عماد الدين أديب
كيف تحصل على المعلومة؟
في الإجابة عن هذا السؤال اختصار لكثير من الكوارث والهفوات والارتباكات الشخصية والسياسية والمالية التي يمكن أن تصيب الأفراد والهيئات والدول.
المعلومة الدقيقة الآتية من المصدر المناسب هي «عنصر القوة» في العصر الحالي. في عصور سابقة كانت طاقة الفحم والبخار والكهرباء ثم البترول وأخيرا الطاقة النووية هي سمة العصور التي نحياها، أما الآن فنحن نعيش عصر «المعلومة اللحظية» التي تحكم قراراتنا وحياتنا. وأذكر أنني منذ 8 سنوات تشرفت بحضور «إريك شميدت» رئيس مجلس إدارة شركة «غوغل» العالمية على العشاء في بيتي المتواضع. وأذكر أنني أخذت أرتب له مجموعة من كبار الشخصيات المصرية البارزة في المجتمع كي تحضر على شرف دعوته من المثقفين وأساتذة الجامعة والساسة. وكان أصغر الحاضرين في هذا العشاء ولدي «محمد» الذي كان يبلغ الـ20 من عمره في ذلك الوقت. وبعدما قمت بتعريف كل فرد من الضيوف لإريك شميدت مع نبذة صغيرة عنه تركت الرجل يتنقل بين الضيوف بحرية. وفوجئت بأن شميدت منذ اللحظة الأولى للعشاء ركز كل حواره مع ولدي محمد. ولاحظت أيضا أن الرجل كان يمسك بورقة صغيرة يدون فيها بعض الملاحظات على الحوار مع محمد. وعند الجلوس إلى مائدة العشاء طلب شميدت مني أن يكون مقعد محمد بجانبه حتى يستكمل معه الحوار.
وعند توديع الرجل سألته: أرجو أن تكون قد سعدت بعشائك معنا؟ فرد الرجل في امتنان: «نعم جدا، وسعدت أكثر بالحوار مع ابنك». وبفضول شديد سألته: لماذا ركزت معظم وقتك في الحوار معه؟
أجاب الرجل في ثقة: «إنه زبوني! إنه في السن المناسبة التي يتعامل بها مع غوغل وأعتقد أنه سوف يستمر طويلا معنا لذلك حاولت أن أعرف منه الإجابات الدقيقة والمباشرة حول رضائه عن خدماتنا»!
إن منطق إريك شميدت في البحث عن المعلومة من مصادرها هو ذلك المنطق المفقود الذي يجعلنا لا نعرف من معنا ومن ضدنا، ولا نعرف حقائق الأزمات الكبرى التي نعايشها الواحدة تلو الأخرى. المعرفة هي القوة الحقيقية والمعلومة الدقيقة هي أول الخيط نحو تحليل المسألة المؤدي إلى الحل.
نقلا عن جريدة الشرق الاوسط