بعد أن هدأت «العاصفة» جردة حساب

بعد أن هدأت «العاصفة»... جردة حساب

المغرب اليوم -

بعد أن هدأت «العاصفة» جردة حساب

عريب الرنتاوي


في الشكل، انتهت “عاصفة الحزم” كما بدأت، على نحو مفاجئ وعاصف، بقرار سعودي مؤسس على طلب الرئيس عبد ربه منصور هادي... علينا أن نصدق بأن هادي هو صاحب قرار الحرب والسلام على الجبهة اليمنية .
في المضمون حُددت للعملية أربعة أهداف أساسية هي: (1) طرد الحوثيين وأنصارهم من مراكز المدن التي زحفوا إليها ... (2) تجريدهم من السلاح الثقيل والمتوسط الذي استولوا عليه من مستودعات الجيش اليمني ومعسكراته ... (3) إعادة الرئيس “الشرعي” إلى عرينه في صنعاء أو أقله في عدن ... (4) إطلاق حوار يمني – يمني في الرياض على أرضية المبادرة الخليجية ... اليوم، تهدأ العاصفة أو تضع أوزارها، من دون أن تنجح “العاصفة” في تحقيق أيٍ من أهدافها المعلنة.
في “جردة الحساب” التي تقدم بها الناطق باسم العاصفة، جرى استعراض أرقام وإحصاءات ونسب مئوية عالية جداً،98 بالمائة من الدفاعات الجوية تم تدميرها، 80 بالمائة من الصواريخ 90 بالمائة من مراكز التحكم والقيادة والسيطرة، أعداد مهولة من العربات والجسور، إلى الحد الذي يشي بأن ظاهرة الحوثيين قد أصبحت فصلاً من التاريخ ... لا ندري إن كانت هذه المعطيات دقيقة، لماذا لم تستتبع الضربات الجوية بحرب برية لإلقاء القبض على من تبقى من الحوثيين وإعادة هادي إلى قصره الجمهوري في صنعاء، وإدارة حوار في صنعاء  وتحت إشراف خليجي ولتطبيق المبادرة الخليجية؟!
ثمة قُطبة أو قُطَب مخفية في الرواية الرسمية لإنهاء الحرب ووقف مفاعيل العاصفة ... ما الذي حصل خصوصاً في الاتصالات السياسية الكثيفة التي شهدتها عواصم القرار في الأيام الأخيرة ... نصائح من بوتين وضغوط من أوباما ومبادرات سياسية من الجزائر وإيران وعُمان، فضلاً عن تحركات الوزير أبو بكر القربي في القاهرة ومساعي علي ناصر محمد... لم يبق أحد حتى إندونيسيا،لم يتدخل لوقف هذه الحرب.
ما الذي أقنع الرياض بوقف عملياتها الحربية ؟ ... هل هي واشنطن التي أوضحت للمملكة بما لا يدع مجالاً للشك، بأنها “غير مرتاحة” للانعكاسات  السلبية لهذه العاصفة على التحالف الدولي للحرب على الإرهاب؟ ... هل هي القناعة الأمريكية الراسخة، لدى أوباما وإدارته على أقل تقدير، بأنه يتعين التعامل مع إيران بوصفها جزءاً من الحل وليس فقط سبباً في المشكلة؟ ... هل استنفذت عملية المساحة الزمنية الممنوحة لها من قبل واشنطن لاستعراض القوة واستعادة الثقة وإظهار الهيبة واسترداد شيء من التوازن طهران بعد اتفاق لوزان؟ ... لا ندري أي من هذه الأسباب الأمريكية كان حاسماً.
وماذا قال بوتين للملك سلمان؟ ... هل تعهد له بانضمام روسيا إلى قائمة “كفلاء” أمن المملكة واستقرارها في مواجهة “تمدد” طهران وبرنامجها النووي؟ ... هل قرأ على مسامعه بعضاً من فصول التورط الروسي “السوفياتي” في أفغانستان، محذراً من أن اليمن ستتحول إلى أفغانستان ثانية، ولكن للسعودية هذه المرة وليس لروسيا الاتحادية؟ ... هل تعهد بوتين بالعمل لإنزال الحوثيين – عبر الوسيط الإيراني – عن قمة الشجرة التي صعدوا إليها بعد وصولهم إلى عدن على وجه الخصوص؟
ثم، ماذا عن الضغوط الدولية والإنسانية  التي مارستها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية، والتي وضعت المملكة والتحالف في عين “العاصفة” جراء تزايد أعداد المدنيين الذين تساقطوا في هذه الحرب، واستهداف البنى التحتية والصناعية والتعليمية والصحية اليمنية، الفقيرة أصلاً.
هل هو الإحساس بـ “الخذلان” بعد أن انفرط عقد الحلفاء والأشقاء، الذين بدل أن يسارعوا إلى إرسال الجيوش والقوات البرية، آثروا دور “الوسيط النزيه” وفضلوا الاحتكام لقواعد اللعبة الديمقراطية في بلدانهم (الباكستان)؟ ... هل هي تداعيات الحرب على المديين المتوسط والبعيد على الداخل السعودي في ضوء التداخل المذهبي و”المنابتي” بين سكان البلدين، خصوصاً في المحافظات الجنوبية والشرقية للمملكة؟
ما الذي دفع المملكة إلى اتخاذ قرار وقف الحرب على هذا النحو السريع والمفاجئ، في الوقت الذي كانت فيه تقديرات عديدة تذهب للتنبؤ بأننا أمام أزمة طويلة قادمة، وحرب مفتوحة على شتى الاحتمالات، وبعد ساعات فقط من صدور القرار بزج “الحرس الوطني” في الحرب اليمنية؟
انتهت العاصفة، لكن الحرب في اليمن وعليه لم تضع أوزارها بعد ... ونحن أقرب إلى صيغة “هدنة” أو “تهدئة” في ظل غياب أي حل سياسي توافقي ... والمفارقة أن “العاصفة” التي أريد بها إنهاء الحوثيين، ستنهي على ما تشير التسريبات “الرئيس الشرعي”، والأنظار تتجه الآن إلى دور مستقبلي، سيقوم به خالد البحاح في المرحلة المقبلة.
انتهت العاصفة، وهيهات أن يعود “الحزم”، أما “الأمل” ففي نجاح اليمنيين في استيعاب دروس المحنة التي مرت بها بلادهم، والشروع في حوار يمني وطني جاد، من دون تدخلات أو إملاءات خارجية، إيرانية كانت أم خليجية، من أجل بناء نظام سياسي جديد لليمن، لا يقصي أحداً ولا يهمش أي من مكوناته ... نظام سياسي يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية، يعزز الأمن والاستقرار ويضع اليمن على سكة “السعادة” من جديد ... فهل يثبت اليمنيون أن “الحكمة ما زالت يمانية”، أم أنهم سيضعون بلادهم في مهب العواصف والأطماع الإقليمية والدولية من جديد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد أن هدأت «العاصفة» جردة حساب بعد أن هدأت «العاصفة» جردة حساب



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib