ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

المغرب اليوم -

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

تعابير الفرح وصيحات الانتصار والحركات الاستعراضية التي صدرت عن بنيامين نتنياهو في حفل الإشهار عن «صفقة القرن»، لا تعكس مواقف الرجل الحقيقية من الصفقة ذاتها، على الرغم من أنها منحت إسرائيل ما لا تستحقه، وما لم تكن تحلم به في يوم من الأيام ... لكن الرجل، ومن خلفه تيار عريض من اليمين المتطرف ولوبي الاستيطان، يراهنان على شيء آخر تماماً.
يعلم نتنياهو أن «صفقة القرن» جائرة إلى الحد الذي لن تَجِد معه فلسطينياً واحداً، يمكنه أن يضع خاتمه عليها، وأنها في مضامينها ولغتها، أقرب إلى «صك الإذعان» الذي يمليه المنتصر على المهزوم ... نتنياهو كان يعلم أن أي استحقاقات ستترتب على إسرائيل بموجب الصفقة، تشترط مسبقاً، قبول الفلسطينيين بها وموافقتهم عليها، ولذلك قرر أن يلعب لعبته التي اشتهر بها وأسلافه على أية حال.
يعني ذلك، أن «فرق بسط السيادة» على الغور الفلسطيني وشمالي البحر الميت، التي سارع نفتالي بينيت لتشكيلها، ستبدأ عملها مطلع الأسبوع المقبل ... الفرصة لن تتكرر، ويجب اهتبالها، هكذا صاح وزير الدفاع الإسرائيلي الأكثر تطرفاً وعنصرية ... يعني ذلك أن قانون ضم المستوطنات، جميع المستوطنات، يجري وضع آخر النقاط على آخر حروفه، وربما يجري تمريره في الأسبوع ذاته، حتى قبل الانتخابات، وفي ظل حكومة تصريف أعمال، فمن يجرؤ على الرفض، ومن يجرؤ على السجال القانوني والدستوري ... الوقت من ذهب، وعلى إسرائيل استثمار سانحة ترامب حتى الثمالة... لن تنشغل الجرافات الإسرائيلية بحفر «الممر الآمن» بين الضفة وغزة، ولا بتشييد الأنفاق والجسور التي تربط جزر «الأرخبيل» الفلسطيني المعزولة بعضها ببعض.
كل ما ستجده إسرائيل في مصلحتها، وهو كثير، ولا يتطلب موافقة أو اعترافاً أو توقيعاً من الفلسطينيين، ستعمل على إنجازه فوراً ومن دون إبطاء أو تأخير ... وستطلق العنان لسرطان الاستيطان الزاحف للعمل بأقصى طاقته، طالما أنه بات محمياً بالاعتراف الأمريكي ومحصناً بالفيتو الأمريكي ... أما القدس، وبالذات الشطر الشرقي منها، فإن عمليات التطهير العرقي وهدم المنازل وخنق الساكنين، ستتكثف على نحو غير مسبوق.
لدى إسرائيل مهلة أربع سنوات لإنجاز عمليات القضم والهضم للوجبة الدسمة التي قدمها ترامب لها من كيس الفلسطينيين وعلى حساب حقوقهم ... هي ذاتها المهلة الممنوحة للرئيس عباس للتقرير بشأن موقفه النهائي من العرض الأمريكي، وربما تكون هذه أطول مهلة في التاريخ تمنح لطرف من أطراف الصراع للحسم بشأن مبادرة للحل أو مشروع للتسوية ... إسرائيل لن تحتاج لهذه السنوات الأربع، ولا لأشهر أربع، إسرائيل ستمضي بأسرع مما فعلت من قبل، لضمان ابتلاع حصتها من صفقة القرن، كاملة غير منقوصة.
أما عن مهلة السنوات الأربع، فأظنها «مزحة سمجه»، ذلك أن ترامب نفسه سيكون في العام الأخير من ولايته الثانية إذا قُدّر له الفوز – لا سمح الله – في الانتخابات المقبلة ... أو ربما، لكأني بترامب ونتنياهو، يعطيان «ملاك الموت» فرصته ومهلته للتعامل مع الرئيس الفلسطيني، على أمل أن يصدر عن خَلَفِه ما يرضي الأمريكيين والإسرائيليين ويشبع طموحاتهم السوداء.
أياً يكن من أمر، فإن السيناريو الواقعي الذي قد ينتظم الأحداث على ساحة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، هو تمكين إسرائيل من التصرف بـ»مكتسباتها» من الصفقة، وبعد ذلك ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، وستكون لدى واشنطن وتل أبيب في مطلق الأحوال، الحجة والذريعة لتبرير أفعالهما الشائنة: الفلسطينيون أهدروا الفرصة، كدأبهم دوماً، وليس بالإمكان أبدع مما كان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن» ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 09:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
المغرب اليوم - المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

GMT 06:44 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 04 فبراير / شباط 2024

GMT 12:48 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يتلقي حصة تدريبية خفيفة بعد هزم الأردن

GMT 04:10 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الروسي حبيب نورمحمدوف يوجه رسالة للمسلمين

GMT 16:57 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاح كورونا سيكون مجانًا للجميع في المغرب تحت إشراف "الصحة"

GMT 23:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظر التجول في جميع الولايات التونسية ابتداء من الثلاثاء

GMT 12:59 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

العلماء يكتشفون آثار ماء على سطح كويكب "بينو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib