عماد الدين أديب
بعث المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي برسالة شخصية إلى الرئيس المصري محمد مرسي ينصحه فيها بأن يستوحي الدكتور مرسي نظام ولاية الفقيه في حكم مصر!
وأضاف خامنئي في رسالته أن يدعو الرئيس مرسي والشعب المصري إلى تبني النموذج الإيراني والانضمام إلى ما سماه نموذج الحضارة الإسلامية الجديدة!
يا سلااااام!
هل النموذج الإيراني هو الحل العظيم الذي تسعى إليه دول العالم؟
لقد قامت الثورة الإيرانية منذ عام 1979 وعاصرها منذ 39 عاما أكثر من 200 دولة ولم يقتنع بنتائجها حتى هذه اللحظة نظام رسمي واحد!
ثم تعالوا نستعرض النتائج العظيمة التي عادت على الشعب الإيراني ذاته من نظام الحكم العظيم، حروب إقليمية، وتورط في مشكلات في المنطقة، وانخفاض مستوى الدخل، وأزمات داخلية، وثورات وهبّات اجتماعية تم قمعها، وانعزال تام لإيران عن العالم، ورقابة على الحريات والثقافة ونظم الاتصالات. أين أصبحت إيران بعد 34 سنة من ولاية الفقيه؟
كم من زعيم سياسي اعتقل أو نفي أو هاجر أو غير قادر على العودة أو ضاع في انفجار أو اغتيال سياسي؟
المرأة في إيران مواطن من الدرجة الثانية، والحريات السياسية منقوصة حسب تقارير المجلس العالمي لحقوق الإنسان، والشفافية في المعلومات شبه معدومة، ومعدلات الفساد من المعدلات العليا في العالم.هل هذا هو النموذج الذي تسعى إليه دولة عظيمة في التاريخ والحضارة مثل مصر؟ هل هذا هو الحلم الذي عاش ملايين المصريين يحلمون به عقب ثورة 25 يناير 2011؟ هل قام شعب مصر بثورته من أجل تولية الفقيه؟ أم لإقامة دولة مدنية عصرية ديمقراطية؟!
لقد وصل بالعقل السياسي الإيراني إلى حد من الغطرسة والمكابرة وعشق الذات إلى الحد الذي أطلق فيه الكذبة وصدقها، ووصل به الأمر إلى تصديق أن نموذج ولاية الفقيه هو النموذج الأمثل من أنظمة الحكم المعاصرة الذي يجب الاقتداء به والسعي إلى محاكاته وتقليده في الشكل والمضمون. لم يفكر المرشد الأعلى وهو ينصح الرئيس المصري باتباع نموذج ولاية الفقيه في خصوصية شعب مصر التاريخية، ذلك الشعب الوسطي المعقول، الذي عانى كثيرا من سيطرة كهنة المعبد في الأسر الفرعونية الأولى، ومن طغيان الكنيسة أثناء المرحلة القبطية، ومن بيع المشايخ ذممهم للمستعمر وقت الاحتلال الفرنسي.
لم يفكر المرشد الأعلى أنه على الرغم من وجود الأزهر منارة إسلامية في مصر إلا أن شعب مصر عاش حياته يرفض فكرة الدولة الدينية ولا يعطي أي قداسة لرجال الدين، ولا يعاملهم أي معاملة استثنائية، إلا من قبيل احترام أصحاب العلم والعلماء.يبدو أن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية يسعى إلى تطبيق تجربة فاشلة في دولة تعاني من أحلام ثورية فاشلة!
يا لها من معادلة مخيفة!
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"