بقلم :عريب الرنتاوي
ثلاثة أسباب تدفع إسرائيل وتشجعها على تنفيذ ضربات جوية ضد اهداف تتبع «الحشد الشعبي» في العراق: (1) انتخابات الشهر المقبل، أيلول/سبتمبر، حيث سيخوض نتنياهو أخطر، وربما آخر، معاركه السياسة والشخصية، فهو إما أن يعود رئيساً لحكومة إسرائيل أو ينتهي خلف القضبان ربما لبقية حياته ... (2) الدعم غير المشروط واللامحدود الذي يتلقاه وتتلقاه حكومته اليمنية المتطرفة، من قبل إدارة اليمين الشعبوي/الإنجيلي في الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب، ما يعزز الشعور لدى هذه الحكومة بقدرتها على مقارفة أية جريمة من دون حساب أو عقاب ... (3) حاجة المؤسسة الحربية الإسرائيلية المستمرة، لبناء وإعادة بناء صورتها الردعية التي تتآكل مع كل معركة لا تظفر بها شمالاً او جنوباً، وحرص القائمين عليها على إحياء نظريات قديمة بدا أنها بالية بعض الشيء: «الجيش الذي لا يقهر» و»الذراع الطويلة».
لم تقل إسرائيل رسمياً وصراحة، أنها وراء التفجيرات الغامضة التي ضربت مواقع الحشد الشعبي ومستودعاته، بيد أن قادتها، وخصوصاً نتنياهو، بدوا أقل التزاماً بسياسة «الغموض البناء»، فالتلميحات والتسريبات التي عمد هؤلاء إلى إيصالها لوسائل الإعلام، كانت كافية لفضح هوية المتسبب بهذه الاعتداءات والانتهاكات للسيادة والأجواء العراقية.
أما الاعتداءات، سيما في حال تواصلها، فقد يترتب عليها نتائج ثلاث، هي:
(1) استدراج مواجهة عسكرية أمريكية – إيرانية، ووضع حد لحالة التردد والإحجام عن المواجهة التي تهيمن على «مزاج» إدارة ترامب ... الحشد الشعبي اتهم واشنطن وتل أبيب بالمسؤولية والتواطؤ وتوعد بالرد، الرئاسات الثلاث شددت على رفضها السماح بتحويل العراق إلى ساحة «حروب الوكالة» ... واشنطن تنصلت من أية مسؤولية، ولكن هيهات أن تقنع أحداً بذلك.
(2) إحداث اختلال كبير في المعادلات الناظمة لعلاقات القوى والمكونات العراقية، وضرب التوازن الهش بينها، وتهديد العملية السياسية، وزيادة حدة التوتر بين الكيانات المختلفة، سيما في ضوء اختلاف مواقع ومواقف كل منها، وتباين أولوياته واختلاف تحالفاته الإقليمية والدولية.
(2) استجرار العراق مجدداً إلى حلبة الصراع العربي – الإسرائيلي ... إن حدثت المواجهة بين «الحشد» أو بعضه، وبين إسرائيل و/أو الولايات المتحدة، فقد لا تبقى قوى سنيّة عربية عديدة على الحياد، وقد لا يظل الحشد في أذهان عراقيين مجرد ميليشيا شيعية، بل قد يُنظر إليه البعض، كما ينظر إلى حزب الله، بوصفه حركة مقاومة لإسرائيل، على الرغم من طابعها المذهبي الفاقع.
لن يضير الحشد الشعبي بضع ضربات جوية وبضع مستودعات أو مقرات أكلتها نيران الصواريخ الإسرائيلية، بل العكس تماماً هو الصحيح ... فالحشد قد يتقوى بهذه الضربات، وقد يكتسب غطاءً وطنياً، يفتقر إليه الآن... وإسرائيل، والأهم الولايات المتحدة، لن تحققا أرباحاً تذكر، بل الأرجح أن تجنيا المزيد من الخسائر.
الغطرسة تصيب المصابين بها بالعمى وسوء التقدير، وإسرائيل في ذروة غطرستها في هذه المرحلة، وهي تقاتل على جبهات مختلفة ظناً منها أنها لن تتحد يوماً ... لكن رهاناً كهذا، سيسقط حال استمرت العدوانية الإسرائيلية على انفلاتها، وإن لم تتدخل الولايات المتحدة على نحو خاص، لكبح الشهية العدوانية الإسرائيلية المفتوحة على المزيد من المعارك والمواجهات.