بقلم عماد الدين أديب
علّمنا أستاذ الصحافة الأول فى مصر الأستاذ جلال الدين الحمامصى -رحمه الله- فى الصف الأول من كلية الإعلام أنه فيما يختص بأى قضية جنائية، أى قاتل وقتيل وسلاح قتل، على الصحفى ألا يصدر أحكاماً قاطعة قبل أن يتحول الخبر من حدث إلى سلطة التحقيق، ومن هذه السلطة إلى حكم قضائى نهائى وبات.
من هذا المنطق، وهذا الالتزام حاولت طوال حياتى الصحفية عدم إصدار أحكام نهائية.
لذلك لم أكتب كلمة عن مسألة قتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى، ولم أدخل فى لعبة التكهنات التى تصل إلى نتائج نهائية حول هوية القاتل.
لقد تم تسييس مسألة اغتيال جوليو ريجينى من قبَل كل الفرقاء داخل مصر وخارجها.
ودون الدخول فى تفاصيل الملف التى تطورت بشكل متصاعد فى الآونة الأخيرة، ودون قبول قصة البراءة من دمه الصادرة من القاهرة، أو قبول قصة الإدانة الصادرة من روما يمكن قول الآتى:
1- إن إيطاليا التى تربطها علاقات تاريخية وسياسية مع مصر رفعت درجة التوتر فى العلاقات حكومياً وشعبياً بشكل غير مسبوق منذ فبراير الماضى.
2- إنه بصرف النظر عن حقيقة الأمور فإن الجانب الإيطالى -حتى الآن- لم يصدق أى رواية من الروايات الرسمية المصرية عن واقعة الاغتيال.
3- إن الحكومة الإيطالية والإعلام والنقابات والأحزاب وسلطات التحقيق -حتى الآن- لا يعتقدون أن القاهرة قدمت لهم الحقائق.
4- أمس أصدر زعيم المعارضة الإيطالية تغريدة على موقعه يقول فيها: «آسف، نحن لا نصدقكم»، وذلك تعقيباً على بيان السلطات المصرية الأخير حول الحادث.
5- إن الاتحاد الأوروبى وجمعيات حقوق الإنسان العالمية، وكل من يتربص بثورة 30 يونيو يستخدم الحادث للتدليل على انتهاك مصر السافر لحقوق الإنسان، على حد وصفهم.
6- إن جماعة الإخوان فى الخارج وكل القوى التى تضررت من إجراءات فتح التحقيق فى مسألة التمويل الأجنبى لجمعيات حقوق الإنسان استثمرت هذا الحادث إلى أقصى مدى فى الإساءة للحكم فى مصر.
هذه «نتائج» هذا الملف، وهى نتائج مجرّدة ليس لها علاقة بمن نحب أو بمن نكره، وليس لها علاقة بالتحليل التآمرى المعتاد.
هذه النتائج تحتاج مواجهة ومعالجة سريعة.