«تمارين ذهنية» من وحي «الاستعصاء الفلسطيني»

«تمارين ذهنية» من وحي «الاستعصاء الفلسطيني»

المغرب اليوم -

«تمارين ذهنية» من وحي «الاستعصاء الفلسطيني»

عريب الرنتاوي
بقلم: عريب الرنتاوي

حين عرض جارد كوشنير «الكونفدرالية» بين إسرائيل وفلسطين، علق الرئيس الفلسطيني موافقته على شرطين: الأول؛ قيام دولة فلسطينية ابتداء، لأن «الكونفدرالية» بحكم طبيعتها، رابطة بين دولتين مستقلتين ... والثاني؛ شمول الأردن بـ»ترتيب مثلث الأضلاع» من هذا النوع ... لم نعرف حتى اللحظة ما الذي ردّ به كوشنير على الرئيس الفلسطيني، وإن كنا سمعنا من عمّان، موقفاً رافضاً للفيدرالية والكونفدرالية، يعيد التأكيد على «حل الدولتين».
ويمكن الافتراض، بأن الرئيس عباس في رده على صهر الرئيس ومبعوثه، كان يعتمد تكتيك «القبول المشروط»، أو بالأحرى، المثقل بشروط يعرف الرئيس الفلسطيني مسبقاً، بأن إسرائيل لا تريدها، ولا تقوى على القبول بها ... يمكن الافتراض أن استمرار الجانبين الأردني والفلسطيني في التأكيد على معادلة «حل الدولتين»، إنما كان يستبطن رفضاً مسبقاً لما كان كوشنير يحمله في جعبته.
الجزء الغاطس من مبادرة «الكونفدرالية» التي حملها كوشنير إلى «المقاطعة»، إنما يتعلق بالموقف الإسرائيلي منها: هل جاء الرجل ليجس نبض الفلسطينيين أم ليسوق بضاعة إسرائيلية؟ ... وما هي تفاصيل هذه البضاعة – إن وجدت - وشروطها؟
نجزم بإن مشروع «الكونفدرالية» الفلسطينية-الإسرائيلية، لا يحمل من منظور إسرائيلي، سوى معنى واحد: سلب المساحة الأوسع من الأرض، والخلاص من العدد الأكبر من السكان، من ضمن إطار لا يتخطى «الحكم الذاتي المحدود»، الذي ستوكل إليه مهام إدارة السكان (دون سيادة على الأرض)، وتدبير أمر قانون الجنسية وجواز السفر، طالما أن إسرائيل لا تريد أن «تتورط» في ابتلاع خمسة ملايين فلسطيني، سينضمون إلى 1.7 مليون فلسطيني آخر، داخل الخط الأخضر، فهذا خطر وجودي يتهدد «يهودية الدولة».
بعض المفكرين والمثقفين الفلسطينيين والعرب، يتداولون همساً في الغالب، وصراحة أحياناً، السؤال التالي: هل يمكن أن ينفتح خيار «الكونفدرالية» على مشروع «حل الدولة الواحدة ثنائية القومية»؟ ... هل يمكن التفكير بدولة واحدة بنظامين سياسيين؟ ... ما الذي يتعين المطالبة به، وما هي الشروط التي يتعين طرحها للنظر في الموضوع؟
بعضهم يقترح التفكير باشتراط حرية التنقل والحركة والإقامة والعمل والاستثمار لكلا الجانبين، في كل المساحة المُشكِلة لفلسطين التاريخية، مع وقف كامل للمشاريع الاستيطانية التي تنشئها الحكومة أو تدعمها؟ ... وبعضم الآخر يتساءل: ماذا عن الحدود بين جناحي الكونفدرالية، هل هي من النوع الصلب أم من النوع المرن كما اقترح كوشنير نفسه؟ ... هل يمكن التفكير بقانون جديد، يتيح ممارسة «حق العودة» للفلسطينيين وليس لليهود فقط، كما هو الحال اليوم؟ ... فلسطين التاريخية تضم اليوم حوالي 14 مليون نسمة، يتوزعون مناصفة تقريباً عرباً ويهوداً، فيما تشير أكثر الأرقام تضخيماً، أن أعداد اللاجئين والمغتربين واليهود غير الإسرائيليين، لا تتخطى هذا الرقم على أبعد تقدير، مما يسهل استيعابه وتوطينه في حال قرر هؤلاء جميعاً ممارسة هذا «الحق»، وهو سيناريو غير متخيل بكل حال من الأحوال، فثمة ملايين من الفلسطينيين الذين قد يعودوا زائرين إلى موطن الآباء والأجداد، وثمة ملايين اليهود الذي لم تنجح دعاية سبعين عاماً في جذبهم إلى «أرض الميعاد» ... في مطلق الأحوال، فإن فلسطين التاريخية كافية لاستيعاب هذه الزيادة السكانية، من دون أن تحتل الموقع الأول في قائمة الدول الأكثر كثافة سكانياً.
المشهد الفلسطيني بكل استعصاءاته، يستمطر العشرات من الأسئلة والتساؤلات التي يتعين تمحيصها و»تقليبها من مختلف جوانبها»، لكن الجهات الفلسطينية المعنية بتقديم الإجابات، تبدو مكتفية بالقول إنه لا بديل عن «حل الدولتين»، وتقف مكتوفة الأيدي لتشهد تآكله ونهايته.

 

قد يهمك ايضا
«محكمة الجنايات»... الوجه الآخر للمسألة
سوريا: عن النكايات والصفقات ورائحة الكربون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تمارين ذهنية» من وحي «الاستعصاء الفلسطيني» «تمارين ذهنية» من وحي «الاستعصاء الفلسطيني»



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 13:53 2016 الخميس ,11 شباط / فبراير

لجين عمران تروج لماركة حقائب شهيرة

GMT 17:42 2023 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

أفكار جديدة لديكورات غرف المكاتب المنزلية

GMT 05:48 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

تعرفي على "الصيحة" الأكثر رواجاً لتصاميم مطابخ 2019

GMT 07:11 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

أفكار لاستخدام "أسرّة الأطفال" في المساحات الصغيرة

GMT 20:54 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

عزيز بوحدوز يطلب من الجمهور المغربي أن يسامحه

GMT 07:34 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

كوكو شانيل تبيّن حبها المتجدد لتصميم المجوهرات

GMT 02:49 2015 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساو باولو البرازيلي يودع الحارس الأسطورة روجيريو سيني

GMT 14:13 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

الأمير سليم يعلن خطبته على حبيبة مهند السابقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib