دُمى على مسرح عرائس

دُمى على "مسرح عرائس"

المغرب اليوم -

دُمى على مسرح عرائس

بقلم - عريب الرنتاوي

أحالت الأزمات المفتوحة في عدد من الدول العربية، رؤساء وقادة “شرعيين" و"مارقين"، إلى دمى على مسرح عرائس، تحركها أصابع لاعبين خارجيين، عرباً وإقليميين ودوليين، حتى أن مصائر هؤلاء، السياسية والشخصية، باتت سلعة في بازار المقايضات والمناقصات.
 
مناسبة هذا الحديث، ما تواتر من أقوال حول المصير الشخصي والسياسي للرئيس السوري بشار الأسد، تارة تقرأ أن الكرملين بات يتعامل معه كـ"ورقة محروقة"، وأخرى تسمع بأن بالبحث جارٍ عن بدائل له، وثالثة، يُسرُّ إليك بأنه قد يظل رئيساً ولكن بلا أنياب ولا مخالب، ومن ضمن دستور جديد، بات وحده المخرج الآمن لسوريا من طاحنتها الاقتصادية، وعودة عملتها الوطنية للتعافي من جديد.
 
ما ينطبق على الأسد، ينطق بصورة أكبر، على دمى أخرى برتبة رؤساء حكومات وإدارات تتقاسم الهيمنة على سوريا والسوريون...إدارة "قسد" الذاتية التي يرتبط مصيرها بمستقبل القوات الأمريكية المرابطة في مناطق نفوذها وولايتها...حكومة "الإنقاذ" التابعة للنصرة، حيث يلتحق "أبو محمد الجولاني"، صاحب العصر والزمان، بأنقرة تدريجياً، ليواجه مصير "حكومة الائتلاف المؤقتة" لصاحبها "والي هاتاي" العثماني، وحيث مسلسل "التتريك" يتعاقب فصولاً، وما تعميم الليرة التركية وإحلالها محل الليرة السورية في إدلب وجوارها سوى الحلقة الأخيرة في هذا المسلسل.
 
ويلفتك أيضاً ما تتداوله الأنباء عن مصائر الجنرال خليفة حفتر، والأنباء التي يجري تسريبها بخصوص "صفقة ما"، تبقيه لاجئاً في مصر، على أن يتوقف زحف "الوفاق" وتركيا عند حدود "ترهونة"...الجنرال المغامر (77 عاماً)، خسر معاركه الأخيرة برغم كل الدعم "السخي" ومتعدد الجنسيات، وهو بات عبئاً على داعميه بدل أن يكون ذخراً لهم...واشنطن ترفع الغطاء عنه، وتُجري تحقيقات بشأن زيارة سرية قام بها لفنزويلا، وقد أشعل شبقه القاتل للسلطة، حرباً مع منافسيه في الشرق، وأوصل خصومه وأعدائه في الغرب والجنوب، لاشتراط خروجه عن المسرح، قبل الحديث عن أية مبادرات أو مفاوضات.
 
حفتر، ربما يصبح بأسرع مما نظن ويظن كثيرون، خارج الحلبة، وحال خصومه في الغرب الليبي ليس أحسن من حاله، سيما بعد أن وطّدت تركيا أقدامها على الأرض وفي المياه والأجواء، في سعيها للاحتفاظ بوجود عسكري مستدام، وقواعد ثابتة على المتوسط، لن تُبقي بعدها السرّاج ولا بقية قادة الفصائل الإسلامية، هوامش استقلالية تتخطى ما يتمتع به الائتلاف السوري المعارض.
 
غير بعيد عن سوريا وليبيا، وفي اليمن، الزاوية المقابلة في مثلث الأزمات العربية، من منكم يذكر متى تحدث الرئيس "الشرعي" عبد ربه منصور هادي آخر مرة...من منكم يستذكر له أمراً أو قراراً جرى نقله إلى حيز التنفيذ...رئيس في المنفى بانتظار العودة إلى صنعاء فإذا به يُطرد من عدن، عاصمته الانتقالية، وإذا بالجنوب اليمني، أو قسم وازن منه (المجلس الانتقالي)، يتمرد على شرعيته المثلومة، وإذا بالتحالف العربي ينقسم على نفسه، بين مؤيد لبقاء هادي ولو صورياً، ومعارض له، متحمس للمجلس الانتقالي.
 
حال هادي، في اليمن، أو في المنفى، لا يختلف عن حال بقية الأطراف اليمنية المتصارعة، التي وجدت نفسها طائعة أو مرغمة، في ذيل هذه العاصمة أو تلك، دميةً في يد هذا المحور أو ذاك.
 
الأزمات العربية المفتوحة، أحالت "الشرعيات" و"المتمردين" عليها، إلى دمى على مسرح عرائس كبير، غير مسلٍ على الإطلاق، تدفع شعوب هذه الدول كلفه الباهظة من دماء أبنائها وعمران مدنها، ومستقبل أجيالها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دُمى على مسرح عرائس دُمى على مسرح عرائس



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib