عماد الدين أديب
السؤال العظيم الذى طرح نفسه بقوة منذ يوم 30 يونيو الماضى حتى الآن هو: هل ما حدث فى مصر كان انقلاباً عسكرياً أم ثورة شعبية؟.
وإحدى ميزات العلوم الحديثة ومنها علم السياسة هو وجود مقاييس ومرجعيات علمية يمكن على أساسها تشخيص أوضاع وقرارات تصدر عن أشخاص أو هيئات. وحالة تشخيص الوضع السياسى والأمنى فى أى بلد من البلاد هو أمر شبيه بما استقر عليه علم الطب الحديث من وجود أعراض لمرض معين، إذا ما توفرت تمت عملية التشخيص. بنفس هذا المنطق، كيف يمكن أن تشخص الانقلاب العسكرى؟ بمعنى: ما مواصفات الحدث الذى يمكن أن تطلق عليه لقب انقلاب عسكرى؟
فى معظم الموسوعات العلمية المحترمة تم تشخيص وتحديد ووصف الانقلاب العسكرى على النحو التالى:
«استخدام قوة المؤسسة العسكرية وأفرادها وأسلحتها لإرغام سلطة شرعية مستقرة تحترم الدستور على ترك السلطة وإنشاء سلطة عسكرية بديلة أو تنصيب سلطة بديلة موالية لها».
فى حالتنا المصرية يمكن ملاحظة الآتى:
1- إن حركة الجيش جاءت بعد وليس قبل حركة شعبية وصفت بأنها أكبر تظاهرة احتجاج فى التاريخ المعاصر.
2- إن سلطة الرئيس السابق كانت منتهكة لنص وروح الدستور الذى صنعته فى عهدها وبذلك خالفت التفويض الشعبى الذى أعطى لها.
3- إن الجيش لم يحكم ولم يسمّ أحداً من قادته بديلاً للنظام الذى رحل.
4- إن هناك تعهداً علنياً ورسمياً من النظام الجديد بسرعة الانتقال إلى نظام ديمقراطى كامل بسقف زمنى لا يتعدى تسعة أشهر.
وأهم ما يمكن أن تثيره أحداث ثورة 30 يونيو 2013 فى الفكر السياسى المعاصر هو إعادة تعريف مفهوم الشرعية الدستورية.
هنا يصبح السؤال: هل الشرعية الدستورية هى وصول حكم بشكل شرعى عبر انتخابات نزيهة من خلال دستور شعبى يتم الاستفتاء حوله ثم يتم مخالفة نصه وروحه؟.
وهنا يصبح السؤال: هل الفوز عبر الصندوق الانتخابى يعنى قبول أى شىء وكل شىء من نظام الحكم حتى لو كان فيه تعدٍّ ومخالفة لنص وروح الدستور؟