عمان ـ خالد الشاهين
حظيت الأردنية رشا صالح (26 عاما) بتدريب للدفاع عن النفس في ستوديو SheFighter في عمان ضمن 2000 إمرأة أخرى، وأدركت صالح التي تعمل محاسبة في إحدى الشركات الخاصة في وسط عمان فائدة التدريب في إحدى الأيام بعد أنا عادت من يوم طويل من العمل مرتدية الحجاب وملابس محتشمة في منطقة الشميساني في حوالي الساعة السادسة مساء وأخذت المصعد للصعود إلى شقتها، وتواجد رجل أخر داخل المصعد وعندما دخلت بدأ في مغازلتها وحاول نزع قميصها والتحرش بها لكنها استخدمت تدريبها للدفاع عن النفس في توجيه لكمات إلى رأس ومعدة من يهاجمها، وتتبعت المعتدي عليها في الشارع أثناء محاولته الفرار وسلمته إلى الشرطة وحُكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة محاولة اغتصاب، وذكرت صالح " أدركت قيمة التدريب حينما كنت أناضل للهرب من أيدي المعتدي، شعرت بثقة لم تكن لدي من قبل واستطعت التغلب على خوفي وحماية نفسي كان شعور لا يصدق".
وأضافت لينا خليفة مؤسسة "شي فايتر" ومقاتلة تايكوندو : "لم أكن أتصور عندما أنشأت المركز في عمان 2012 لتدريب النساء على كيفية الركل واللكم وبناء ثقتهم في ذاتهم أن يساعد هذا التدريب في إنقاذ واحدة من المتدربين من الاغتصاب، يسرني رؤية ما فعلته للمتدربين وما فعلوه لأنفسهم"، وتدربت خليفة على التايكوندو والكيكبوكسنغ وهي طفلة، ولم يكن غريبا عليها التعرض للتحرش الجنسي، وتابعت خليفة :"اضطررت إلى تغيير المركز الرياضي الذي أتدريب فيه على التايكوندو 6 مرات لتجنب المضايقات من المدربين الذكور، لم أشعر بالارتياح والمدرب يحدق في جسدي بطريقة غريبة أو يترك يده على كتفي وأحيانا يداعب ظهري"، وعندما جاءت زميلة إلى الجامعة مع كدمات وخدوش على وجهها من قبل والدها وشقيقها قررت خليفة أن تتخذ رد فعل، مضيفة " لم أستطع مساعدة زميتلي في هذا الوقت ولكني فكرت في نقل تدريبي لغيري من النساء اللواتي يعانين من العنف المنزلي والتحرش في الشوارع".
وحوّلت خليفة الطابق السفلي من منزل عائلتها المكون من طابقين في حي الجبهة في عمان إلى مركز للتدريب وزودته بالمعدات الرياضية المطلوبة، وأردفت خليفة " ودعوت زميليتي وصديقتها إلى المنزل للتدريب على الدفاع عن النفس مجانا"، وزاد عدد النساء الذين أرادوا الحصول على التمرين، ونجحت خليفة في استئجار اثنين من الستوديوهات في منطقة أخرى من خلال الدعم المادي من والدها وبعض من مدخراتها، ومن هنا نشأ مركز SheFighter أول مركز نسائي للدفاع عن النفس في البلاد.
وأوضحت بتول مهند طالبة الأدب الإنجليزي في عمان والتي تتدرب في المركز منذ أكثر من عام " تعد مضايقات الشارع مشكلة شائعة بالنسبة لمعظم النساء في الأردن، ولا علاقة لها بملابس المرأة أو عمرها أو جمالها، فعندما تخرج المرأة إلى الشارع يصادفها رجل يشير لها بيديه لتذهب معه أو يعلق على جسدها وشعرها أو ربما يصادفها رجل أخر في سيارة يظل يتتبعها يعرض عليها توصيلها، يبدو الأمر كما لو كنا في غابة"، وتشير الإحصاءات في 2013 إلى أن حوالي ربع النساء والفتيات في الأردن الذين تتراوح أعمارهم بين 15 – 49 يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من أحد الشركاء في عائلاتهم، فيما تعرض 14% خلال 12 شهرا مضت للإيذاء، وهناك قانون ضد العنف المنزلي في الأردن والذي يعطي للناجين الحق في الحصول على حماية وتعويض إلا أن تعريف العنف غير واضح، ويقول نقاد القانون أنه يفضل المصالحة على حقوق المرأة، حيث يعد الاغتصاب في إطار الزواج ليس جريمة ويمكن للمغتصب أن يهرب من العقوبة إذا تزوج ضحيته.
واقتربت الطالبا دانيا نتشي (18 عاما) من مركز التدريب للمساعدة في بناء ثقتها بنفسها، وفي البداية كانت نتشي عصبية للغاية حتى للذهاب بمفردها إلى المركز، مضيفة " كان لدي مشكلة خطيرة في التواصل مع كلا الجنسين ولم أكن أعرف كيف أتصرف إذا تعرضت للمضايقات أو المطاردات من قبل الرجال في الشارع"، وبعد ثلاثة أشهر من التدريب المكشف على كيك بوكسينغ وتايكوندو ودورات الثقة في الذات بدأت نتشي تذهب إلى مركز بمفردها، وتقول نتشي " لا أستطيع قول ما يكفي عن فوائد تمارين الثقة بالنفس، حصلنا على محاضرات في كيفية المشي والتصرف وماذا نقول إذا تعرضنا للمضايقات بالإضافة إلى تمرينات كيك بوكسينغ وتعلم حركات الدفاع عن النفس، وعلى سبيل المثال ماذا تفعل إذا رفع أحدهم سكين في وجهك أو إذا وضعك شخص ما على الحائط وحاول خنقك أو إذا أمسك أحدهم يديك أو شعرك، وكيف تتوقع الحركة القادمة من المهاجم وكيف تمسك حقيبتك أثناء التحدث في الهاتف في الأماكن العامة".
ويعطي محامو حقوق الإنسان محاضرات في المركز مقابل 70 دولار اردني شهريا لمساعدة النساء على فهم حقوقهم وكيفية الإبلاغ عن الحوادث للشرطة، ويزور فريق المركز وهم 12 مدربا المدارس في عمان لزيادة الوعي من التحرش والعنف المنزلي وتعليم الدفاع عن النفس، وتخطط خليفة وفريقها لعمل دورات تدريبية للنساء السوريات في مخيم الزعتري في الأردن الذي يستضيف 80 ألف شخصا، وعقد المركز بالفعل دورات في المعسكرات الصغيرة في مقاطعتي الزرقاء وآل سلط، وتابعت مهند التي سافرت إلى أمريكا مؤخرا للحصول على دورة متقدمة في كيك بوكسينغ " لدينا قانون في الأردن ينص على أن كل رجل يغتصب إمرأة عليه أن يتزوجها لتصحيح الخطأ، هذا القانون جيد بالنسبة لعائلة الفتاة المغتصبة حيث يحميهم من العار في المجتمع ولكنه في النهاية عقاب مزدوج للضحية، وفي تكساس أدركت أنه لا علاقة بين الملابس الحديثة والتحرش في الشوارع كما يزعم الناس في عمان، فربما تسير فتاة مرتدية تنورة قصيرة في تكساس ولا يضايقها أحد في الشارع في حين أن المرأة المحجبة في عمان تتعرض للمضايقة في أي وقت تخرج فيه للشارع".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر