بعد تركيا وإيران وإسرائيلهل حان دور أثيوبيا

بعد تركيا وإيران وإسرائيل...هل حان دور أثيوبيا؟

المغرب اليوم -

بعد تركيا وإيران وإسرائيلهل حان دور أثيوبيا

بقلم - عريب الرنتاوي

المناوشات الحدودية بين السودان وأثيوبيا قديمة ومتكررة، وتعود لعشرات السنين إلى الوراء، وهي ناجمة عن إخفاق البلدين في إنجاز مهمة "ترسيم" الحدود، والتداخلات القبلية والسكانية، والنزوح الموسمي لقاطني تلك المناطق تبعاً لتعاقب مواسم الأمطار والجفاف، وعلى الدوام سعى البلدان في منع تطور هذه المناوشات أو أزمة سياسية تهدد علاقاتهما الثنائية، وكانت دائماً لديهما انشغالات أكبر، تصرف انتباههما على إشكال محلي هنا، واشتباك قبلي هناك.
 
هذه المرة، تبدو الصورة مختلفة، إشكال حدودي يتطور بسرعة إلى "أزمة دبلوماسية" بين البلدين، تستوجب استدعاء السفير الأثيوبي في الخرطوم لإبلاغه رسالة احتجاج على قيام الجيش الأثيوبي باختراق الحدود السودانية، ومهاجمة نقاط للجيش السوداني غربي نهر عطبرة في ولاية القضارف السودانية الحدودية ... هنا، الحديث يدور عن اشتباك بين قوات نظام نظامية تتبع لكلا البلدين، وليس عن مناوشات بين قوات دفاع شعبي مدعومة من الحكومة السودانية وميليشيا "الشفتا" المدعومة من الجيش الأثيوبي.

وهذه المرة أيضاً، يكتسب توقيت "المناوشات" أهمية خاصة، إذ يأتي على خلفية الخلاف بين البلدين حول ملف سد النهضة، سيما بعد أن أحدثت الخرطوم مؤخراً، استدارة في مواقفها لصالح الموقف المصري بعد أن بدا لأشهر عديدة، أنها أقرب لأديس أبابا منها إلى القاهرة، وقد بررت مصادر سودانية هذه النقلة، باتهام الحكومة الأثيوبية بخذلان الخرطوم وتخليها عن التزامات سابقة. 
 
التوتر على الحدود السودانية الأثيوبية، استدعى قيام رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، بزيارة للمنطقة، وتفقد المواقع الحكومية والعسكرية لبلاده هناك، تبعتها زيارة لرئيس الحكومة السودانية الانتقالية عبد الله حمدوك للمنطقة ذاتها، وللغرض ذاته، ودائماً في مسعى لتوجيه رسائل للعاصمة الأثيوبية، بأن السودان يعرف ما يدور في تلك المنطقة، ولن يقبل باستمرار "التمادي" على سيادته و"التعدي" على مصالح وحياة مواطنيه في تلك المنطقة.
 
والحقيقة أن أثيوبيا التي أظهرت استهتاراً واستخفافاً مؤسفين، بحقوق دولتي الممر والمصب لنهر النيل، ومضت قدما في مشاريع بناء السد، وقررت من جانب واحد، رزنامة ملئه بالماء، لا تبدي قلقاً حيال التحركات الميدانية أو الدبلوماسية السودانية، في ملف أقل أهمية بكثير من ملف "مياه النيل" ... والأرجح أن الجيش الأثيوبي وميليشيا "الشفتا" سيواصلان توفير الحماية لألوف المزارعين و"الرعيان" الأثيوبيين الذين يزرعون أراضي السودانيين، ويرعون مواشيهم فيها، دونما اكتراث باستدعاء السفير أو ببلاغات الاحتجاج الدبلوماسية.
 
أثيوبيا تستشعر "فائض قوة" وهو تراقب المشهد العربي فائق الضعف، وهي تعتقد أنها بما حققته من إنجازات سياسية واقتصادية في الداخل، ومن توسع في علاقاتها الدولية في الخارج، قادرة على المضي في طريقها لأن تصبح قوة إقليمية وازنة، حتى وإن جاء ذلك على حساب حقوق مائية عربية أو بانتهاك سيادة وحدود جوارها السوادني.
 
أثيوبيا قرأت جيداً، تجربة الضعف التفاوضي العربي حول قضية ترقى إلى مستوى "الحياة والموت" بالنسبة لدول حوض النيل، والأرجح أنها قرأت بتمعن دروس الاختراقات الإيرانية والتركية والإسرائيلية للعمق الاستراتيجي العربي، الجغرافي والمائي والأمني، من المشرق والخليج إلى شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وهي تتطلع بدورها، لأن تكون لها حصة من "تركة الرجل العربي المريض"، بدءاً بمياهه، ولا بأس إن سيّجت نفسها بـ "منطقة أمنة جديدة" أو حولت ولاية القضارف ذاتها، إلى "مزارع شبعا ثانية" أو "غور الأردن الجديد".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد تركيا وإيران وإسرائيلهل حان دور أثيوبيا بعد تركيا وإيران وإسرائيلهل حان دور أثيوبيا



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال "العتاولة 2"
المغرب اليوم - أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال

GMT 06:44 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 04 فبراير / شباط 2024

GMT 12:48 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يتلقي حصة تدريبية خفيفة بعد هزم الأردن

GMT 04:10 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الروسي حبيب نورمحمدوف يوجه رسالة للمسلمين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib