الأزمة السورية عودٌ على بدء

الأزمة السورية: "عودٌ على بدء"

المغرب اليوم -

الأزمة السورية عودٌ على بدء

بقلم - عريب الرنتاوي

على مبعدة أيام من موعد نفاذ "قانون قيصر"، المحمّل برزمة عقوبات غير مسبوقة علىسوريا ، تترنح البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية، غير مسبوقة كذلك: صناديق الدولة على حافة الإفلاس، انهيار العملة الوطنية (الليرة السورية انخفضت من أقل من 50 ليرة للدولار عند بدء الأزمة إلى حافة الـ 3000 ليرة للدولار اليوم)، انهيارات في القدرات الشرائية ومستويات معيشة المواطنين، حروب "المافيات العائلية" التي فجرتها قضية رامي مخلوف، تآكل قدرة الدولة على الوصول إلى خزان المياه والطاقة وسلة الغذاء في الجزيرة، تفشي الفساد في طول البلاد وعرضها، ارتفاع معدلات البطالة والفقر والجوع وتفاقم حالة الغضب والضيق والتذمر في عموم البلاد.
 
سوريا مقسّمة "واقعيا" بين ثلاثة كيانات، والشعب السوري يخضع بدوره لثلاث حكومات: الحكومة المركزية في دمشق، التي تسيطر على معظم الأرض والسكان، حكومة الإنقاذ التي تتبع "النصرة" في إدلب وجوارها، وحكومة "قسد" التي تحمل اسم "الإدارة الذاتية"، وتغطي مناطق واسعة شرقي الفرات، فضلاً عن جيوب تركية تديرها معارضات "وكيلة" لأنقرة...حال السوريين في كل هذه المناطق، يبدو متشابهاً، والتحركات الاحتجاجية التي تقوم بها جموع غاضبة وجائعة، لا تعترف بحدود هذه الكيانات: تظاهرات في درعا والسويداء ضد الحكومة المركزية، وأخرى في إدلب ضد حكومة الإنقاذ "القاعدية"، وثالثة في مناطق قسد وتل أبيض ضد الفصائل الكردية وتلك التابعة لأنقرة، مع سبب إضافي للاحتجاج هنا، يتعلق بفوضى العصابات وتفشي جرائم الخطف والقتل والاغتصاب والخوّات وغيرها.
 
المنتصرون في ميادين القتال الرئيسة في الحرب السورية: "الأسد وحلفاؤها"، تنتظرهم، من دون استعداد، معارك أشد قسوة وخطورة، عنوانها هذه المرة: "سياسة العقوبات القصوى" الأمريكية...وليس مستبعداً والحالة كهذه، أن يعود الشعب السوري إلى الساحات والميادين بكثافة، متشجعاً بما يجري من حوله في لبنان والعراق، وتحت الشعار الذي رُفع في السويداء: "بدنا نعيش"، مستهدفاً النظام والنصرة وقسد، وكل من هو في موقع المسؤولية عن لقمة عيشه التي يطاردها عبثاً، لكأنه يُطارد "خيط دخان".
 
روسيا، حليفة النظام، واللاعب الرئيس في سوريا، نجحت في تفادي الانزلاق إلى قعر "مستنقع عسكري"، أو "أفغانستان ثانية" في سوريا، وهي ستعمل كل ما بوسعها من أجل تفادي الوقوع في "مستنقع اقتصادي" يبتلع ما تبقى من موارد اقتصادها المنهك. معضلة روسيا في سوريا، أنها لم تفلح في إيجاد بديل عن الأسد من داخل النظام، أو حتى من صفوف المعارضة، وهي تعوّل على نتائج عمل اللجنة الدستورية، لملاقاة العرض الأمريكي في منتصف الطريق: تقليص النفوذ الإيراني بدل استئصاله، بقاء النظام من دون الأسد، أو بالأسد "مجرداً من كثير من صلاحياته، الاستغناء عن خدمات حزب الله، سيما وأنه سبق لموسكو أن أعلنت انتهاء الحرب السورية، تاركة مصير الشمال الغربي لمفاوضات مع أنقرة وملف الشمال الشرقي لمفاوضات مع واشنطن.
 
إيران أكثر من روسيا، تعاني ضغوط العقوبات وانهيار أسعار النفط، فضلاً عن "حرب الظلال الإسرائيلية"، وحركات الاحتجاج الداخلية...شهية طهران للبقاء في سوريا تتراجع كلما ارتفعت كلف وجودها هناك، وما ينطبق عليها، يسري على حزب الله بالتبعية.
 
والخلاصة أن المعارك والمواجهات العسكرية الكبرى التي شهدتها سوريا في العقد الأخير، لم تنجح في إنضاج شروط تسوية سياسية شاملة، تمهد لعودة الاستقرار وإعادة البناء واسترجاع اللاجئين، فهل تؤدي الخانقة الاقتصادية إلى إنضاج "طبخة الحل النهائي" أم أنها ستعيد الأزمة السورية إلى المربع الأول، لتعود معها كافة التهديدات للإقليم وما ورائه: من الهجرة واللجوء إلى التطرف والإرهاب، وما بينهما.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة السورية عودٌ على بدء الأزمة السورية عودٌ على بدء



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال "العتاولة 2"
المغرب اليوم - أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال

GMT 06:44 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 04 فبراير / شباط 2024

GMT 12:48 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يتلقي حصة تدريبية خفيفة بعد هزم الأردن

GMT 04:10 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الروسي حبيب نورمحمدوف يوجه رسالة للمسلمين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib