بقلم عماد الدين أديب
نحن نرى بعضنا البعض إما ملائكة أو شياطين، أبيض أو أسود، لا مكان ولا مجال لأى رؤية ثالثة مخالفة.
حينما نرى بعضنا البعض بشكل ملائكى نتعامل مع من نحب على أنه ملاك له صفات القداسة، غير قابل للخطأ أو الخطيئة، نتوقع منه الصواب المطلق، ولا نتقبل منه أصغر خطأ يمكن أن يقع فيه أى إنسان.
لا نتعامل مع من نحب على أنه بشر قابل للصواب وأيضاً قابل للخطأ.
هذه الرؤية المذهلة فى التقديس تلقى عبئاً على من نحب لأننا نظلمه حينما نتوقع منه أن يتخذ القرار الصحيح مهما كانت المعطيات، وكيفما كانت الظروف.
أما فى حالة شيطنة مَن نكرهه أو نختلف معه فى الرأى، فنحن نراه بشكل سلبى طوال الوقت، ولا نراه أبداً قادراً على اتخاذ أى قرار مصيب، ولا نتخيله صاحب أى موقف إيجابى.
من نشيطنه نراه مخطئاً دائماً وأبداً.
المذهل أننا لدينا عادة الانقلاب الحاد فى المزاج وفى المواقف تجاه الغير، فأحياناً نقوم بتقديس من عشنا حياتنا نشيطنه، وأحياناً أخرى نشيطن من عشنا حياتنا نقدسه.
هذه الحالة المتقلبة تفقدنا دائماً -كرأى عام- المصداقية اللازمة، وتجعلنا دائماً فى حالة شك فى الأحكام التى يصدرها المجتمع تجاه شخصيات رئيسية فى حياتنا.
فى الدول المتقدمة لا يكون ذلك التصنيف الحاد المتطرف الموجود عندنا.
فى الدول المتقدمة يتم تقييم الناس حسب مواقفهم موقفاً بموقف، فلا يوجد حب دائم أو كراهية دائمة، ولا توجد عملية الشيطنة الأبدية أو التقديس الدائم.
الإنسان الحر هو الذى يتبع منهجاً قابلاً للتطور ولا يسجن نفسه داخل قالب من الجمود والأحكام المطلقة.