مرة أخرى عن الفلسطينيين في لبنان

مرة أخرى عن الفلسطينيين في لبنان

المغرب اليوم -

مرة أخرى عن الفلسطينيين في لبنان

بقلم - عريب الرنتاوي

لا شيء يوقف عنصرية بعض اللبنانيين، أو كثرة منهم، ضد الفلسطينيين المقيمين في لبنان لأكثر من سبعين عاماً...وعلى الرغم من تراجع "التهديد الفلسطيني" وتناقص أعداد الفلسطينيين المقيمين إلى ما دون المائتي ألف، من حوالي 600 ألف لاجئ مسجل، إلا أن المقاربة العنصرية في التعامل مع هؤلاء ما زالت سيدة الموقف.
 
جائحة كورونا، كانت "مناسبة" للكشف عن بعض فصول هذه العنصرية وأوجهها البشعة...بدأت الحكاية بالدعوة لـ"عزل" المخيمات، المعزولة أصلاً، ومنع الدخول إليها والخروج منها، حصل ذلك، حتى قبل أن تسجل أية إصابات بالفيروس في أوساط الفلسطينيين، واستمرت مواقف البعض على حالها، حتى بعد أن ظهر أن أعداد المصابين في أوساطهم، محدودة للغاية.
 
وحين شرعت الدولة اللبنانية في استعادة مواطنيها المقيمين في الخارج، والعائدين هرباً من تفشي الفيروس في دول الاغتراب، تم استثناء اللاجئين الفلسطينيين من "رحمة الدولة"، وصدرت تعميمات رسمية عن الأمن والخطوط الجوية اللبنانية، تنص على هذه "الاستثناء"...ولمّا أثار هذا القرار موجة من الانتقادات المحلية والدولية، تم "تعديله" وليس التراجع عنه، وقيل في تعميم ثانٍ أنه يمكن لحملة وثيقة السفر الخاصة باللاجئين الفلسطينيين العودة للبنان، شريطة توفر "شواغر" لهم على متن الرحلات العائدة إلى بيروت.
 
اليوم، يسجل "التمييز العنصري" ضد الفلسطينيين، فصلاً جديداً...مجلس النواب الممثل لكافة القوى السياسية في لبنان، يبحث في قانون لـ"العفو العام"، تقترح القوى المختلفة أن يشمل مجرمين وقتلة وتجار مخدرات وعملاء لإسرائيل وإرهابيين، ولكل فريق تفضيلاته وأولوياته، ولكل منهم خطوطه الحمراء و"فيتواته"...لا أحد يأتي على ذكر السجناء الفلسطينيين أياً كانت جرائمهم وجناياتهم وجنحهم...هؤلاء خارج الحساب وليسوا من ضمن دائرة اهتمامات أحد.
 
"المسحة العنصرية" ضد الفلسطينيين، عابرة للطوائف والأحزاب في لبنان، إذ حتى أولئك الذين أوجعوا رؤوسنا بفلسطين وقضيتها وكفاح شعبها، تراهم يحبون فلسطين ويمقتون شعبها...ومن يرجع لبعض فصول التاريخ الحديث للبنان المعاصر، سيلحظ لا محالة، نوعاً من "التعاقب" على "معاقبة" الفلسطينيين، تارة بحجة رفض التوطين، وأخرى للحفاظ على "ميزان الديموغرافيا الحساس"، وثالثة لإسقاط الحلول الإستسلامية والتصدي لـ"زمرة عرفات – الوزير".
 
لن نعيد التذكير بأبشع أشكال التمييز العنصري المتراكم تاريخياً ضد الشعب الفلسطيني في لبنان، إن لجهة "قيود العمل" و"التعليم" و"الخدمات العامة" أو لجهة السكن وحق التملك والتنقل وغيرها، فهذه قصة معروفة، وباتت مضرب الأمثال عن تردي مفهوم "الإخوة العربية" أو حتى "الإخوة الإنسانية"...لكننا في زمن "الجوائح" التي لا تميز بين مواطن ومقيم، ننظر بكثير من الاستهجان والاستنكار للإصرار على تبني مقاربات من هذا النوع.
 
ليس الفلسطينيون في لبنان من صنف الملائكة ولا من طينتهم، فمنهم الطيب ومنهم الشرير، منهم الخيّر ومنهم والأزعر، ولم يكن أداء فصائلهم وحركتهم الوطنية خالٍ من الأخطاء والخطايا طوال السنوات والعقود الفائتة، وبعضها مستمر حتى يومنا الحاضر...لكن أن يؤخذ المجموع الفلسطيني بجريرة ما قد يفعله البعض، وأن يظل الحاضر محكوماً بعقد الماضي وذكرياته السيئة، وأن يُكتفى بإلقاء اللائمة على فريق وإعفاء النفس من المسؤولية عمّا حصل، لن يوصل الطرفين إلى أي مطرح.
 
ولا أحد بمقدوره أن ينكر ما قدمه لبنان وشعبه لفلسطين وشعبها وقضيتها، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون مبرراً أو غطاءً لما يجري اليوم من "تمييز عنصري" ضدهم...لبنان لا يريد التوطين، والفلسطينيون لا يريدونه كذلك...لبنان يدرك حجم المصاعب التي تواجه ممارسة الفلسطيني لحقه في العودة، والفلسطينيون يدركونها...لكن البديل عن "التوطين المرفوض" و"العودة المتعذرة" ليس "التهجير" تحت الضغط والإكراه، وبأدوات التمييز العنصري وسياساته.
    

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرة أخرى عن الفلسطينيين في لبنان مرة أخرى عن الفلسطينيين في لبنان



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال "العتاولة 2"
المغرب اليوم - أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال

GMT 06:44 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 04 فبراير / شباط 2024

GMT 12:48 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يتلقي حصة تدريبية خفيفة بعد هزم الأردن

GMT 04:10 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الروسي حبيب نورمحمدوف يوجه رسالة للمسلمين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib