هل آن أوان المصالحة التركية – السورية

هل آن أوان المصالحة التركية – السورية؟!

المغرب اليوم -

هل آن أوان المصالحة التركية – السورية

بقلم : عريب الرنتاوي

إن صحت الأنباء عن وساطة جزائرية بين دمشق وأنقرة، والأرجح أنها صحيحة، تكون دائرة الاستدارة التركية قد اكتملت، وسيكون لتداعيات مصالحة محتملة بين الجارتين اللدودتين، وقع الصاعقة على كثيرين ممن أصيبوا بمرض “تضخم الرهانات التركية”، وهم الذين لم يستفيقوا بعد، من “صدمة” المصالحة التركية مع إسرائيل والاعتذار التركي لروسيا.

في الأنباء، وجميعها من مصادر تركية، أن حكومة العدالة والتنمية طلبت إلى القيادة الجزائرية، بذل مساعيها الحميدة لرأب الشرخ الذي باعد ما بين دمشق وأنقرة ... وأن الجزائر التي اشتهرت دبلوماسيتها بدورها الريادي التاريخي في الوساطة وحل النزاعات، استجابت للطلب التركي، وأن عملية “جس نبض” بدأتها السلطات الجزائرية أو ستبدأها قريباً، لرسم خريطة طرق معقدة وشائكة، لاستعادة العلاقات بين الجانبين وتطبيعها، أسوة بمسلسل تطبيع العلاقات الذي بدأته تركيا مع إسرائيل وروسيا، وعرضته على مصر والعراق،وتستطلع الآن عرضه على سوريا.

لماذا الجزائر؟
لأنها ببساطة، دولة إقليمية، صاحبة إرث معروف في هذه الميادين، مذ أن كان عبد العزيز بوتفليقة وزيراً لخارجيتها في سبعينيات القرن الفائت ... ولأن الجزائر، اتخذت مواقف مغايرة حيال الأزمة السورية، وشذّت عن “الإجماع العربي” المفروض بقوة النفط والغاز، وتبنت مقاربات واقعية للأزمة السورية، وضعتها في بعض الأحيان، في مواجهة مباشرة مع دول خليجية صغيرة، طامعة للقيام بأدوار أكبر بكثير مما تحتمله ديموغرافيا تلك الدول وجغرافيتها.

والجزائر من بين دول قليلة في المنطقة، تستطيع أن تتحدث مباشرة، بصراحة وانفتاح مع مختلف العواصم الدولية، ولديها علاقات إقليمية تمتد من طهران إلى أنقرة، مروراً بدمشق والرياض والقاهرة وأبو ظبي والدوحة ... وهي فوق هذا وذاك، دولة لا مصالح ولا حسابات خاصة مشرقية لها، باستثناء “التهديد الإرهابي المشترك” الذي تكتوي بنيرانه دول المشرق، مثلما اكتوت بها الجزائر في العشرية السوداء (تسعينيات القرن الفائت)، وما زالت ذيوله وفلوله تضرب في المدن والبلدات الجزائرية.

لماذا المصالحة مع دمشق، ولماذا الآن؟
أولاً؛ لأن دائرة المصالحات الإقليمية والدولية التي تجهد أنقرة في إتمامها، لن تكتمل من دون استحداث استدارة في الموقف من الأزمة السورية، فسبب رئيس من أسباب التوتر في علاقات تركيا الإقليمية والدولية، إنما يعود لمواقف أنقرة من الأزمة السورية، خصوصاً موقفها الداعم لحركات الإسلام السياسية، بمن فيها الجماعات المصنفة إرهابية عالمياً، مثل “داعش” و”النصرة” وغيرهما من جماعات السلفية الجهادية.

ثانياً؛ لأن تركيا ربما أدركت، أن ثمة “مصالح مشتركة” تجمعها مع دمشق، مبنية على درء المخاوف والتهديدات أساساً، سواء من مشروع قيام كيان كردي، يتجه لإعادة انتاج تجربة كردستان العراق بحذافيرها أو تحول “داعش” من “مشروع حليف” إلى “تهديد جارف، بعد أن غادر التنظيم مربع “الغموض” في علاقته مع أنقرة، وقرر فتح النار عليها، وعلى أوسع نطاق، من بوابة “مطار أتاتورك”.

ثالثاً؛ إن الأحلام التوسعية التي صاحبت الموقف التركي من الأزمة السورية، ازدهرت في سياقاتها، قد تكسرت بالكامل، تارة أولى، بفعل التدخل العسكري الروسي في سوريا، وتارة ثانية على وقع الفتور (التأزم) في علاقات أنقرة مع الغرب، وتارة ثالثة، في تآكل دور ما يسمى بـ “المعارضة المعتدلة” لصالح التنظيمات الإرهابية، وتارة رابعة، بفعل “صمود” النظام السوري والتزام حلفائه بدعمه خلال السنوات الخمس الفائتة ... وربما تكون أنقرة، قد اهتدت أخيراً للعمل بوحي من القاعدة الشهيرة: “ما لا يدرك كله لا يترك جُلّه”.

ثمة تسارع كبير في وتيرة التحولات والاستدارات في السياسة الخارجية التركية، تجعل مهمة “المحللين” و”الخبراء” الأتراك، المحسوبين على الحزب الحاكم و”السلطان” في تفسير وتبرير هذه السياسات، وشرح مدلولاتها، أمراً شديد التعقيد، لذلك نراهم يتلعثمون في مقالاتهم وعلى الفضائيات، ونرى “المشدوهين” بتجربة “القائد الخلاصي” و”زعيم الضرورة”، في حيرة من أمرهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل آن أوان المصالحة التركية – السورية هل آن أوان المصالحة التركية – السورية



GMT 07:14 2021 الجمعة ,24 كانون الأول / ديسمبر

"العالم المتحضر" إذ يشتري البضاعة القديمة ذاتها

GMT 06:17 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

"فتح" و"حماس" ولبنان بينهما

GMT 06:13 2021 الأربعاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

GMT 06:18 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

أزمة قراءة أم أزمة خيارات؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 18:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال "العتاولة 2"
المغرب اليوم - أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال

GMT 06:44 2024 الأحد ,04 شباط / فبراير

توقعات الأبراج اليوم الأحد 04 فبراير / شباط 2024

GMT 12:48 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يتلقي حصة تدريبية خفيفة بعد هزم الأردن

GMT 04:10 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الروسي حبيب نورمحمدوف يوجه رسالة للمسلمين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib