عماد الدين أديب
يجب ألا تشغلنا أوضاعنا الداخلية عن محاولة النظر خارج حدود الوطن وفهم حقيقة ما يجرى فى المنطقة العربية ونطاق الشرق الأوسط.
فى عالمنا العربى، هناك عدة تحولات بالغة الأهمية يتعين علينا رصدها:
1- فى ليبيا، هناك انفلات أمنى بسبب استمرار وجود السلاح والمال فى يد القوى القبلية والمناطقية، التى ما زالت ترفض الانضمام داخل قوى الأمن الداخلى والجيش.
وما زال الدرس الليبى يوضح لنا أنه لا يمكن أن يكون هناك أى استقرار حقيقى فى ظل ازدواجية السلطات التى تحمل السلاح.
2- فى السودان هناك تململ واضطراب نتيجة انفجار الشباب والعديد من القوى السياسية لتغول الاستبداد السياسى لنظام حكم الرئيس البشير الذى يعانى من مشاكل فى الداخل مع العديد من القوى السياسية ولديه أحكام دولية من المحكمة الدولية الجنائية تتطلب اعتقاله لمحاكمته.
3- فى سوريا أصبح من المؤكد أن «الأسد» لن يرحل قريباً، وأن واشنطن لن تقوم بضربة عسكرية وأن المعارضة فى الخارج منقسمة على ذاتها، وأن المعارضة العسكرية فى الداخل تحركها قوى تابعة لتنظيم القاعدة الدولى وقوى سلفية تكفيرية.
هذا كله يرشح سوريا إلى الاستمرار فى حالة الارتباك والفوضى والدماء والنزوح الجماعى للمواطنين الأبرياء.
4- أما فلسطين، فالانقسام التاريخى بين «فتح» و«حماس» فى حالة استمرار، والمعارضات التراجيدية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل فى واشنطن تؤدى لمهزلة كبرى وهى استمرار زيادة إجراءات بناء المستوطنات على الأرض.
5- أما فى تونس، فإن التركيبة السياسية وهى تركيبة «الترويكا» التى نشأت عقب سقوط نظام الرئيس «بن على» تواجه مخاطر شديدة، تارة من القوى الليبرالية والثورية، وتارة أخرى من القوى التكفيرية الجهادية، مما دعا الجيش إلى النزول إلى عدة مناطق خطرة فى الشهور الأخيرة.
ويبدو أن تونس التى أطلقت شرارة الربيع العربى لن تتمكن من المحافظة على ذلك الربيع طويلاً.
هنا نأتى إلى دول التخوم «إسرائيل - تركيا- إيران» وهى دول متواطئة بقوة فى أحداث المنطقة الداخلية، مثل التدخل التركى فى سوريا والعراق، والتدخل الإيرانى فى لبنان وسوريا والعراق واليمن والسودان والصومال، أما إسرائيل فهى لها أصابع فى كل دول المنطقة تقريباً.
هذا الوضع المتقلب والخطر والذى يؤشر إلى فوضى إقليمية واحتمالات حروب إقليمية قريبة، سوف يفرض نفسه بقوة على صانع القرار فى مصر ويضع عليه تحديات للإجابة عن السؤال الكبير: ماذا تفعل مصر إزاء خطط إسرائيل وتركيا وإيران، وماذا نفعل معهم إذا كانت ليست حليفة لأى منها؟
وماذا تفعل إذا كانت جميعاً تناصب مصر العداء؟!
نقلًا عن "الوطن" المصرية