بين يدي لجنة التحديثالدرس المغربي

بين يدي لجنة التحديث..."الدرس المغربي"

المغرب اليوم -

بين يدي لجنة التحديثالدرس المغربي

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

ليست وظيفة هذه المقالة، الوقوف أمام تجربة "العدالة والتنمية" في المغرب، ولا البحث في الأسباب وراء "الانهيار الكبير" الذي ألحقته الانتخابات العامة بالحزب وبرنامجه وقيادته، لدينا متسع من الوقت لتناول هذه العناوين، والأرجح أن الحدث المغربي، سيحظى باهتمام كتاب ومحللين ومفكرين كثر في العالم، سيما وأنه وقع على مبعدة أسابيع من الحدث التونسي وإجراءات قيس سعيّد الاستثنائية، و"فتح كابل" وعودة "الإسلام المسلح" للحكم بعد عشرين عاماً من مقاومة الأمريكيين واستنزافهم في بلاد الأفغان.

وظيفة هذه المقالة المحددة هي تبديد "هاجس الإسلاميين"، الذي حكم صياغة تشريعاتنا الانتخابية منذ العام 1993، ونَفضْ الغبار عن حاجة البلاد والعباد، لبرلمان تعددي، وحكومة منتخبة وتداول سلمي للسلطة...نقول ذلك، ونحن نرى المراوحة والحيرة، تميز عمل اللجنة وهي تضع اللمسات الأخيرة على مخرجاتها، وأحسب أن الجدل بشأن "أي قانون انتخابي نريد؟"، قد انتقل من خيام اللجنة في مضارب بني هاشم، إلى الأروقة الداخلية لمؤسسات صنع القرار الوازنة في البلاد.

ونرى أن المغرب، يقدم صورة لما يمكن أن يكون عليه الأردن بعد سنوات ليست كثيرة ... فالنظام الملكي هناك، يشبه نظامنا السياسي، والتعددية السياسية في المغرب، تتفاعل تحت سقف العرش، والنظام الحزبي يكاد يكون مستقراً وبيّن المعالم، والتداول السلمي للسلطة "تجربة التناوب"، عززت مناعة البلاد ولم تضعفها، والإسلاميون هناك، وإن كانوا من لون مغاير لما هو عندنا، إلى أن "هذه الطينة من تلك العجينة" في التحصيل الأخير، فلماذا ينجحون ونفشل، ولماذا نخاف ويجرؤون؟
الخوف الأكيد، أن تكون الديمقراطية للإسلاميين (وغيرهم بالمناسبة)، سلماً للوصول إلى السلطة، وبعدها يجري ركله بالأقدام حتى لا يصعد عليه أحدٌ آخر ... لكن المعادلة المغربية التي نظمت العلاقة بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه والأحزاب السياسية من جهة والعرش من جهة ثانية، نجحت في تبديد هذه المخاوف ... ولدينا في الأردن، من الإجماع حول الملكية والملك والعرش، ما يكفينا لتفادي المخاوف والهواجس، ولدينا من "التعديلات الدستورية" ما يضمن بقاء مؤسساتنا الأمنية والعسكرية والقضائية خارج التجاذبات السياسية، فلماذا لا نجرؤ على إنجاز الاختراق؟

الإسلاميون ليسوا من طينة فريدة، تجعلهم يختلفون عن باقي صنوف البشر والتيارات الفكرية والسياسية الأخرى ... شكلوا حكومة لعشر سنوات في المغرب، فعاقبهم الشعب على كل شاردة وواردة، وصوت الناخبون بصورة "كيدية" ضدهم، مقدماً أحزاباً أخرى لتولي زمام القيادة في المرحلة المقبلة ... دعوا الحكم للشعب وناخبيه، فهو وحده الأقدر على فرز الغث عن السمين، وتقرير من سيتولى زمام أمره للسنوات القادمة ... دعوا صناديق الاقتراع، تقرر من يتصدر قائمة الفائزين، ومن يتذيلها، شريطة أن تحافظوا على "شرف صناديق الاقتراع" بحدقات العيون.
والإسلاميون، كسائر البشر، براغماتيون في جوهرهم، إن لم يجدوا مناصاً من البراغماتية: فمن كان يتوقع أن سعد الدين العثماني هو نفسه، من سيبرم اتفاق التطبيع مع إسرائيل، ومن كان ينتظر من طالبان أن تصف "الهزارا" بالإخوة، وأن تواصل إرسال كتب التطمينات لإيران، وأن تضع "الصداقة مع واشنطن في رأس قائمة أولوياتها؟

لا تخشوا من تداول السلطة، طالما أن الوصول إليها متاحٌ لمن يحظى بأغلبية الأصوات والمقاعد، وطالما أن النزول عن شجرتها خيارٌ إلزامي لمن تُحجب عنه أصوات المواطنين البالغين العاقلين الراشدين ... ولو أن بعض التجارب العربية، توفرت لها شروط الصعود والهبوط هذه، لما تولدت الحاجة لامتشاق السلاح، وإراقة الدماء وإعلان الطوارئ والأحكام العرفية.
هل أدلكم على تجارة رابحة؟ ... اذهبوا بعيداً، وبكل جرأة في اجتراح معادلات الاقتراع وقوانين الانتخاب دون خوف أو مبالغة فيه، فغالبية الأردنيين، بمن فيهم الإسلاميين، لا يرجون شيئاً أبعد كثيراً مما يجري في مملكة شقيقة كالمغرب ... لا أحد "وازناً" في المدى المنظور على الأقل، يرتجي نظماً سياسية كتلك القائمة في المملكة المتحدة والممالك الاسكندنافية.
3 Comments

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين يدي لجنة التحديثالدرس المغربي بين يدي لجنة التحديثالدرس المغربي



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 16:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"هاكرز" يستولون على 17 مليون دولار في هذه الدولة

GMT 19:10 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يتجه لخسارة أسبوعية 2% مع انحسار مخاوف الإمدادات

GMT 18:57 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع التضخم في منطقة اليورو 2.3% خلال نوفمبر

GMT 19:05 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وول ستريت ترتفع في جلسة مختصرة بمستهل موسم التسوق

GMT 10:41 2022 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

خضروات وزهور يمكن إضافتها إلى حديقة المنزل في الخريف

GMT 02:01 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حوت أبيض يندمج مع سرب مِن الدلافين ذات الأنف الزجاجية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib