برلين - المغرب اليوم
دعا فريتز كيلر، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، الجماهير إلى تفهّم مساعي الاتحاد لاستئناف الموسم عبر مباريات من دون جمهور، وذلك لإنقاذ الأندية من الوضع الراهن.
وقال كيلر في مقالة بصحيفة «كيكر» الألمانية، أمس، إن «عدم إقامة المباريات المتبقية ربما يعني أن الجماهير لن تكون قادرة على الذهاب للملاعب، لأن الأندية لن تكون موجودة... نحن لا نريد أن نخسر أي نادٍ».
ومن المقرر أن تجتمع رابطة الدوري الألماني لكرة القدم، التي تمثل أندية الدرجتين الأولى والثانية يوم الخميس المقبل لبحث إمكانية استئناف الموسم الشهر المقبل، بعد الإشارات الإيجابية التي أظهرتها الحكومة تجاه القيود المفروضة على التجمعات جراء تفشي فيروس «كورونا». وقال كيلر إن كرة القدم ستعود بمجرد إعطاء السلطات الضوء الأخضر بذلك، مشيراً إلى أن اللاعبين والمدربين فعلوا أشياء عظيمة للصالح العام.
وأشار كيلر إلى أن 13 من 36 نادياً من الدوري الألماني ودوري الدرجة الثانية، ربما تعلن إفلاسها بحلول يونيو (حزيران) المقبل في حال عدم حصولها على عوائد البثّ التلفزيوني والذي لن يكون متاحاً حال عدم استكمال الموسم. وعارضت الجماهير الألمانية مقترح إقامة مباريات الدوري من دون حضور جماهيري خلال أزمة تفشي فيروس «كورونا» المستجد، لأسباب عديدة؛ منها أن لاعبي كرة القدم يجب ألا يُفضَّلوا على باقي فئات المجتمع.
وأصر كيلر على أن كرة القدم لا تسعي لنيل دور خاص في الأزمة، متعهداً بأن استئناف المسابقة لن يأتي على حساب النظام الصحي في بلاده. وكان اتحاد لجماهير الكرة، قد أعرب مراراً عن رفضه استئناف الموسم من دون جمهور. وكتب كيلر: «ندرك جيداً أن كرة القدم من دون جمهور تفقد قلبها، وأعرف من خلال محادثات وردود من منظمات للجماهير مدى تألمهم لعدم تمكنهم من تشجيع فرقهم في الاستاد».
وقال كيلر: «هذا الأسبوع، سيجري وضع محددات مهمة لكيفية سير الأمور قدماً في الدوريات الثلاثة الأولى للمحترفين في ألمانيا، وستكون لهذا أيضاً تأثيرات إيجابية على كرة قدم الهواة». ويسعى كيلر إلى وضع قواعد موحدة للدرجتين الأدنى «لتقدم المساعدة بسرعة ومن دون بيروقراطية».
وعلى مدار 57 عاماً منذ بداية إقامة البطولة بنظامها الحالي، واجه الدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليغا) أزمات لأسباب عدة، مثل فضيحة التلاعب بالمباريات، و«قانون بوسمان»، وإفلاس مجموعة «كيرش»، ولكن المشكلة الصحية الحالية بسبب تفشي الإصابات بفيروس «كورونا» المستجدّ هي أزمة غير مسبوقة في تاريخ البطولة منذ انطلاقها عام 1963.
بعد 8 سنوات فقط من بدء إقامة البطولة وبالتحديد في 6 يونيو 1971 تعرض «البوندسليغا» لأول أزمة حين كشف هورست غريغوريو كانيلاس، رئيس نادي كيكرز أوفنباخ، خلال حفل عيد ميلاده عن فضيحة التلاعب بنتائج كثير من المباريات في المراحل الأخيرة من موسم 1970 - 1971 والمتورط فيها 10 أندية. وبعد عامين من التحقيقات، تقرر هبوط فريق أرمينيا بيلفيلد إلى الدوري الإقليمي، فيما تقرر إيقاف فريق كيكرز أوفنباخ لمدة عامين. وإضافة لهذا، فرضت عقوبات على 60 لاعباً ومدرباً ومسؤولاً.
وتضمنت قائمة اللاعبين المتورطين في هذه الفضيحة راينهارد ليبودا وكلاوس فيتشل وكلاوس فيتشر من شالكه وتاسو فايلد وبيرند باتزكه من هيرتا برلين، ومانفريد مانغليتز حارس مرمى نادي كولن، وتعرضوا جميعاً للعقوبات. وتعرض كانيلاس لعقوبة الإيقاف مدى الحياة، ولكن العقوبة رفعت فيما بعد، كما رفعت العقوبات عن عدد كبير من المتورطين الآخرين. وفي 1977 نجا كانيلاس من حادث خطف طائرة وتوفي في 1999.
وفي عام 1995 كانت الأزمة الثانية، حين أصدرت محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي حكمها ضد نظام انتقالات اللاعبين في كرة القدم الاحترافية من خلال ما أطلق عليه «حكم بوسمان»، والذي حرر لاعبي الاتحاد الأوروبي من سداد ضرائب وقيمة الانتقالات على عقودهم. وأقام اللاعب البلجيكي جان مارك بوسمان دعوى قضائية ضد ناديه ستاندر لييغ واتحاد بلاده لكرة القدم في 1990 حيث كان يرغب في الانتقال لناد بدوري الدرجة الثانية الفرنسي بعد انتهاء عقده مع فريقه لكنه واجه شروطاً مالية تعسفية من قبل ناديه البلجيكي.
ولم يكن النادي الفرنسي موافقاً على سداد هذا المقابل المالي أيضاً فيما رفض ستاندر لييغ التفريط في اللاعب.
ونتيجة لـ«حكم بوسمان»، أصبحت هناك حرية لانتقال اللاعبين في دول الاتحاد الأوروبي دون قيود، ما أجبر الأندية على تقديم عقود طويلة المدة للاعبيها، وإذا رغب أي ناد في تحقيق أي استفادة من انتقال لاعبه، فسيعمل على بيعه قبل عام من انتهاء عقده وهو الوضع الذي لا يزال قائماً.
ولم يستفد بوسمان، 55 عاماً، كثيراً من هذا الحكم الصادر (والذي أطلق عليه «حكم بوسمان») لأنه جاء متاخراً، وصرح بوسمان لصحيفة «بيلد» الألمانية قائلا: «هذا الحكم لم يدمر مسيرتي الرياضية فحسب؛ ولكن حياتي الخاصة أيضاً... الحب والسعادة وطعم الحياة».
أمام ثالثة الأزمات فتمثلت في إفلاس مجموعة «كيرش» عام 2002 والذي وصفه فولفغانغ هولزهاوزر الرئيس التنفيذي لنادي باير ليفركوزن بأنه أسوأ من أزمة «كورونا» الحالية.
وصرح هولزهاوزر لمجلة «كيكر» قائلاً: «في أزمة (كيرش)، لم يدفع من كان يتعين عليه أن يدفع، رغم أن المنتج كان موجوداً. والآن، الوضع يسير في الاتجاه المعاكس؛ حيث يمكن لمالكي حقوق البث التلفزيوني دفع الأموال، ولكن المنتج الذي يجب بثه ليس موجوداً».
وكان ليو كيرش، مالك المجموعة الحاصلة على حقوق بثّ البوندسليغا من 2000 إلى 2004، قد أعلن في 2002 إفلاس مجموعته مما أدى لأزمة مالية كبيرة لأندية الدوري الألماني. وبفضل الدعم المالي الذي قدمه الاتحاد الألماني للعبة جرى إنقاذ كثير من الأندية من إعلان إفلاسها، لكنها اضطرت لتقليص نفقاتها، وتم تسريح نحو 10 في المائة من اللاعبين. وأمام الأزمة الجديدة المتمثلة في تفشي فيروس «كورونا» ووقف النشاط الرياضي، دعا هولزهاوزر الأندية الألمانية إلى العمل على جذب مزيد من المستثمرين إليها دون الإخلال بالقاعدة «50+1» الخاصة بالملكية. وقال هولزهاوزر: «هناك دائما فرصة في الأزمة، وينبغي أن تستخدمها أندية كرة القدم المحترفة لوضع أسس طويلة المدى لتمويلها لتصبح أوسع نطاقاً وأكثر صلابة».
وعمل هولزهاوزر في مناصب مختلفة بنادي باير ليفركوزن، بما في ذلك وظيفة المدير العام للنادي على مدى 25 عاماً حتى عام 2013 حيث أصبح الرئيس التنفيذي، كما كان له دور فعال في تأسيس رابطة الدوري الألماني.
وقال هولزهاوزر إن جلب مستثمرين جدد «يكاد يكون أمراً مثالياً؛ لأنه يقلل من التبعيات ويوفر حالة آمنة على أساس أوسع».
وأضاف أن تعليق منافسات الدوري الألماني منذ مارس (آذار) الماضي، أظهر ضعف مقاومة الأندية للأزمات، حيث يعاني كثير من أندية الدرجتين الأولى والثانية من عدم حصولهم على عوائد البثّ التلفزيوني، ومنها من هو مقبل على الإفلاس. وبموجب القوانين الألمانية، يجب أن يمتلك أعضاء النادي نسبة 50 في المائة بالإضافة لسهم واحد، بحيث لا يمكن للشركات أو الأفراد الاستحواذ عليها إلا في حال استثمرت مبالغ كبيرة باستمرار لعقدين كاملين. وقال هولزهاوزر إن جلب مستثمرين بحصة تقل عن 50 في المائة ممكن، مضيفاً أن «تسليم الأسهم في النادي للمستثمرين أو شركاء الإعلان يعدّ فرصة لوضع أساس متين للهياكل المالية للأندية».
قد يهمك ايضا :
مسؤولو الدوري الألماني يعلنون جاهزيتهم لعودة النشاط الرياضي بعد "كورونا"