لا تدفعونا لقعر الهاوية…فنحن على مبعدة خطوتين من حافتها

لا تدفعونا لقعر الهاوية…فنحن على مبعدة خطوتين من حافتها

المغرب اليوم -

لا تدفعونا لقعر الهاوية…فنحن على مبعدة خطوتين من حافتها

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

من يعرف الأردن جيداً، يصعب أن تتخطر بباله لحظة كتلك التي يمر بها، ونعيشها جميعاً، هذه الأيام...جائحة وبائية، أرخت سدولها فوق رؤوسنا وصدورنا، أفئدتنا وضمائرنا، فلا يكاد يمضي يوم واحد، من دون أن نودع عزيزاً أو يجتاحنا القلق على عزيز آخر، دع عنك خشيتنا على صحتنا وحيواتنا، نحن وعائلاتنا.

جائحة اقتصادية، تجعلك تتوقف عن "الكلام المباح"، وأنت تستمع لمواطنين يجأرون بِمُر الشكوى، لفرط المصاعب التي تحول بينهم وبين لقمة عيشهم، فيبدو حديثك إليهم، ضرباً من "الاستعلاء" المتسم بانعدام الحساسية، وأنت تنصحهم بالتزام البيوت، أو تجادلهم بضرورة زيادة ساعات الحظر أو التوسع في الإغلاقات.

ونحن أمام انعدام يقين، لم نَخبَر ما يشبهه طيلة سنوات وعقود...نعرف أن "كل مُرٍ سَيَمر"، لكننا لا نعرف كيف ومتى، وما الأثمان التي يتعين علينا دفعها، قبل أن نعاود يومياتنا المعتادة.
لا يقين عند الناس، حول أي شيء تقريباً...لأزيد من عام، كنّا نجاهد في سبيل إقناع غالبية من الأردنيين، بأن "الفيروس" اللعين، موجود، وأن خطره داهم، وأنه خبيث وخبيء...اليوم، وفي مفتتح العام الثاني للجائحة، نجهد في إقناعهم بجدوى الحصول على اللقاح، وأنه طريقنا الوحيد للخروج من الجائحتين، الوبائية والاقتصادية معاً...صديقي بائع الجرائد، يستحلفني بالأمس، أن أخبره بأعداد الذي أصيبوا بالشلل التام، جراء تناولهم اللقاح...ما الذي سأقوله له، وكيف أقنعه، والأهم، من أين له بكل هذه المخاوف الزائفة، لكأن مخاوفه وهمومه الحقيقية، لا تكفيه، فزادوا عليها مخاوف وهمية مفبركة.

لا ثقة بين الناس والحكومات، ولا ثقة بين الناس بعضهم ببعض...الجميع متهم في ضميره ونواياه وأخلاقه وسلامة انتمائه لوطنه وشعبه، ما لم يثبت العكس...القاعدة الفقهية التي تقول إن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، سقطت من رأسمالنا الاجتماعي، ومنذ زمن سابق لكورونا، ولاحق لها.

الاعتراض على السياسات والإجراءات، المشروع تماماً، والمفهوم تماماً، والمطلوب من دون تحفظ، يأخذ أشكالاً انفعالية، وأحياناً انتقامية...لا وظيفة لها سوى صبّ مزيدٍ من الزيت على جمر الضائقة...حتى أن البعض منّا، بات يتوقف ملياً عند سر ما يثار من معارك جانبية، وعن ميولٍ تهديمية، وعن "فتنة" كما قال الملك، وإلا ما معنى هذه النزعات التدميرية الذاتية، وما معنى كل هذه المظاهر الباعثة على اليأس والإحباط، لكأن عجلة الحياة توقفت عن الدوران، أو لكأن الأردن بأسره، بات جورج فلويد: لا يستطيع أن يتنفس.

لست هنا، في معرض الدفاع عن حكومة أو برلمان أو أحزاب، لا عن سلطة ولا عن نظام، لا عن زيد ولا عن عمر، لكن "الأنفاس" المبثوثة في كثير مما يُكتب ويُبث ويُقال عبر المنصات و"البث المباشر"، تبعث على الاختناق، فهي "ظلامية" ومشبعة بثاني أوكسيد الكربون، ولا تترك ثغرة لشعاع ضوء أو نسمة هواء ربيعي طلق.

نحن بحاجة لإصلاح، يطاول ضفاف الثورة، في الإدارة والاقتصاد والسياسة والصحة والتعليم، ويمكن لأي منّا أن يضيف ما يشاء من محاور وعناوين، لكن مانشهده من تهاوٍ وتردٍ في طريقة معالجاتنا يدعو للكآبة والاكتئاب.

ليس الوقت لتصفية حسابات مع التاريخ والجغرافيا والنظام والحكومات المتعاقبة، لدينا المتسع لنفعل ما نشاء...الوقت الآن، لدرء الكارثة، والخروج بأقل الخسائر، وبعدها سيقضي الله أمراً كان مفعولا...نحن بحاجة لبعض التراحم والتسامح والتعاضد، نحن بحاجة لبعض الصبر والتحمّل، فالاهتياج الذي نشهده، وإن كانت مبرراته مفهومة ومقبولة، لم يفعل سوى زيادة أعداد المصابين بالمرض الخبيث، وطاقة مؤسساتنا الصحية لها حدود للاحتمال والاستيعاب، وطاقة أجهزتنا الأمنية والعسكرية، لها سقف محدود، مهما ارتفع، فلا ندفعن البلاد والعباد إلى قعر الهاوية، فنحن مبعدة خطوة أو اثنتين من حافتها، عافى الله الأردن و الأردنيين جميعاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تدفعونا لقعر الهاوية…فنحن على مبعدة خطوتين من حافتها لا تدفعونا لقعر الهاوية…فنحن على مبعدة خطوتين من حافتها



اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 17:39 2024 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام تطلق تحسينات كبيرة على قنوات البث

GMT 03:53 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

فئات الرجاء البيضاوي العمرية تعيش وضعية مزرية

GMT 05:47 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الملكية البرلمانية

GMT 05:37 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الفنادق في فيينا ذات القيمة الجيدة

GMT 07:40 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019

GMT 04:53 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

مواطن عراقي يُغرّم شرطة المرور في أربيل 30 ألف دينار

GMT 11:35 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

فنانات سرقن أزواج زميلاتهن بعد توقيعهم في "شِبال الحب"

GMT 08:41 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إليك أجمل التصاميم لطاولات غرف المعيشة

GMT 21:41 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

مهرجان وجدة للفيلم يكرم الممثلة المصرية ليلى طاهر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib