أية حركات مرشحة للسير على خطى طالبان، وهل تغيرت قواعد الحرب على الإرهاب

أية حركات مرشحة للسير على خطى طالبان، وهل تغيرت قواعد الحرب على الإرهاب؟

المغرب اليوم -

أية حركات مرشحة للسير على خطى طالبان، وهل تغيرت قواعد الحرب على الإرهاب

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

ثلاث منظمات "سنيّة"، مصنفة على نطاق واسع بـ"الإرهابية"، باتت موضع تحليلات ورهانات من قبل الباحثين والإعلاميين والدبلوماسيين، بعد نجاح طالبان في استرداد سيطرتها على عموم أفغانستان، ودخولها قبل ذلك، في مفاوضات طويلة مع الولايات المتحدة، واتجاه المجتمع الدولي بمختلف مكوناته، للتعامل مع "سلطة الأمر الواقع" باعتبارها خياراً لا يمكن تلافيه...هنا نتحدث أساساً عن حركة حماس في فلسطين، وهيئة تحرير الشام في سوريا وحركة الشباب في الصومال، فيما الجدل يدور خافتاً حول ثلاث حركات "شيعية" كذلك: أنصار الله الحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق و حزب الله في لبنان.

حين يدور الحديث عن هذه الحركات والمنظمات، يجري التوقف أمام قواسم مشتركة تجمعها، أولها، أنها ذات فعالية عسكرية وميدانية مؤثرة، تفوق في معظم الأحيان، ما لدى حكومات بلدانها من مقدرات، ولولا وجود "حواضن خارجية" لهذه الحكومات، لأمكن لها بسط سيطرتها التامة، تماماً مثلما فعلت طالبان في أفغانستان ما أن قررت واشنطن سحب قواتها وغطائها من هناك... حماس تسطير على قطاع غزة، ولولا الاحتلال الإسرائيلي لاجتاحت الضفة الغربية وأسقطت سلطة الرئيس محمود عباس... تنظيم الشباب يسيطر أجزاء من الصومال، ويحظى بتأييد قدرٍ لا بأس به من أهله وقبائله، ولولا الحضور الدولي والقوات الأفريقية لأمكن له فعل شيء مماثل... حزب الله أقوى من الدولة اللبنانية، ويُنسب للحشد الشعبي أنه منع سقوط بغداد تحت قبضة داعش وإسهامه النشط في تحرير المحافظات الغربية من قبضة التنظيم الإرهابي بعد انهيار الجيش العراقي، أما الحوثي فهو يسيطر على شمال اليمن ومعظم سكانه، ولولا التدخل الخليجي لما خرج من عدن، ولربما وصل إلى حضرموت واستقر فيها.

القاسم المشترك الثاني بين هذه الحركات، أنها جميعها، وإن بتفاوت، تحتفظ بأجندات محلية، وليست منغمسة كثيراً بـ"الجهاد العالمي"، ولولا مقتضيات التحالفات الإقليمية لبعضها، لما خرجت عن نطاقها الجغرافي "الوطني"، إذ حتى "النصرة" التي نشأت من رحم التنظيم العالمي للقاعدة، دخلت في مرحلة مديدة من التحولات، وباتت خصماً للتنظيم الأم، وتحولت إلى فصيل محلي بمرجعية سلفية – جهادية... حماس والحوثي والحشد الشعبي، تكاد تقتصر ميادين تحركها الميداني على حدودها الجغرافية، وكذا الحال بالنسبة للشباب في الصومال، الذي تشكل عملياته خارج نطاقه الجغرافي، الاستثناء الذي يكرس القاعدة.
أما القاسم المشترك الثالث، فيتعلق برغبتها في الوصول إلى السلطة في بلدانها، واستعدادها لتقديم "قدرٍ من التنازلات" للتكيف مع مندرجاتها، أي أنها، وإن بدأ بعضها كحركات جهادية ذات "أجندة كونية"، إلا أنها انتهت، أو بصدد أن تنتهي إلى "حركات وطنية" في أولوياتها ونطاق تحركها وأهدافها، تصارع السلطة في سبيل الوصول إليها... بهذا المعنى، تكاد هذه الحركات، تتوفر على ما توفرت عليه "طالبان"، بصرف النظر عن اختلاف مرجعياتها المذهبية أو درجة تطرفها واعتدالها.
من بين هذه الحركات الست، سبق للولايات المتحدة أن تعاملت مع اثنتين منها: الحشد الشعبي الذي تحوّل رسمياً إلى مكون من مكونات المنظومة الأمنية والدفاعية العراقية، حين وفرت له الطائرات والصواريخ الأميركية غطاء نارياً زمن المعارك الكبرى مع داعش في العراق ... وأنصار الله الحوثيين، الذين سارعت إدارة بايدن لرفع اسمه من قائمة ترامب السوداء للمنظمات الإرهابية، في واحدٍ من أولى القرارات التي صدرت عن الساكن الجديد للبيت الأبيض، وقبل أن تستقر الحركة مطولاً في تلك القائمة.
ومن بين هذه الحركات الست، ثمة اثنتين منهما كذلك، حماس وحزب الله، لا يعود القرار الفصل بشأن التعامل معهما للإدارة الأميركية "حصراً"، بل يمكن القول إن القرار بهذا الصدد يعود أساساً للحكومة الإسرائيلية بمستوييها الأمني والسياسي، ففي كل ما يتعلق بأمن إسرائيل وأولوياتها "الضاغطة"، تبدو واشنطن "منضبطة" لحسابات" نظرية الأمن الإسرائيلية" وفرضياتها، أكثر من أي شيء آخر، وليس متوقعاً أن تقدم واشنطن على أية خطوة – اختراق على خط التعامل مع هاتين الحركتين، قبل أن تكون مهدت الطريق لذلك مع إسرائيل.

"هيئة تحرير الشام" أو "النصرة" سابقاً، تخضع منذ سنوات لعميات تأهيل مكثفة، تقودها تركيا وقطر، وبتواطؤ غربي واضح ... "أبو محمد الجولاني" يظهر في الإعلام الأميركي خالعاً زي "المجاهدين الأفغان"، ومشذباً لحيته، ويجري مقابلات مع وسائل إعلام غربية، ويعرض خدماته، بوصفه جزءاً من الحل وليس جزءاً من المشكلة... التنظيمات الجهادية الأكثر تشدداً، تجد صعوبة في التواصل معه، والقاعدة تمنح اعترافها لتنظيم "حراس الدين" بوصفه ممثلها في بلاد الشام، و"الخُراسانيون" وحدهم، هم الهدف الجاذب لعمليات التصفية والاستهداف الأميركية... ومناطق خفض التصعيد، في الشمال الغربي، تتعايش فيها القوات التركية وعناصر "الهيئة" جنباً إلى جنب وكتفاً إلى كتف، ولا يخفى على أحد، أن التنظيم منذور للقيام بواحدة من المهام التالية، أو جميعها: (1) الاستمرار في استنزاف دمشق وحلفائها على مبعدة كيلومترات قلائل من قاعدة "حميميم"... (2) تحويل الوضع المؤقت في إدلب إلى وضع دائم تحت شعار "الإمارة الإسلامية" الشقيقة التوأم لإمارة أفغانستان الإسلامية... (3) الدخول في شراكة مع النظام وبقايا المعارضة، لتقاسم السلطة والثروة في إطار حل نهائي للمسألة السورية.

هذه العملية لم تكتمل شروطها بعد، وثمة عقبات كؤود تعترض طريقها، بيد أنها ليست مستحيلة، إلا بالقدر الذي ظننا، وظن غيرنا، أن فرص التفاوض والتسويات بين واشنطن وطالبان، مستحيلة كذلك... وأحسب أن ما حدث في كابل، وما يحدث فيها وحولها اليوم، يعطي دفعة إضافية للجهود الرامية لتأهيل "النصرة"، وتطويبها كقوة أمر واقع في سوريا، اقتفاءً لخطى طالبان ومفاوضات الدوحة.

ولكم كان لافتاً في حوار "جانبي" على هامش مؤتمر أشارك فيه في نابولي، حديث زميلة صومالية، عن الشباب، واستعداد الشعب الصومالي للعيش مع التنظيم المصنف إرهابياً، بل والنظر إليه بوصفه "مكوناً من مكوناته"، والأخطر حديث الزميلة عن "الأثر السلبي" الذي استحدثته الحرب الكونية على الشباب، والتصنيف الدولي له بوصفه منظمة إرهابية على مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها، والإشارة إلى "الروابط" القبيلة مع التنظيم ذي المرجعية السلفية، في استعادة واضحة لحكاية "العشق القاتل" بين حركات السلفية – الجهادية والبنى القبلية والعشائرية للمجتمعات التي تنشط فيها


لا تمانع إسرائيل في التعامل "واقعياً" مع حماس كسلطة أمر واقع في قطاع غزة، بل وقيام جنودها بتسليم "الكاش" القطري لمندوبي حماس المفوضين بالاستلام، على حاجز "إيريتز/ بيت حانون"، لكن التعامل "رسمياً" مع الحركة، يطرح سؤالاً حول "شرعية" وجودها في الضفة الغربية، وهو أمرٌ ترفضه إسرائيل وتخشاه، وتفضل عليها استمرار حالة الانقسام الجغرافي/السياسي/ الإيديولوجي بين شطري السلطة الفلسطينية، فليس أفضل من حالة كهذه لتسويغ وتسويق رفضها قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة.. مثل هذا الوضع قد يتغير مع تقدم إسرائيل في تنفيذ استراتيجية الضم الزاحف و"الأسرلة" للضفة والقدس، وقد يفتح ذلك باباً أمام الحركة لاقتفاء خطوات طالبان، فيما عمليات التكيّف والتأهيل، تسير على قدم وساق في الدوحة، تحفزها رغبة إسرائيل ومختلف الأطراف الإقليمية والدولية في تكريس "التهدئة" على جبهة القطاع، وتدعيمها بالمساعدات الإنسانية وعمليات إعادة الإعمار المشروطة والمتدرجة، القائمة على قاعدة كلما مضت حماس قدما في تأمين الأمن والاستقرار للجانب الإسرائيلي، كلما تلقت المزيد من "الهدايا" و"الحوافز" في المقابل.

ولا تمانع أوروبا ودول أخرى عديدة، في التمييز بين جناحي حزب الله السياسي والعسكري، فتتعامل مع الأول وتصنف الثاني إرهابياً... تلكم "إشارة دوران كامل U-Turn" على الطريق الطويل، المليء بالمطبات، في حال اقتضت الحاجة استحداث هذه الاستدارة، لكن مع التذكير بأن القول الفصل في أمرٍ كهذا، أنما يعود لإسرائيل وحكوماتها في المقام الأول.
"سيناريو طالبان"، فتح الباب رحباً لسيلٍ من التقديرات والتكهنات، والحركات الست المذكورة، هي الأكثر ترشيحاً للسير على هذا الطريق، وهي في مسعاها هذا، تجد أطرافاً إقليمية وأحياناً دولية داعمة ومساهمة بنشاط في عمليات "التأهيل وإعادة التأهيل"... حتى لكأن الحرب الكونية على الإرهاب بمجملها، قد دخلت مرحلة جديدة بعد مجيء إدارة بايدن وبالأخص بعد أحداث "مطار كابل"، أدواتها أكثر نعومة هذه المرة، وقد تميل للاحتواء بدل الاستئصال، وتركز عملياتها الحربية على المجموعات الأكثر خشونة ودموية من بين الفصائل الجهادية، وتنبذ استراتيجية "تغير الأنظمة" كما يتضح من "مبدأ بايدن" المصاغ في ضوء نتائج عقدين من الفشل والخسارة أعقبت أحدث الحادي عشر من سبتمبر، لكنها مع ذلك عملية طويلة ومعقدة، والأهم أن نتائجها غير مضمونة، وتداعياتها على الدول والمجتمعات الحاضنة لهذه المنظمات بالأخص، ليست محسوبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أية حركات مرشحة للسير على خطى طالبان، وهل تغيرت قواعد الحرب على الإرهاب أية حركات مرشحة للسير على خطى طالبان، وهل تغيرت قواعد الحرب على الإرهاب



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib