكن لدرجة تعتقد فيها بأنه بحر. وكثيراً ما سيدخل القارب قناة مائية ضيقة كون القنوات المائية الكثير هنا تشكل ممرات للقوارب.
طوال الرحلة ستلاحظ أيضاً أشجار المنغروف الكثيفة، التي تُظلل بعض القرى الواقعة وسط الغابة. وأينما اتجهت عيناك تجد الخضرة ويغمرك شعور بمدى نظافة الهواء في المنطقة.
لكن قبل السفر، لا بأس أيضاً من الاطلاع على كتيبات السفر الخاصة بغابة سونداربانس. فهي غنية بالمعلومات عن كل شيء يمكن أن تقوم به فيها، بدءاً من مُتعة مشاهدة المناظر البانورامية عبر أبراج المراقبة تُمكن من مشاهدة نمور البنغال الملكية، إلى الاستمتاع بمراقبة أنواع نادرة من الطيور المزركشة بألوان متعددة، وعدد من تماسيح المياه المالحة المستلقية تحت الشمس. تبدو في البداية، وكأنها بقع طينية طافية وسط الماء، لكن اندفاع القوارب يجعلها تتحرك لتكتشف أنك أمام منظر نادر لا يتكرر في أي مكان آخر.