بقلم عماد الدين أديب
من قصص كليلة ودمنة يحكى أن أسد الغابة دخل فى صراع وخلاف على السلطة مع الذئب، لذلك خرج إلى الغابة للانتقام منه والتهامه حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر.
حدثت المواجهة بين قوة الأسد ودهاء الذئب واستمرت لساعات طويلة دون أى منتصر، ولكن بجراح لكل منهما.
بعد أيام دعا الأسد عدوه الذئب إلى وليمة فاخرة مما جعل معظم حيوانات الغابة يتعجبون، حتى إن القرد تشجع، وسأل الأسد: «يا مليكنا، كيف يمكن أن تجلس مع عدوك الذئب؟».
تقول الرواية إن الأسد قال: «الحكمة أن تقرب أعداءك إليك، والتفاوض يكون بين المتخاصمين وليس بين الأصدقاء».
هذا الرأى هو ما أكده الفقه الإسلامى، وأكده ميكيافيللى فى كتاب «الأمير»، وجاء فى أفكار القائد العظيم ونستون تشرشل.
هذا الرأى هو الذى جمع ستالين وروزفلت فى الحرب العالمية الثانية.
وهذا الرأى هو الذى دفع الفيتناميين للتفاوض مع الاحتلال الأمريكى فى مفاوضات باريس للسلام.
وهذا الرأى هو الذى جعل السادات يفاوض إسرائيل فى الكيلو 101، ثم فى جنيف، ثم بزيارة إسرائيل، ثم فى كامب ديفيد.
وهذا الرأى هو الذى جعل آية الله الخمينى يوافق على السلام مع العراق، قائلاً: «يبدو أن علىّ أن أتجرع الدواء المر الذى لا بديل عنه».
هذا الرأى هو الذى دفع ريتشارد نيكسون لأن يدق أبواب الصين حتى تنفتح له.
وهذا الرأى هو ما حقق «الانفراج» بين السوفيت والأمريكان معلنين نهاية الحرب الباردة.
وهذا الرأى هو الذى جعل مجموعة الدول الخمس زائد واحد تفاوض إيران على ملفها النووى.
هذا الرأى هو الذى يجعل روسيا بوتين على اتصال شبه دائم وبشكل يومى مع أمريكا أوباما رغم اختلاف وتناقض المصالح بينهما.
فى لحظة ما، وفى زمن ما، ينتهى الصراع ويتمحور ويأخذ شكلاً جديداً بعيداً عن الميدان، ولكن على مائدة المفاوضات.
لذلك كله تحرص كل القوى الكبرى العاقلة فى هذا العالم على أن تكون لها دائماً خطوط اتصال مع أعدى أعدائها مما يعرف باسم القنوات الخلفية السرية.
فى لحظة ما تتحول القنوات السرية إلى علنية، حينما ينجح الحوار فى إيقاف الصراع.