بقلم _ عريب الرنتاوي
في زمن الجائحة والتهديد الأكبر للبشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يجد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، متسعاً من الوقت والجهد، لتخطيط وتنفيذ هجوم إرهابي ضد معبد للسيخ في كابول، لا مطرح عند هؤلاء للتهدئة، و»الهدنة» ليست مفردة في قاموسهم، حتى عندما يكون الخطر الماحق، داهماً على الأبواب.... الشيء ذاته، ينطبق على «شقائق» داعش في إدلب، لا الهزائم الميدانية ولا التفشي الوبائي، يمنع «النصرة» و»حراس الدين» و»أنصار التوحيد»، من المضي في ترجمة خططهم، وتقاسم الأدوار فيما بينهم، للإطاحة بمنطقة «خفض التصعيد» بحدودها الجديدة.
في زمن تفشي كورونا، وبالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة كبؤرة جديدة لوباء كورونا، واجتياز أعداد المصابين الأمريكيين، للرقم القياسي الصيني ... تجد إدارة ترامب متسعاً من الوقت، للتفكير والتخطيط ورصد الأموال لـ»شراء رأس» نيكولاس مادورو، في سابقة تنطوي على كثيرٍ من الاستفزاز والغطرسة، وبما يشبه «الدعوة الرسمية» لقتل الرجل وإشعال حريق احتراب أهلي في فنزويلا، هذا البلد المنكوب بالفقر والبطالة وتدني مستويات معيشة أبنائه وبناته.
برغم الأرقام المتسارعة لأعداد الوفيات والمصابين بالوباء، لا تتوقف أنقرة عن إرسال التعزيزات العسكرية إلى إدلب، وتعمل على نشر نقاط مراقبة إضافية ... لا شح المواد الزراعية ولا تفاقم عبء اللاجئين، يردع «السلطان» عن المضي في ترجمة أحلامه التوسعية ... لم يمنعه خذلان «الناتو» له عسكرياً زمن المواجهة مع الجيش السوري المحمي روسياً، من التقدم لـ»الناتو» من جديد، طلباً للعون الطبي في مواجهة الوباء هذه المرة، فيما الحلف، ومن خلفه الدول الأعضاء، تغلق الأبواب والجدران على نفسها، ويديرها أحدها ظهره للآخر، ودائماً وفقاً لقاعدة «كل أمة تقلّع شوكها بأيديها».
الحال في اليمن وليبيا، وبدرجة أقل في العراق وسوريا على وجه العموم، لا يختلف كثيراً ... جائحة كورونا، تخفق في إقناع الأطراف على تغليب «الإنساني» على «الأناني»، وتقديم مصلحة الشعوب وصحتها، على حساباتها السياسية ... العالم لم يتعلم دروس الجائحة، حتى وهو يودع يومياً ألوف الوفيات لنقص في الغذاء والدواء.
كان حرياً بقمة العشرين، ألا تكتفي بتقديم الوعود برصد خمسة ترليونات من الدولارات لمواجهة الكارثة (لا ندري من سيرصدها) ... كان الأولى بها، أن توصي بوقف شامل للأعمال القتالية والحربية على مختلف جبهاتها، وعلى امتداد قارات العالم ... كان حرياً بها، أن تقرر، وبالإجماع، رفعاً للعقوبات عن الدول والشعوب المبتلاة بها، أقله جزئياً ومؤقتاً، لتتمكن من تنفيذ خطط استجابة شاملة لتحدي كورونا ... لكننا رأينا بدلاً من ذلك، مزيداً من المواجهات، وتصعيداً في حدة المواقف وتشديداً لأنظمة الحصار والعقوبات.
وحري اليوم، بمجلس الأمن الدولي، أن يتداعى للانعقاد الطارئ، لاتخاذ القرارات الملزمة بهذا الشأن، وأن يضع نصب عينيه، الحاجة لتزويد الدول الضعيفة، بما تحتاجه من مقدرات وموارد، للتصدي للآفة الكونية، قبل أن تتفشى أكثر، وتفلت من كل سيطرة، وتصبح «كارثة العصر» سواء لجهة أعداد الضحايا من البشر الأبرياء والضعفاء، أو لجهة حجم الخسائر في اقتصاد الناس وأعمالهم ومعاشهم ... الإنسان بحاجة لإعادة الاعتبار لـ»إنسانيته».