ويا خوْفي يا محمد

... ويا خوْفي يا محمد!

المغرب اليوم -

 ويا خوْفي يا محمد

بقلم - علي الرز

لطالما تابَعَ صديقي الطبيب السوري محمد بقلقٍ أنباء التسويات والمصالحات التي قضتْ بخروج مسلّحين ومدنيين من المناطق المحاصَرة الى إدلب بموجب رعاياتٍ روسية وأممية. ولطالما كان لسان حاله يقول: يا خوْفي أن يجمع العالم غالبية المنتفضين على بشار في بقعة إدلب الجغرافية فيقوم الأخير بتصفيتهم تدريجياً بالكيماوي وغيره.

محمد، الإدلبي، المتألّق في مجال الجراحة والمتقدّم في تفكيره على النظام والمعارضة معاً، وجد في كيماوي خان شيخون أساساً لمخاوفه، لكن حيرته ازدادتْ بعد الضربة الأميركية لمطار الشعيرات، رغم ارتياحه لها شأنه في ذلك شأن جميع السوريين المتطلّعين الى كسْر وتيرة "الحلف الواحد" ولو لساعات. وسبب حيرته ان كل مرحلة جديدة في سورية تحمل معها تفاؤلاتٍ شكليّة ثم تنتهي بتشاؤماتٍ فعلية.

ضُربت خان شيخون من مقاتلات مطار الشعيرات، وضَرب التوماهوك مطار الشعيرات، وانفلتتْ بورصة الاستنتاجات السريعة والتشفي والتهليل والتوقّعات الأشبه بالتمنيات. دَخَل دونالد ترامب "النادي الناري" من باب البوارج في المتوسط طالباً، بالصواريخ، من صديقه بوتين ان يفسح له المجال لتثبيت صورة حزْمه.

... ويا خوْفي يا محمد ان يكون ما حصل جزءاً من اختبارٍ دولي يتعلّق بمصالح الأطراف المتصارعة في سورية وعليها، أكثر منه انتصاراً لطرف او ضحية. بمعنى آخر، اختبار الردّ الأميركي ومعرفة ما اذا كان سيّد "البيت الأبيض" سيذهب بعيداً في سياساته الخارجية ام انه سيتابع سياسة سلَفه.

... ويا خوْفي يا محمد ان يكون كيماوي خان شيخون اختراقاً من النظام نفسه ضدّ النظام نفسه، منعاً لبيع روسيا "بضاعة" فاسدة منتهية الصلاحية للأميركيين مفادها ان يبقى بشار وتخرج إيران، وخصوصاً ان ايران تملك سلطة إعطاء أوامر للطيارين السوريين بموجب اتفاقاتٍ ميدانية عُقدت قبل عامين تحضيراً لمعارك حلب. ويا خوْفي ان يكون تركيز وليد المعلم طويلاً على "تحالف الدم" مع إيران في مؤتمره الصحافي الأخير جزءاً من تلاوة الندم على مجرّد "خطيئة" السماح بسماع الاقتراح.

... ويا خوْفي يا محمد ان تقف الضربة الأميركية عند هذا الحدّ، وان يَفهم بشار منها ان سيّد البيت البيض لا يهتمّ برائحة البارود بل بغاز السارين، وطالما ان أنفه لا يشمّ الكيماوي فالطريق مفتوح أمام سيّد قصر المتاجرين بدماء السوريين لأن يعمل فيهم فتكاً وإبادات ومجازر إنما بالأسلحة التقليدية. ولا تنسَ يا محمد ان أياماً كثيرة مرّت سقطتْ فيها براميل بشار وصواريخ الروس على طوابير الرجال والنساء أمام الأفران حاصِدةً في ساعاتٍ أكثر بكثير من عدد ضحايا خان شيخون.

... ويا خوْفي يا محمد ان تعمد الممانَعة، وهذا ديدنها المقدّس، الى الردّ على توماهوك ترامب بخطْف اميركيين وأجانب وضرب سفاراتٍ ومصالح وطائرات عبر "مجاهديها" الشيعة والسنّة من اليمن والخليج الى لبنان مروراً بغزة، ووصولاً الى ساحات العالم. فهذه الأراضي كلّها أرباح ولا ضير ان تحترق بمن فيها، أما رأس المال (ايران) فأمامه الكثير حتى يبدأ السحب منه. وانت تعرف كيف ان الرأي العام الغربي والأميركي غيّر سياسات حكوماته في ثمانينات القرن الماضي امام نهج الترهيب الذي انتشر في المنطقة.

... ويا خوْفي يا محمد من عدم فرْز التطورات الأخيرة الخطيرة قراراً في مجلس الأمن يفرض وقفاً للنار بالقوة الأممية، ومن تَأخُّر قيام منطقة آمنة، ومن ان تكون هذه التطورات ممراً لتأسيس ثنائيةٍ روسية - أميركية في سورية تتعلّق بترتيبات التعاطي الدولي في المنطقة، الى يمينها ويسارها لاعبون اقليميون يتحالفون او ينسّقون مع هذا

وذاك، بينما السوريون - أصحاب القضية - غائبون حتى... عن المدرّجات.     ليت خوفك وخوفي ومخاوف السوريين تتبدّد عند صحوة ضميرٍ واحدة، كي نعلن بفخر أننا اخطأنا في التحليل وان التمنيات يمكن ان تلتقي أيضاً مع المصالح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 ويا خوْفي يا محمد  ويا خوْفي يا محمد



GMT 12:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

عاش الإمام يقول

GMT 08:44 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

المُنقضي والمُرتجَى

GMT 08:42 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

«طوفان الأقصى» و«ردع العدوان»: إغلاق النقاش وفتحه...

GMT 08:39 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

عام ليس ككل الأعوام

GMT 08:38 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 08:35 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

2025... العالم بين التوقعات والتنبؤات

GMT 08:30 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

بشير الديك.. الكتابة على نار هادئة!!

GMT 08:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

كان عامًا كغيره

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 17:39 2024 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام تطلق تحسينات كبيرة على قنوات البث

GMT 03:53 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

فئات الرجاء البيضاوي العمرية تعيش وضعية مزرية

GMT 05:47 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الملكية البرلمانية

GMT 05:37 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الفنادق في فيينا ذات القيمة الجيدة

GMT 07:40 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019

GMT 04:53 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

مواطن عراقي يُغرّم شرطة المرور في أربيل 30 ألف دينار

GMT 11:35 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

فنانات سرقن أزواج زميلاتهن بعد توقيعهم في "شِبال الحب"

GMT 08:41 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إليك أجمل التصاميم لطاولات غرف المعيشة

GMT 21:41 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

مهرجان وجدة للفيلم يكرم الممثلة المصرية ليلى طاهر

GMT 11:16 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل دينار اردني الأحد

GMT 04:03 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

دونالد ترامب يُشدّد على عدالة وإنصاف القضاء الأميركي

GMT 16:19 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تطورات الحالة الصحة لـ"الزفزافي" عقب أزمة مفاجئة

GMT 12:34 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

توقيف رجل مسن وهو يغتصب طفلًا في الخلاء في أغادير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib