عماد الدين أديب
بينما كنت على مقهى في عاصمة عربية، بادرني شاب متحمس مهللا في سعادة بعدة عبارات ترحيب، ودار بيننا الحوار التالي:
الشاب: ألف مبروك، كل سنة وأنت طيب يا أستاذ!
العبد لله: مبروك على إيه؟ ليس عيد ميلادي، ولا توجد مناسبة وطنية أو دينية حتى تبارك لي من أجلها.
الشاب: أتدرك يا أستاذ مغزى تاريخ اليوم؟
العبد لله: بصراحة لا أجد في مفكرتي أي إشارة إلى أي تاريخ مهم.
الشاب: إنها الذكرى العاشرة للغزو الأميركي للعراق!
العبد لله: وأي مناسبة سعيدة تلك يا أخي؟!
الشاب: إنها ذكرى قيام الجيش الأميركي الصديق بتحرير العراق من طاغوت صدام حسين واستبداده.
العبد لله: لم أكن يوما من مؤيدي الاستبداد، وبالذات استبداد «البعث» وصدام حسين ولكن..
الشاب (مقاطعا): ولكن ماذا؟
العبد لله: أنا شديد الاقتناع بأن المشروع الأميركي لغزو العراق وإعادة هيكلة البلاد والعباد هو أفشل مشروع في التاريخ الحديث بعد مشروع هتلر الخاص بغزو أوروبا واحتلال أراضيها والسيطرة على شعوبها.
الشاب: لماذا تصف المشروع الأميركي بالفشل؟
العبد لله: مشروع فاشل وغبي أيضا!
الشاب: فاشل وغبي.. يا ساتر لماذا هذا التحامل؟
العبد لله: لست متحاملا، ارجع إلى الحقائق وسوف تكتشف صدق كلامي.
الشاب: كيف يا أستاذ؟
العبد لله: لقد دفعت الولايات المتحدة من خزائنها ومن أموال دافعي ضرائبها أكثر من تريليون ونصف التريليون دولار تكاليف الحرب والنقل والإمداد والتموين والإعاشة والتسليح والأجور والرواتب.. دفعوا كل هذا المبلغ الخرافي وجاءت النتيجة بتحويل العراق إلى دولة منقوصة السيادة موالية لإيران يحكمها رئيس وزراء متهم بالطائفية.
الشاب: لكن الأمن استتب يا سيدي!
العبد لله: أرجوك بلاش كلام فارغ. إن الناس اليوم في المدن العراقية يترحمون على أيام صدام حسين، حيث لم تكن ذبابة تستطيع أن تطير دون تصريح أمني!
الشاب: والاستقرار الحالي يا أستاذ، هل ننكره؟!
العبد لله: أي استقرار؟ إن الحكومة معطلة، والدولة فاقدة للهيبة، والقوى السياسية تتصرف بشكل طائفي، والحرس الثوري والمخابرات الإيرانية يصولون ويجولون في البلاد بحرية كاملة، والأكراد على وشك إعلان دولتهم، والسُنة في حالة غضب، والشيعة في حالة انصياع لإيران!
الشاب: ألا تشعر بأن الأوضاع تحسنت بأي شكل من الأشكال؟
العبد لله: يكفي أن أؤكد لك أن الذكرى العاشرة للغزو مرت بخسارة 237 قتيلا وجريحا في البلاد، كل سنة وأنت طيب يا عزيزي
نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط!