بغداد ـ نجلاء الطائي
أصبحت جليسة غرفتها الفارهة محاولة كتم سر مرضها الذي فاجأها على حين غفلة ، بعد أن كانت قوية البنية تحب التمتع بالحياة كيفما تشاء ، أصبحت تتوارى عن الأنظار ولا تريد التكلم مع الأشخاص وكأنها مصاب بمرض معد "رحمه" البالغة من العمر الثالثة اكتشف اهلها بإصابتها بمرض السرطان بعد أن أغمى عليها مع ارتفاع عالي في درجة الحرارة .
*رحمه والنخاع الشوكي
بعدما رقدت في المستشفى أيامًا طوال وشخص بعض الأطباء حالة "رحمه" أنها مصابة بمرض "السرطان " التي افقدها السير وتحريك اي طرف من أطرافها ،نقلها ذويها الى طبيب أخر وبعد أجراء الفحوصات اللازمة نفى أصابتها بمرض "السرطان" مؤكدا انها مصابة بسرطان النخاع الشوكي مما سبب لها شللا رباعيا.
(رحمه) التي تبلغ من العمر ثلاث أعوام و خمسة أشهر تحدثت امها ودموعها تتبلور في عينيها: انني احلم ، نعم انا احلم وسأستفيق قريبا. لن تتعاطى ابنتي جرعات الكيميائي لانها بخير غرقت بدموعها ثم قالت: نصحنا الطبيب بنقلها الى بغداد للتداخل الجراحي ولم يتمكن الطبيب من استئصال الورم واكتفى بأخذ (عينة) للكشف ان كانت الكتلة حميدة او خبيثة ، وذلك حفاظا على حياتها ، وأي حياة لها وهي تذبل امام عيني لا تعدو ولا تلاعب الأطفال بعدما أرقدها المرض في الفراش ، وتتابع ام رياحين ان رياحين لم تستجب للعلاج ومازالت على وضعها لم تحرك ساكنا ، وبما أنها لا تتكلم فقد زادت جرعات الكيميائي حدة في طباعها فهي لا تنفك عن البكاء مما يزيد الحزن في قلبي ، ومازلت احلم ان أراها تقف على قدميها فربما يكتب الله لها الشفاء.
*العلاج في لبنان
رحلة مصطفى العلاجية لا يختلف عن ريحان، حيث حدثتنا امه (ام فاطمة): ابني مصطفى لم يكمل التسع اعوام بدأت عليه علامات الخمول بشكل ملحوظ مع ارتفاع درجة حرارته مما ثار ريبة والده بخموله المفاجئ وتوعكه الصحي، عرضناه على الطبيب المختص الذي اكد انه مصاب بسرطان الغدد اللمفاوية أحاله الى المختبر لأخذ عينة و بعد اخذ العينة تعرض لنزف داخلي مما تسبب بتدهور وضعه الصحي.
واصلت ام فاطمة: لم يكن لدينا الإمكانيات الكافية ، فعمد ابو مصطفى لجمع المال ببيع بعض ممتلكاتنا وسافرنا الى لبنان حيث التقينا بالطبيب حسن خليفة اختصاص الأورام السرطانية للأطفال في مستشفى الجامعة الأمريكية وبما ان المستشفى كانت باهظة الثمن لم نكن نملك المال الكافي للمكوث بها وتعاطفا مع وضعنا المادي نصحنا الطبيب بنقل مصطفى الى مستشفى(بهمن).واول مرحلة للعلاج ابتدأ بها الطبيب هو العلاج الكيميائي ،ولان مصطفى لم يصل الى مراحل متقدمة بالمرض رفض طبيبه رفضا قاطعا التداخل الجراحي اي الاستئصال خوفا من انتشار المرض بسرعة فائقة و كان مصطفى يحمل ثلاث كتل في الرقبة والصدر و في البطن وكانت اكبر واخطر لانها تسببت بنزف داخلي وحجمها 15 سم
واكدت ام مصطفى استجابته للعلاج الكيميائي حتى ماتت جميع الخلايا السرطانية تماما ولكنه تعرض للكثير من المضاعفات، وعندما انتهينا من العلاج كان قد انتشر فايروس انفلونزا الخنازير في ذلك الوقت ولان مصطفى كان لدية نقص بالمناعة أصيب بالعدوة وسرعان ما نقلناه الى المستشفى لمكافحة الفايروس قبل ان يسبب له اثارا جانبية اخرى وكانت الجرعة المضادة للفايروس تكلفنا 70 دولارا وتم حجزه في غرفة لوحدة لمدة شهر وهذا ما سبب لنا التأخير بفترة علاجه ومكوثنا في بيروت مدة عام، بعدها عدنا الى العراق وقد تأزم وضع مصطفى النفسي اكثر و اصبح اكثر عدوانية و عصبية ،حتى ان والد مصطفى تعاطف معه وقام بحلق شعره تضامنا معه حتى لا يتأزم نفسيا، وما قاله لنا الطبيب اذا مرت خمس اعوام ولم يتعرض مصطفى لاي مضاعفات او انتكاس تعتبر هذه مرحلة شفاء كاملة وبأنه تجاوز مرحلة الخطر، اصبح عمر مصطفى الان 16 عامًا ولم يتعرض لأي مضاعفات احمد الله لتماثله للشفاء.
*العلاج في الهند
ام زينب والدة زيد حيدر الذي يبلغ من العمر 12 عامًا أصابه انتفاخ في البطن وبعد عرضه على الطبيب اكد بأنه مصاب بسرطان المعدة ولشدة خوفنا عليه لم نتقبل فكرة علاجه هنا فسارعنا الى السفر للهند لمعالجته وقد مضى اكثر من عام ونحن نباشر بالعلاج ولا يوجد اي تحسن بوضعه وما زاد على ابني وضعه النفسي فهو اصبح يتضايق بمجرد سؤاله كيف حالك يجيب بغضب وعصبيه ليعزل نفسه في غرفة لوحدة ويرفض رفضا قاطعا التواصل معنا رغم اننا نحاول جاهدين الى ان لا يشعر بشي من النقص او حتى الشفقة وواصلت ام زينب لقد عاودنا لمراجعة الطبيب في الهند لمواصلة العلاج وانفقنا مبالغ طائلة لكن دون جدوى مازال زيد على وضعه بعدم تقبل الطعام وتساقط شعره وحتى نحول جسمه وانعزاله عن المجتمع وما يحزنني هو ليس لدي ما اقدمه له سوى الدعاء اسأل الله ان يكتب له الشفاء.
وحسب ما تناول الدكتور "صائب الشحادات" الأخصائي في معالجة الأورام السرطانية في محاضرته "بان العراق يحتل اليوم مرتبة متقدمة بين دول العالم في أعداد المصابين بالأمراض السرطانية مشيرا إلى ظهور أورام جديدة وغريبة لم تكن موجودة من قبل.
كما اشار إلى ان سجل السرطان نسبة 75%من مجموع الوفيات في محافظة البصرة جنوب العراق، بينما أكدت إحصائيات مستشفى الأورام والطب النووي في محافظة نينوى إن عدد مرضى السرطان والوفيات بهذا المرض بلغت نحو 4711 حالة.
وتؤكد التقارير الطبية ومصادر عالمية وجود أكثر من 140الف عراقي حاليا مصابين بأمراض السرطان وأورام خبيثة ،يموت منهم سنويًا نحو 7500مريض، وتؤكد التقارير إن مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد تستقبل(12000)حالة سنويا تقريبًا ويوقع زيادة هذا العدد إلى (25000) حالة وهذا الرقم لم يبلغه أي بلد في العالم سوى اليابان بعد جريمة إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية .
وحذر المدير التنفيذي لبرنامج الصحة العالمية، الدكتور كلاوس تويفر من إن الصحة العامة للعراقيين في خطر ناجم عن قذائف محتوية على اليورانيوم المنضب وكما جاء في تقريره (إن كمية غير معروفة من ذخائر اليورانيوم المنضب استخدمت في الحرب الأخيرة على العراق ،ما يشكل تهديدا لمصادر المياه ،فضلا عن انتشار الغبار المشع .