عماد الدين أديب
أسهل شيء في أي خلاف سياسي في عالمنا العربي أن يتم اتهام الطرف الآخر بأنه خائن!
خائن بكل درجات الخيانة، خائن للطبقة الاجتماعية، خائن للفقراء، خائن للطائفة، خائن للعروبة، خائن للمبادئ، خائن للوطن، خائن لقيم الشريعة ومبادئها!
وحتى يتم تعظيم فعل الخيانة أصبحنا نصف الاتهام بأنه «خيانة عظمى»! وكأن هناك خيانة صغرى «بيبي» وهناك خيانة كبرى «مثل الفيل»!
وأخطر ما في اتهام إنسان أو إنسانة بالخيانة هو أنها صفة يصعب للغاية إثباتها بالدليل.
لا حكمة، ولا أمل!
تلك هي الأزمة، وتلك هي المسألة التي يتمحور حولها حال العقل المصري السياسي هذه الأيام.
إذا قمنا باستطلاع حر وعلمي للرأي في شوارع وأزقة المدن والقرى المصرية وسألنا الناس سؤالا واحدا: هل تعتقد أن غدا أفضل من اليوم؟
فماذا تتوقعون أن تكون الإجابة؟
وتزداد المسألة خطورة إذا سألنا السؤال بشكل أكثر خبثا وقلنا: هل تعتقدون أن أوضاع البلاد والعباد كانت أفضل أو أسوأ مما عليه الآن؟
الثورات وقودها الأمل؛ لأنها عمل استثنائي يخرج على قواعد الحسابات التقليدية، إنها تحطيم لقواعد وضع مستقر يهدف تغييره إلى الأفضل.
المشكلة ليست أن تصاب الجماهير باليأس ولكن أن يتسلل ذلك إلى صانع القرار، والأخطر أن يرسخ ذلك في عقل المعارضة التي من المفترض أن تسعى إلى إصلاح النظام وتغييره عبر الوسائل الديمقراطية المشروعة.
من هنا أسأل 4 أسئلة ولا أبحث عن إجابة لها بل أكتفي أن أتركها بين أيديكم:
1) هل يشعر صانع القرار - حقا - داخل نفسه أن غدا سيكون أفضل من اليوم؟
2) هل يشعر رجل الشارع أن الوضع الحالي أفضل أو أسوأ من العهد السابق؟
3) هل تعتقد المعارضة أنها قادرة على قيادة البلاد والعباد إلى مجتمع أفضل بكل المقاييس؟
4) هل تؤمن المعارضة، وهل يمكن الحكم أن بإمكانهما التشارك والتعاون في إدارة شؤون البلاد؟
إذا كانت الإجابات على ما سبق إيجابية فنحن بإذن الله بخير، وإذا كانت سلبية فنحن - لا قدر الله - في طريق الهلاك!
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"